تقوم الأسرة الممتدة على عدة وحدات سكنية وتضم الأجداد والزوجين والأبناء وزوجاتهم والأحفاد وتضم ثلاثه أجيال أو أكثر.. والسكن في الحوش الكبير ضرورة تقتضيها ظروف أجتماعية واقتصادية، ولكن هذه النوعية من الأسر لا تخلو من مشكلات تحدث كنتاج للاحتكاك بين أفرادها فيما يتعلق بالأطفال أو التعدي على حقوق الغير. ولأن نحن في أيام خير وبركة ويكثر الإنسان من قراءة القرآن فتتسامى الأرواح وتصفو النفوس ولأن عبادة الصيام تكسب صاحبها الصبر وقوة التحمل نجد أن حالة من الود والوئام تسود بين أفراد الحوش الكبير وتقل المشاحنات بل ويمتد الوئام حتى نجد أن أفراد تلك الأسر يتناولون وجبتهم سويًا عند أذان المغرب متناسين أي خلافات كانت بينهم قبيل الشهر الكريم.. «الملف الاجتماعي» قام بجولة وسط من منسوبي تلك الأسر لمعرفة الأجواء الرمضانية بأسرهم.. ووضعنا كل تلك الإفادات على طاولة أهل التخصص من علم الاجتماع.. كتبت: سحر بشير سالم أسرة ممتدة تتكون من «4» أربعة يقطنون «بحوش كبير» بحي أم درماني شهير حكت لي محدثتي كيف أنهم كانوا يعيشون قبل شهر رمضان قائلة: قبيل رمضان كان لا يخلو يوم من مشاحنات ومشكلات بيني وبين نساء إخواني ودائمًا ما يكون النقاش لأسباب تافهة ولكنها تتطور حتى تصير مشكلة كبيرة، ومن الملاحظ منذ بداية شهر رمضان اختفت تلك المشاحنات بل أصبح الناس داخل البيت أكثر وئامًا ومودة وحبًا لبعضهم البعض وأعزو ذلك لأن شهر رمضان هو شهر القرآن وقراءته وترتيله والعمل به مع أنه من المفترض أن يكون القرآن هو قدوتنا حتى في الشهور العادية ولكن يظهر ذلك جليًا في الشهر الكريم. الحاجة «م، أ، ب» قالت في إفادتها لنا: قبل رمضان دائمًا ما تحدث مشكلات بين أفراد أسرتي الذين يقطنون معًا في «حوش واحد» خاصة بناتي ونساء إخوانهن ولأسباب صغيرة ولكنها تتطور ويصنعن من «الحبة قبة» سواء من جهة بناتي أو من جهة نساء أبنائي ولكن «أحمد الله» سادت روح من التسامح بينهن منذ بداية شهر رمضان بل وأصبحن يتبادلن المأكولات والمشروبات فيما بينهنَّ وأحيانًا يجلسن معًا جلسات أنس وسمر تمتد لأوقات متأخرة ومرات عديدة يأتي نساء أبنائي وهن يحملن «المويات» ويتناولنها معنا بفناء غرفتي الخاص وإن شاء الله بعد رمضان «ما ترجع ريما لعادتها القديمة». الأستاذ رحاب حسين قالت في إفادتها لنا في هذا الموضوع : عشت طفولتي في الحوش الكبير لأسرة الوالدة ورغم أنه يتكون من أربع أسر إلا أنه مليء بالمشاجرات والمشاحنات اليومية خاصة بين النساء والصبية، نعم هي تزول ولا تستمر طويلاً لكن تبقى آثارها في النفوس لأمد بعيد. وفي فترة صباي تحولت للعيش في كنف أسرة والدي في حوش يبلغ عدد أسره «11» أسرة ورغم ذلك فالمشكلات لاتبدو ظاهرة للعيان إلا أنها تلقي بظلالها على طبيعة العلاقات. وبحلول شهر رمضان في أسرتي الأولى يجتمع الرجال والشباب في «الديوان» لتناول وجبة الإفطار ثم يعود كل منهم لمنزله الخاص لشرب الشاي والقهوة ويعاودون بعدها لأداء صلاة التراويح كجماعة بذات المكان، وفي أسرتي الثانية يتكرر ذات المشهد مع إضافة مشهد آخر وهو لنسوة الحوش حيث يجتمعن كلهن في بيت الحبوبة لتناول وجبة الفطور ثم يعدن لمنازلهن لإعداد وجبتي العشاء والسحور ويعادون مرة أخرى لمنزل الحبوبة لتناول وجبة العشاء التي قد تمتد إلى زمن السحور حيث يقضين أوقاتهن في الونسة والضحك والقفشات متناسيات أية خلافات كانت بينهن قبل رمضان. وتضيف رحاب ضاحكة : ولكن بمجيء العيد ومع اختلاف المفارش والإكراميات في كل بيت سرعان ماتعاود الخلافات للظهور مرة أخرى. الأستاذ عمر الإمام حسن أفادنا بقوله: أقيم مع أسرتي الكبيرة بعد زواجي والحمد لله في شهر رمضان تسود حالة من الوئام والود بين أفراد الأسرة خاصة من النساء ولكم أتمنى أن يدوم هذا الحال بعد رمضان لكن هيهات فسرعان ما تعود المشاحنات والمشاجرات بعد الشهر الكريم وأعزو ذلك «لأن الشياطين بتكون مربطة في رمضان».. رأي علم الاجتماع.. الاستاذة بدرية الأمين بكالوريس علم الاجتماع قالت في إفادتها لنا: شهر رمضان شهر مبارك فأوله رحمه وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار وعلى الفرد المسلم أن يستغل هذا الشهر استغلالاً جيدًا، ولا يُجزى الصائم بصيامه إلا إذا ترك عددًا من العادات السيئة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». والصوم يهذب النفوس ويسمو بالروح والخلق ويحفظ التوازن النفسي الذي يُخضع كل الميول والرغبات تحت سيطرة الشخص الصائم مما يشعره بالراحة النفسية ويعينه على ضبط سلوكياته. بالنسبة للأسر الممتدة من المعتاد أن تنشأ مشكلات بين منسوبى تلك الأسر كنتاج طبيعي للسكن في مكان واحد فتحدث احتكاكات بينهم قد تؤدي لنشوب مشكلات تمتد وتتطور، ولكن كما أسلفت أن شهر رمضان يختلف اختلافًا كليًا عن بقية الشهور، أضف إلى ذلك أن عبادة الصيام تُكسب صاحبها نوعًا من الصبر، والصبر ينقسم الى قسمين صبر على الطاعة حتى تأتي بها وصبر على المعصية حتى تتجنبها. والصيام يقوي في النفس روح الارتباط بالجماعة ويرسخ معنى الاتحاد والتعاون.