يا الناسين ضميركم وما طارين عذابه... يوم الحق هناك يوم واقفين في بابه... يوم يسألكم الله يا الناسين حسابه هذا الشعر الذي كتبه إسماعيل حسن لم يكن يخطر بباله أنه سينطبق يوماً على ولاية الخرطوم في استهانتها بحقوق المحرومين. في تقاطع شارع القصر وشارع البلدية توجد قطعة أرض مليارية. وهي أرض وقفية يملكها، وفقاً للشريعة، الموقوفة لهم من الفقراء والأيتام والمحرومين. ولكن بدلاً من أن تعطي ولاية الخرطوم الحقّ لأهله، أقامت عليها مبنى وزارة المالية ولاية الخرطوم!. القطعة رقم (1) مربع 1/ ه شرق الخرطوم تبلغ مساحتها (3301) متر مربع، في شارع القصر تقاطع شارع البلدية، تشغلها اليوم وزارة المالية ولاية الخرطوم، والتي كانت تُعرف سابقاً ب (نادي ناصر). هذه القطعة أرض وقفية حسب ما تمخض عن الدراسات التي قامت بها هيئة الأوقاف مع مصلحة المساحة. تجدر الإشارة إلى أن من شروط الوقف الشرعية أن يكون مؤبَّداً وأن لا يباع ولا يوهب ولا يورث. ومن البديهي وفقاً لذلك المعيار العادل ألا يُنتزع الوقف من أيادي أصحابه. وقال العلماء شرط الواقف كنصّ الشارع. ولم يعرف تاريخ السودان حتى في عهود الإدارة الأجنبية، تغوُّلاً على أراضي الأوقاف. ولم يعرف تاريخ السودان نزعاً أو مصادرة للأوقاف، مراعاة لحرمتها الشرعية ومشاعر المسلمين وحفاظاً لحقوق الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل وطلبة العلم الذين أُوقفت الأوقاف من أجلهم. تشييد مبنى وزارة المالية على تلك الأرض الوقفية، مصادرة لحقوق أصحابها الحقيقيين من الفقراء والمساكين وذوي الحاجة. الأوقاف ليس من حق الحكومات أن تملكها أو أن تديرها، فهي هيئة مستقلة لها شخصيتها الذاتية. ذلك فضلاً عن أن تأتي حكومة من الحكومات اتحادية أم ولائية، لتقيم على أرض الأوقاف مبنى وزارة من وزاراتها. ولاية الخرطوم تعلم أنّ قانون ديوان الأوقاف لسنة 2008م ألزم الديوان باسترداد جميع الأراضي الوقفية التي تستغلها الجهات الحكومية اتحادية أم ولائية. على ولاية الخرطوم بدلاً من التمتع بمال الفقراء والمساكين، أن تحدِّد مع ديوان الأوقاف قيمة إيجار الأرض الوقفية، وأن تسدِّد لديوان الأوقاف القيمة. على ولاية الخرطوم توقيع عقد إيجار للقطعة الوقفية. عقد يتراضى عليه الطرفان، ولاية الخرطوم وديوان الأوقاف. كما يجب أن تتفق ولاية الخرطوم مع ديوان الأوقاف على إخلاء موقع وزارة المالية شارع القصر بأعجل ماتيسَّر، حتى يصبح من الممكن استثمار الموقع الذي يقع في (مركز الخرطوم)، بما يحقق عائداً مجزياً يعود إلى أصحاب المصلحة الحقيقية.أيضاً من صميم المسؤولية تطوير الوقف وزيادة عائداته. لكن هل تسمح ولاية الخرطوم بذلك. لا مسوِّغ قانوني أو أخلاقي يسمح لولاية الخرطوم بتعطيل مصالح الفقراء والمساكين، الذين بدلاً من أن تكون عوناً لهم ، صارت عوناً عليهم. بدلاً من أن تدعم ولاية الخرطوم الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل والمساجد، أصبحت تنتزع حقوقهم الشرعية. وذلك ما يهزم حماس الأخيار للمكارم، ويحبط المحسنين الواقفين، فينتج عن ذلك هجران سنة الوقف بدلاً من إحيائها. بأي مسوّغ قانوني أو أخلاقي أو إنساني تتغوّل ولاية الخرطوم على الأراضي الوقفية. لماذا تنشب أظفارها في أموال المحرومين والفقراء، وهي تعلم أنها مال الله. الأرض التي على شارع القصر تقاطع شارع البلدية، وكان عليها (نادي ناصر الثقافي)، ثمَّ أصبحت عليها وزارة المالية ولاية الخرطوم يملكها، وفقاً للشريعة، الفقراء. هذه الأرض سادتها المحرومون، وليس ولاية الخرطوم. على ولاية الخرطوم واجب قانوني وأخلاقي وإنساني، بدفع الإيجار وإخلاء الموقع وعدم التصرّف فيما لا تملك، وعدم انتزاع ممتلكات المساكين.