خبراء استراتيجيون: سد النهضة الإثيوبي سيزيد الرقعة الزراعية في السودان تقرير: فتحية موسى السيد اسدل الستار في أديس أبابا على المباحثات المصرية الإثيوبية بين وزيري خارجية البلدين حول أزمة «سد النهضة» الذي تقيمه إثيوبيا على نهر النيل، وقالت مصر إنه سيخصم من حصة مياه النيل لكل منها والسودان، وفى بيان مشترك عقب اجتماع ضم وزيري خارجية البلدين أكد أن الجانبين توصلا لاتفاق يتم بمقتضاه إطلاق مشاورات على المستويين السياسي والفني بمشاركة السودان الذى حسم موقفه الخبراء المختصون بعدم تأثر السودان بهذا السد من قريب او بعيد، ونسبة لتطبيق توصيات لجنة الخبراء الدولية المعنية بالسد، وبتأكيد وزارة الخارجية الإثيوبية على التزامها بنهج تحقيق المكاسب للجميع كأساس للتعاون المشترك، وحول هذا الخصوص زار وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو السودان قادماً من أديس أبابا للتنسيق بين مواقف البلدين حول أزمة السد الإثيوبي واطلاع المسؤولين بالخرطوم على نتائج الاتفاق مع أديس أبابا. وكان الرئيس المصري محمد مرسي قد أعلن قبل أسبوعين أن «جميع الخيارات مفتوحة» للتعامل مع إثيوبيا، وأكد له أن «سد النهضة» سيستخدم لأغراض توليد الطاقة ويتم بناؤه بأسلوب يأخذ في الاعتبار الشواغل الخاصة بالأمن المائي السودانى والمصري، وأعقبت إثيوبيا ذلك بتصريحات وخطوات عملية فى ذاك الاتجاه فى اليوم الذي حددته، واعلنت ان السودان لن يتضرر من خطوة إثيوبيا فى اطار إنشاء سد النهضة وتغيير مجرى النيل الازرق، بل العكس فإن فكرة السد قائمة على توليد الكهرباء التي سيستفيد منها السودان كثيراً، اى بمعنى ان الفائدة ستعم، وذلك عبر الكهرباء التى تساعد فى نهضة كثير من المشروعات الزراعية وسبل تطويرها فى السودان. إذن ما هي السيناريوهات المحتملة بين الدول الثلاث؟ وهل زيارة وزير الخارجية المصرى قد انهت الجدل القائم؟ «الإنتباهة» وضعت هذا اللغط على طاولة الخبراء والمحللين السياسيين من خلال هذا التقرير. ٭ جانب طبيعي وسياسي: المحلل السياسى البروفيسور حسن الساعورى فى حديثه ل «الإنتباهة» قال إن انشاء سد النهضة يكمن فى محورين أساسيين يترتب أثرهما فى السودان وبصورة مباشرة، أحدهما طبيعي والآخر سياسي، الطبيعى يتلخص فى الآتي: فى حالة حدوث زلزال والمنطقة معروف عنها انها تقع فى المناطق البركانية، ربما يؤدى ذلك الى اغراق السد برمته، وهذا احتمال، وبالتالى يجب توخى الحذر فقط من تلك الزاوية، وهذا هو الجانب الطبيعى، اما عن السياسي فنجد أن النيل الأزرق سعته 85% من مياه النيل، وعندما تنشئ إثيوبيا السد وعمل بوابات وعند فتح «البلف» او اغلاقه، اما عن السياسية فيجب ان تكون ادارة السد مشتركة بين السودان ومصر وإثيوبيا، اى اتفاق ثلاثى، والادارة مشتركة وتعلم كل من تلك الدول متى تفتح البوابات ومتى تغلق. ٭ إنشاء السد لا يمثل ضرراً للسودان وفى السياق ذاته كان للسفير عثمان السيد رأي مغاير فى حديثه ل «الإنتباهة» بعدم وجود أية آثار سالبة على السودان بإجماع كل الخبراء فى مجال الرى، بأن انشاء هذا السد لا يمثل أية خطورة على امدادات المياه على السودان، لأن الغرض من انشاء السد هو الكهرباء وعمل تحويلة بسيطة ولف تروبينات الكهرباء وعودة المياه الى النيل مجدداً، وإثيوبيا لا تحتاج الى كميات اضافية من مياه النيل الازرق، وهى اكثر الدول الافريقية لديها وفرة فى المياه، ولا يمكن التفكير فى استغلال تلك المياه او حجزها. وسلفاً نجد النيل الأزرق يأتى من الجبال، وكل ما فى الامر هو تحويلة بسيطة. اما عن المخاوف التى عبر عنها بعض السودانيين فليس له اى اساس. وتصريحات السفير فى القاهرة في اليوم التالى مباشرة قامت وزارة الخارجية بنفيهاً، واضافة الى أن تصعيدها لجامعة العربية غير وارد وغير مسؤول، لأن قضية مياه النيل قضية افريقية فى المقام الاول، سواء كان النيل الابيض او الازرق وليس لجامعة الدول العربية فعل اى شيء او اتخاذ اجراء بهذا الصدد، علاوة على ذلك ينبغى علينا معالجة المشكلات الافريقية ان وجدت فى الاطار الافريقى، لأن مواقف الدول الإفريقية مع السودان سواء أكان عبر الاتحاد او الايقاد وغيره كانت مواقف متقدمة جداً مقارنة بالدول العربية، فقضية مياه النيل افريقيا بحتة، فلماذا نقحم جامعة الدول العربية فيها، وقال إن السودان ومصر اعضاء بالجامعة، لكن قطعاً من المؤسسين أيضاً فى منظمة الاتحاد الافريقى، وعلى سبيل المثال نعود الى مسألة الجنائية، وموقف الافارقة كان متقدماً جداً، اما الجامعة العربية حتى الآن مترددة فى اتخاذ اى قرار بصدد الجنائية الدولية، لذلك ارى عدم المخاطرة بعلاقاتنا الافريقية، ولفت الى فتح جميع القنوات بين السودان واثيوبيا على كافة الاصعدة، سواء أكان ذلك على مستوى رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء الاثيوبى، وايضا هناك تنسيق على مستوى وزارتي الخارجية والدفاع، اضافة الى اجهزة الأمن فى البلدين، ولدينا عدة لجان، ولا يجوز أن نستعدي اثيوبيا اطلاقاً. وأشار السيد مكرراً إلى أن المخاطرة والمجازفة بعلاقتنا مع اثيوبيا حديث غير مسؤول، وعن الضجة الحادثة الآن فإن السودان بعيد من اى ضرر، بل العكس انشاء هذا السد سيوفر الكهرباء، ولو تم ذلك فإنه سيزيد المساحات المزروعة فى السودان، ومصر هى المستفيدة من مياه النيل، والسودان حتى الآن لم يستفد من حصة مياه النيل واتفاقية 1959م حتى الآن، وربما يكون الضرر لمصر أكبر. ٭ إثيوبيا بوصفها دولة منبع لا يعني ذلك ملكيتها للمياه: طالب د. حامد التيجاني الخبير بمركز السودان للبحوث والدراسات الإستراتيجية ل «الإنتباهة» بخصوص الأزمة الناتجة عن قرار دولة إثيوبيا بتحويل مياه النيل الأزرق للبدء فى إنشاء سد النهضة، طالب بسرعة التحرك على كل المستويات الدولية والإقليمية، وتوحيد الموقف السودانى والمصرى تجاه هذا الأمر، وإعدد ملف متكامل تضعه نخبة من المتخصصين فى هذا المجال ليشمل كل جوانب القضية على مستقبل البلاد، وبيان الحقوق التاريخية للسودان وحصته من مياه النيل، وقال إن وجود إثيوبيا بوصفها دولة منبع لا يعني ملكيتها للمياه الموجودة بالبحيرة، ودعا إلى إجراء حوارات مطولة مع كل دول حوض النيل خاصة إثيوبيا، والبدء فى تنفيذ مشروعات مشتركة تعود بالفائدة على كل دول المنبع والمصب، وأن تقوم الحكومة بوضع خطة عاجلة بمشاركة كل القوى السياسية والشعبية لاستعادة دور السودان الإفريقى، بدلاً من تصعيد الأمر إلى جامعة الدول العربية وهى أبعد ما تكون عنا، وألا نترك المجال للكيان الإسرائيلى للاستئثار بهذه الدول ومحاربتنا من خلال التحكم فى مياه النيل الذى يعد عصب الحياه لكل من السودان ومصر. ٭ ليس هناك تأثيرات سلبية: وأشار مسؤول سيادي في العلوم الإستراتيجية ل «الإنتباهة» الى عدم وجود أية مشكلة او تأثير على السودان ومصر من الموقف الإثيوبي، حيث أنه لا يوجد خطر حقيقي على السودان من ناحية الاتجاه الجنوبي الاستوائي، بسبب أن ما تحصل عليه مصر هو فقط من حقها التاريخي واستخداماتها الحالية، كما أن الطبيعة «الطبوغرافية» وطبيعة تكوين النهر من عدة أفرع وضعف معامل الانحدار تجعل من الصعب إنشاء مشروعات كبيرة، حيث لا يأخذ النيل شكله المعروف إلا عندما يبدأ في الخروج من أراضي دولة جنوب السودان متجهاً نحو الشمال الى النيل الأبيض، وفي الوقت نفسه فإنه في حالة إقامة أية مشروعات في هذه المنطقة، فإن نسبة تأثيرها على السودان تكون ضعيفة، بمعنى أن أي مشروع جديد سوف يستخدم في هذه المنطقة فإن تأثيره هو تقليل حصتها بمقدار مليار متر مكعب واحد، وذلك بخلاف نسبة التأثير لمشروعات الهضبة الإثيوبية، وينتظر الجميع تقرير اللجنة الثلاثية التي تم تشكيلها بالاتفاق بين دول مصر والسودان وإثيوبيا لدراسة التأثيرات السلبية المحتملة على حصص كل من السودان ومصر جراء بناء سد النهضة الإثيوبي، وهذه اللجنة تتكون من ستة أعضاء محليين، «اثنان من كل من مصر والسودان وإثيوبيا» وأربعة خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية والأعمال الهيدرولوجية والبيئة والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود، لأن السد سيكون على منحدر شديد الوعورة، حيث إنه سيُبنى على فالق جيولوجي يجعل القشرة الأرضية تتعرض لتشققات ستؤدي إلى انهيار السد الذي سيؤدّي إلى إغراق المساحات ما بين الخرطوم وصولا إلى السد العالي في الشمال عند أسوان.