بات جليًا أن سيناريو استهداف السودان من جهة مجلس الأمن الدولي، لم يعد مجالاً للمغالطات السياسية والإعلامية كما تبدو المشاهد المتواترة والتي آخرها المطالبة الأممية بالتفاوض مع قطاع الشمال تحت سطوة القرار الأممي الأخير ضمن ما صدر في حق السودان من قرارات في مجملها مجافية للواقع وبعيدة عن قيم العدالة الدولية وآخرها القرار «2046» الذي ساوى فيه بين الجاني والمجني عليه، هذا القرار اعتبره مراقبون مليئًا بالعيوب والثغرات والتآمر ضد السودان، وفي الوقت نفسه نعتبره استخفافاً بميثاق الأممالمتحدة، وقد نجد الأخيرة دائما تستبق إصدار القرارات دونما اكتراث على السودان سيما بعد التطورات الأخيرة التي صاحبت الهجوم على كل من أم روابة وأبو كرشولا من قطاع الشمال مما حدا بحكومة السودان لوقف التفاوض مع قطاع الشمال وتعليق كل الاتفاقات المبرمة بين دولتي السودان وجنوبه بما فيه قرار إيقاف ضخ النفط، ومن الغرابة تمادي القوى الإقليمية والدولية بما فيهم الأممالمتحدة والضغط على حكومة السودان وإلزامها بالتفاوض مع قطاع الشمال وممارسة أسلوب «لي الذراع» كما وصفه وزير الإعلام الدكتور أحمد بلال في حديثه ل «الإنتباهة». القيادي بالمؤتمر الوطني د: ربيع عبد العاطي، يرى في حديثه ل «الإنتباهة» أن الغرض فى المقام الأول من كل تلك التحركات هو تفتيت السودان وتقسيمه إلى دويلات عبر مخطط ينفذه قطاع الشمال في ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، وأوضح عبدالعاطي أن المعارضة والجبهة الثورية قطاع الشمال يسعون بشدة للتآمر ضد هذا الوطن واصفًا إياهم بالجماعات المجرمة التي تنفذ أجندات خارجية خبيثة، موضحًا أن هذه المخططات تتطلب المواجهة وترتيب الجبهة الداخلية بجانب إنشاء قوات للتدخل السريع، واعتبر الحوار والتفاوض مع قطاع الشمال «خديعة» مشيرًا إلى ضرورة تقييم وتقويم مسار التفاوض. لتفويت الفرصة على المتربصين بها بعقوبات وحظر واستهداف بالتفتيت، وأنه في حد ذاته حجر عثرة على السودان في تجاوز للشرعية الدولية لنص القرار «2046» الصادر عن مجلس الأمن وأيضًا يرى أن اتفاق نافع/عقار أرضية للتفاوض بين الطرفين. فيما يرى تيار آخر ضرورة رفض وتمسك السودان بعدم التفاوض حتى التأكيد على عملية فك الارتباط بالجنوب من خلال إخلاء سبيل الفرقتين التاسعة والعاشرة في النيل الأزرق وجنوب كردفان.. بعض التحليلات تذهب إلى أن رفض الخرطوم الهدف من ورائه الإصرار حتى آخر لحظة على أن التفاوض مع قطاع الشمال يجب أن يسبقه فك الارتباط مع جوبا وهو ما يتيح للخرطوم حسم ملف الترتيبات الأمنية. أستاذ القانون الدولي شيخ الدين شدو قال ل «الإنتباهة» إن قرار مجلس الأمن الأخير «2046» به إجحاف واضح للسودان لأنه لم يُلزم الطرفين مشيرًا إلى أن المجلس يعمل تحت مظلة وتأثير القوى الكبرى، وأضاف أن القرار استهداف للسودان بشكل مباشر دون الجنوب، وهذا تآمر واضح متسائلاً: لماذا يطالب السودان بمفاوضة قطاع الشمال ولم تطالب جوبا بمفاوضة متمرديها؟ وذهب شدو إلى أن الأمر لم يكن مقتصراً على هذا الحد بل اعتبر القرار «قطاع الشمال» دولة ثالثة في فقرة تحذيرية بإنزال العقوبات على السودان دون الجنوب أو قطاع الشمال.. والأصل أن العقوبات معني بها الطرفان. ورغم أن رئيس وفد السودان المفاوض مع قطاع الشمال بروف غندور ذكر أن المجتمع الدولي أشاد ولأول مرة بموقف السودان المستند إلى مرجعيات قانونية مثل اتفاقية السلام الشامل وبروتوكول المنطقتين ومرجعيات أخرى دولية مثل «القرار 2046» ومرجعيات إقليمية مثل قرارات الاتحاد الإفريقي المتمثلة في مجلس السلم والأمن الإفريقي، إلا أن الاستهداف يظل قائمًا. وأضاف غندور أن «الدولة تتعامل بمنهج حسم المارقين والخارجين وفي ذات الحين تعمل على إكمال السلام بالتفاوض» إلا أن الحركة الشعبية تكيل بمكيالين. وقد برز هذا من خلال دعوة واشنطن د/نافع للتباحث حول تعليق الاتقافات في وقت أعلن فيه نائب المبعوث الأمريكي للسودان لاري أندري تعليق الدعوة الموجهة لمساعد رئيس الجمهورية د. نافع علي نافع لإجراء مشاورات بالعاصمة الأمريكيةواشنطن عقب قرار الخرطوم تجميد اتفاقيات التعاون مع جوبا، وقال لاري أندري الذي دافع عن الدعوة خلال جلسة مجلس النواب الأمريكي بشأن حالة حقوق الإنسان في السودان أمس، إن الدعوة هدفها إيصال رسالتنا لأعلى مستوى لصانع القرار في الخرطوم، وقال نائب المبعوث الأمريكي: «عندما دعونا د. نافع في مارس الماضي قدمناها في محاولة لعمل كل ما يجب لإنهاء النزاعات بالسودان». ويرى مراقبون أن قرار مجلس الأمن الدولي أفضل من قرار الاتحاد وقالوا إن للقرار زوايا إيجابية أهمها إلزام الطرفين بالترتيبات الأمنية وإذا استطاع القرار «2046» حل مسألة الترتيبات الأمنية وتأمين الحدود فإنه بذلك يحل مشكلات عديدة أهمها قطع الدعم عن الحركة الشعبية قطاع الشمال إذا تم إنشاء الآليات التي نص عليها الاتفاق، بيد أن الحكومة مازالت متمسكة بموقفها وأمر التفاوض المقبل سيذهب مع الريح.