يقال إن قيس بن ساعدة وأكثم بن صيفي اجتمعا فقال أحدهما لصاحبه كم وجدت في ابن آدم من العيوب؟ قال: هي أكثر من أن تحصر وقد وجدت خصلة إذا استعملها الإنسان سترت جميع عيوبه، قال: ما هي قال حفظ اللسان... الكشف عن عيوبك أمام الآخرين هل يوافق عليه الفرد؟ وكيف يمكن تقبل الأمر برحابة صدر وكيف ينظر علم النفس إلى مثل هذه الشخصية والعديد من التساؤلات التي حاول البيت الكبير الإجابة عنها إحصاء للعيوب صمتت «سعاد» الطالبة بجامعة السودان قليلاً ثم قالت إن الإنسان بطبعه فُطر على متابعة عيوب غيره متناسيًا أو محاولاً إخفاء عيوبه، فالعيوب تُخلق مع الإنسان كما الحسنات وهي طبيعة البشر، والمجتمع اليوم للأسف يزخر بمن يشغلون أنفسهم بعيوب الآخرين متناسين أنفسهم، ولو حاول كل فرد منا إحصاء عيوبه لبقي في نفسه منشغلاً ونسي عيوب الآخرين وفي اعتقادي أن خير وسيلة لكشف العيوب هي النفس وهي بمثابة ميزان حرارة حقيقي لتتبع عورات النفس وتجنيبها الوقوع في الأخطاء وليس هناك شخص كامل فكل منا لديه من الأخطاء والعيوب والذنوب ما تنوء بحمله الجبال، ولو شغل نفسه بها لكان أولى وأجدر به من الاهتمام بعيوب الناس، وعن نفسي أُوافق على كشف عيوبي ولكن بشرط أن يكون الشخص الآخر تربطني به صلة الصداقة أو القربى حتى أتقبل الأمر برحابة صدر. أمرٌ صعب ويرى الأستاذ أحمد مامون المحامي أن الاعتراف بعيوبك أمام الآخرين من أصعب وأقسى الأشياء على النفس البشرية وعلى الشخص الذي يجد نفسه في مثل هذا الامتحان أن يختار الزمان والمكان المناسبين وإلا فلن تكون ردة الفعل جميلة، فالإنسان بطبعه يميل إلى من يمتدحه ويثني ولكن لو اقتنع كل منا بأنه ليس معصومًا من الخطأ فلن يخجل من البوح بعيوبه أمام الآخرين حتى ولو بصوت عالٍ وعلى كل شخص القبول بكشف عيوبه لأنه لا يرى نفسه إلا من خلال الآخرين. نوع من الإحراج ويوافقه في الرأي أسامه عبد الله، قال: عن نفسي لا أمانع من مواجهتي بعيوبي لكن بشرط أن يتم ذلك بعيدًا عن أعين الغير أي بمعنى أن يتم الأمر بيني وبين الشخص الذي يريد أن ينصحني وقديمًا قيل «رحم الله امرأً أهدى إليَّ عيوبي» ولكن للأسف الكثيرون لا يعرفون هذا التعامل ويصرون على إحراجك أمام الغير بكشف عيوبهم وهي من الأشياء غير المقبولة لأن النفس البشرية تميل إلى الثناء والمدح أمام الآخرين وقد قال الإمام الشافعي «لسانَك لا تذكر به عورة امرئ فكلك عورات وللناس ألسن» ولو اقتنع كلٌّ منا بأنه لا يوجد شخص كامل فلن نتعب من الاعتراف بعيوبنا أو الكشف عنها أمام الآخرين. الشفافية مطلوبة وتؤكد صفاء السر «موظفة» أن الكشف عن عيوب الآخرين من أسهل الأشياء وذلك من خلال الاحتكاك والتعامل فكلما كان الإنسان أكثر شفافية في تعامله مع الغير لم يصعب عليه الاستماع إلى صوت الغير ولذلك بالنسبة لي عيوبي واضحة وأبادر بالإفصاح عنها مع كل أصدقائي حتى لا يقع بيننا اصطدام في التعامل، ولا أقول دائمًا أكون صريحة مع الآخرين وأكشف عن عيوب لهم ومع كل ذلك لا أغضب إذا أخبرني أحدهم مثلاً بأنني سريعة الغضب أو ما شابه ذلك، ومن المؤكد أن الناس الآخرين يرون أشياء لا نراها نحن في أنفسنا ولكن كل ما يقلق الناس فينا هو عيب ويجب أن نعي ونعترف به ونحاول التغلب عليه. رأي علم النفس الأستاذة سعاد قنديل المتخصصة في علم النفس قالت: ينشأ الإنسان على فطرته وعلى التنشئة السليمة منذ الصغر فإذا كان والداه قد غرسا فيه الاعتراف بالخطأ أمام نفسه فقد يكون مثل هذا الشخص يسهل عليه تقبل النقد والكشف عن عيوبه دون حياء وهو شخصية تسمى في علم النفس الشخصية السوية، والاعتراف بالعيوب به نوع من الثقة بالنفس وعدم الخوف من المواجهة، فالنفس لها دور بارز ومهم في عملية اتخاذ القرارات.