اثنى عشر عاماً هي الفارق بينهما عمراً.. فسوار الذهب من مواليد الأبيض في عام 1932م. أما عمر البشير فهو من مواليد عام 1944م بضاحية حوش بانقا. انتمى الاثنان لبيتين يقنعان بالبسيط من الرزق دون ضجر فكانا من القانعين برزق العمل والكسب. يشترك الاثنان في مشتركات ثلاثة جعلتهما شبيهَين في حياتهما، الأولى عملهما قبل ولوجهما الكلية الحربية السودانية فسوار الذهب عمل في إجازات المدارس شأنه شأن كل أبناء السودان الطلاب الذين هم في عمره. أما عمر البشير فقد عرف الناس جزءاً من تفاصيل حياته في حوار تلفزيوني في التسعينيات إذ صرَّح بالقول إنه عمل كعامل بناء أيام إجازات المدارس مثله مثل أبناء الأسر السودانية التي تمكَّنت من تربية أبنائها في جانب الاعتماد على النفس منذ الصغر. الثانية انتمائهما للمؤسسة العسكرية برغبة صادقة فسوار الذهب انتمى إليها في فبراير 1953م ليتخرج فيها في عام 1955م. ليلتحق عمر البشير بها في عام 1964م ليتخرج في عام 1966م. الاثنان عملا بعدد من الوحدات العسكرية فكانت دارفور هي محطة عملهما في فترات مختلفة. الثالثة هي عدم إحساسهما بأنهما من الممكن أن يكونا من قادة الدولة في يوم ما. وهو أمر لا يستطيع شخص تحديده لنفسه فعلام الغيوب ومالك الملك هو من يختار من عباده من يكون قائداً أو رئيساً، فرئاسة الدولة أتت طائعة مختارة لهما، ففي حين وجد سوار الذهب نفسه الشخص الأول في الدولة قبل 6 أبريل 1985م. وحقناً لدماء الشعب تسلم السلطة في حكومة انتقالية لعام واحد فعمر البشير كان قد وقع الاختيار عليه من قِبل العسكريين والمدنيين لاستلام السلطة في يونيو 1989م. الخافي على غالبية السودانيين جزء يسير من شخصية الرجلين وهو سرية ما يقوم به الاثنان من حل لمشكلات البعض المستعصية وذلك منذ سنوات بعيدة قبل تسلمهما السلطة. ومما يحكى عن سوار الذهب أنه حين عمله لدولة قطر كخبير عسكري كان يرسل مبالغ مالية لبعض من معارفه مساعدة لهم في تربية أبنائهم. أما في جانب حياته الشخصية فهو أحد الذين لم يصدوا شخصاً يطلب حاجة البتة وهو ما جعله رجل الشدائد الذي يهرع إليه الناس ساعتها. في جانب حياة عمر البشير تبرز حالة سؤاله الدائم عن بعض الشخصيات التي عملت معه في عدد من المواقع ضباطاً كانوا أم جنوداً. زائداً ما جعله في حركة دائبة أيام رمضان والعيدين الفطر والأضحى في زيارات لمعارفه وأهله. يحكى عنه أنه قام بحل الكثير من المشكلات الأسرية الخاصة بجنوده أيام عمله ضابطًا بالجيش لدرجة مساهمته مالياً في جوانب حلها. ربما كانت السطور التالية تحمل بين كلماتها ما يجعل الرئيس البشير في حرج من إيرادها وهي تتلخص في تزويجه لعدد من معارفه ومساهمته في استقرار الكثيرين ممن رق حالهم. أما أكثر ما يجعل المرء يفخر برئاسة الاثنين للدولة فهو تنازل المشير سوار الذهب في الموعد الذي حدده للحكومة المنتخبة وهو ما جعل العالم يقف احتراماً له لموقفه التاريخي. قد لا يعلم الناس أن (برنامج الراعي والرعية) الذي يبدأ في كل رمضان ما هو إلا برنامج بدأه الرئيس البشير بنفسه دون معرفة وسائل الإعلام له. وحين معرفة الجميع لزياراته السرية لرموز المجتمع ودفعهم معنويًا ومالياً وتكاثر الحديث حول جلائل هذا العمل كان القرار الرئاسي يجعل هذه الزيارات جزءاً من برنامج مؤسسة الرئاسة سنوياً لرموز المجتمع. الاثنان تنطبق عليهما مقولة أهلنا السودانيين الخالدة (التربية الطيبة تنتج أبناءً صالحين لمجتمعهم) فها هما المشيران اختلف الناس معهما أم اتفقوا فهما في نظر الجميع من قادة السودان اللذين ستظل سيرتهما خالدة لما قدماه للمؤسسة العسكرية وحلاً لمشكلات الكثيرين بصورة غير رسمية. أدام الله لهما الصحة وألبسهما الله ثوب العافية لما قدماه للدولة وشعبها.