المتابع لبرنامج التيارات الإصلاحية داخل المؤتمر الوطني، يجد أنه دائماً يرتكز بشكل أساسي على ضرورة العودة إلى المرجعية الإسلامية التي قامت عليها «الإنقاذ»، ويتحدث عن الفساد داخل أجهزته. ولقد أثارت المذكرات التي قدمها عدد من مسؤولي المؤتمر الوطني لإجراء الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي داخل الحزب، جدلاً واسعاً في الساحة السياسية، حيث أنهم قاموا بمبادرة للإصلاح تتعلق بالإصلاح بمختلف أنواعه ومعالجة قضايا البلاد والأزمات الماثلة. ونادت بضرورة الإصلاح وإحداث تغييرات في الحزب والحكومة وإتاحة الفرص لظهور أوجه جديدة في الحكم. حيث طالبت قيادات في الحزب بضرورة التغيير أمثال قطبي المهدي في حواره مع «الشرق الأوسط» بضرورة التغيير والتطوير والعمل على إحداث إصلاحات تتمثل في ذهاب المسؤولين الذين قضوا ربع قرن على كراسي السلطة، متفقاً معه في الرأي دكتور غازي صلاح الدين القيادي البارز في المؤتمر الوطني الذي أثار تساؤلات عقب مؤتمر الحركة الإسلامية، وأجاب عنها المراقبون بوصفه من القلائل الذين يدلون بآرائهم صراحة دون مواراة، مردداً لا بد من إصلاحات عاجلة في بنية الحكومة وإخراجها من مستنقع الفساد الذي استشرى في الأجهزة الحكومية. ووردت تقارير نُشرت أخيراً تؤكد رغبة الحزب للسيطرة على الحركة الإسلامية واستخدامها لمحاربة المؤتمر الوطني خاصة أن هنالك تياراً شبابياً ينادي بإتاحة الفرص وظهور أوجه جديدة في الحكم مستندين بمقولة القيادي بالمؤتمر الوطني دكتور قطبي المهدي، «الإنقاذ دواء جيد لكنه فقد صلاحيته»، مما أدى ذلك إلى انتقاد حامد صديق الذي تولى العمل التنظيمي بالحركة الإسلامية، انتقاد قيادات من المؤتمر الوطني بمحاولات تذويب الحركة الإسلامية وتغييبها لصالح الحزب، الذي يعتبره صديق الابن الشرعي للحركة ولا يجب الخروج عن أهدافها، كما أن شعار البرنامج الإصلاحي داخل المؤتمر الوطني رافضاً لظاهرة الكنكشة السياسية، واصفاً لها أنها ظاهرة غير حميدة. مؤكداً أن التجارب التي لا تفسح المجال لقيادات شابة ولا تخضع لتجديد الدماء ستنهار على المدى القريب وليس البعيد، والمراقب لبرنامج الإصلاح داخل الوطني يبدو أنه تغير هذه المرة، وظهر بصورة وبرامج جديدة وذلك برفضه لمصادقة المجلس الوطني لقرض ربوي كويتي بقيمة «25» مليون دينار كويتي يتضمن فائدة سنوية «2%» ربا خاصاً بمشروع للولايات الشرقية، وجاء هذا الرفض من تيارات إسلامية رافضة لهذا القرض باعتبار أن هذا انحراف عن الشريعة ويجب إصلاحه. وقال الأمين العام لجبهة الدستور الإسلامي ناصر السيد للزميلة «المجهر» إن التيارات الإسلامية بصدد رفع مذكرات إلى رئيس الجمهورية عمر البشير ووزير المالية لمناهضة القرض الربوي، مضيفاً أن القروض الربوية حرام قطعاً، مشيراً إلى أن هنالك استهتاراً في إجازة مثل هذه القروض، وليست هنالك ضرورة، وطالب الناطق الرسمي باسم مبادرة «سائحون» هيئة علماء السودان أن تتخذ موقفاً قوياً وشجاعاً، وقال إننا نرتب لوقفة احتجاجية أمام البرلمان. الجدير بالذكر أن مبادرة «سائحون» مثلت وقفة احتجاجية شهيرة أمام القيادة العامة للقوات المسلحة لفتح باب الزيارات لأسر المعتقلين، وهذ المطلب رضخت له حكومة الخرطوم بعد يومين فقط، فهل يستجيب البرلمان لرفض التيارات الإسلامية لهذا القرض. وفي هذا الصدد تحدث ل «الإنتباهة» دكتور عبد الوهاب عثمان المحلل السياسي ذاكراً أن مسألة القضايا الربوية مأخوذة بمعنى ربوي «100%»، أما مسألة الوقفة الاحتجاجية للتيارات الإسلامية أمام البرلمان هي نوع من المظاهر على أساس أنهم محافظون على قواعد الشريعة، ويريدون عكس ذلك للجمهور. فالموضوع موضوع شك وفيه ملابسات وليس قرضاً ربوياً بنسبة «100%»، وهو موضوع شك بين الاثنين، فالقرض ليس ربوياً فهو مثل أي قرض يتم أخذه من البنوك، إنما هو محل شك إضافة إلى ما تقتضيه عملية فقه الضرورة لما يجري لما هو مستهدف من أن يكون مردوداً لعملية القرض، ويجب على التيارات الإسلامية أن لا تستغل هذا الموضوع.