{ مبادرة المفكرين المصريين التي جاءت تحت عنوان «المسار الديمقراطي في مواجهة الانقلاب العسكري» يمكن أن تكون مقبولة لدى أنصار مرسي لأنها تمثل عودة للشرعية وتحقن بقية الدماء بعد سقوط العشرات من أنصار مرسي. لكن لماذا تقبلها القوى المتآمرة على الديمقراطية والمكونة من الفاشلين في الانتخابات الماضية وفلول مبارك والبلطجية والأقباط؟! تقول المبادرة التي تلاها المرشح الرئاسي السابق محمد سليم العوا إن رئيس الجمهورية المنتخب مرسي يفوض رئيس وزراء توافقي بصلاحيات كاملة، وتدعو الوزارة المؤقتة إلى انتخابات مجلس النواب خلال ستين يوماً وبعد ذلك يشكل مجلس النواب الحكومة الدائمة ثم تتم الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة وفقاً للدستور. إن القوى المتآمرة على الديمقراطية في مصر من أجل إقصاء الإسلاميين يمكن أن تغتنم فرصة هذه المبادرة وتراهن على أن تقدم مرشحاً واحداً عنها لينافس مرشح الإسلاميين ليختار الشعب من يريد بدلاً من أن يحتشد في ميدان التحرير ويطالب الجيش في سيناريو خبيث ومفضوح بقيادة انقلاب على النظام الديمقراطي. وكأن بلد الفراعنة مكتوب عليها ألا تحتمل الديمقراطية رغم أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حكموها، أمثال فاتحها في عهد سيدنا عمر سيدنا عمرو بن العاص والذي أدخل الإسلام في السودان في عهد سيدنا عثمان سيدنا عبد الله بن أبي السرح. وليس كل عهود الحكم في مصر سيئة لكن أغلبها سيئ جداً. القوى المتآمرة على الديمقراطية في مصر تتحدّث عن أن الشعب فوض الجيش للانقلاب على الشرعية الانقلابية، وأن الشعب هو القائد الأعلى للجيش.. وهذا كلام غريب، فالقائد الأعلى للجيش هو رئيس الدولة وهو الذي يعين القائد العام للجيش لكن كان لا بد من التبريرات الواهية للتآمر. كان لا بد من اللف والدوران حول الحقائق والوقائع. كل هذا لا بد منه لأنهم يرون لا بد من إقصاء الإسلاميين من الساحة. حاولوا اتهامهم بأنهم أصحاب إرهاب وعنف، كان هذا الاتهام بعد فوزهم، لكن أيام التنافس الانتخابي كانوا جزءاً من القوة السياسية بالبلاد وبها يكتمل المشهد الديمقراطي، هكذا أرادوهم قبل فوزهم، لكن فوزهم حولهم إلى إرهابيين وعنيفين. إنها ديمقراطية المسخرة إذن. مبادرة العوا هي طريقة لانفضاض احتشاد رابعة العدوية ولحقن الدماء، ما دام أنها تتحدث عن إعادة الشرعية لأصحابها ولو بصورة ما. وهي أيضاً فرصة لانفضاض احتشاد ميدان التحرير لكي يتجه بعد ذلك إلى صناديق الاقتراع بدلاً من أن يتكئ على انقلابات الجيش ويبرر لها الانقلاب على الديمقراطية. ومبادرة العوَّا من الممكن أن تستشرف أملاً كبيراً في أن يفوز المرة القادمة معسكر «المتآمرين على الديمقراطية». على معسكر «الشرعية الانتخابية» «بقيادة مرسي». وهذا أفضل للبلاد من «مبدأ تقويض النظام الديمقراطي إذا فاز الإسلاميين». فهذا يجعل الإسلاميين يفكرون في التأثير على الجيوش حتى لا يتعرضوا لتآمرها على حكمهم المنتخب كما حدث لهم في مصر وقبلها الجزائر وفلسطين، وكانت تركيا قبل أن تتجاوز هذه المشكلة. إن الإسلاميين يحتاجون إلى أسلمة الجيوش بأي أسلوب قبل خوض الانتخابات أليس كذلك؟!