ما فتئ الإعلام المصري بوسائطه المختلفة منذ أن رجحت الانتخابات المصرية كفة الإخوان المسلمين في العام الماضي على المستويين الرئاسي والبرلماني، يعمل على تشويه صورة الإخوان المسلمين، ولما فرغ الإعلام المصري من المهمة الموكلة إليه بإزاحة مرسي من سدة الحكم، اتجه بموازاة نظام الحكم الجديد لشيطنة الإخوان ووصمهم بالإرهاب الأسود، وعندما أصر الإخوان ومؤيدوهم على الاعتصام في رابعة العدوية وغيرها طلباً للشرعية التي أفرزتها صناديق الاختراع، وبعد المجازر التي نفذتها القوات النظامية سواء في المنصة بشارع نصر أو قبلها أمام مبني الحرس الجمهوري، اتجه الإعلام الرسمي بقوة لتوريط السودان في الأحداث الداخلية المصرية، أحدث تلك المحاولات ما نقلته صحيفة «اليوم السابع» من وجود تنسيق من داخل السودان لإيواء قيادات سياسية مصرية منسوبة للإخوان المسلمين، على خلفية توافر أعداد المنتمين إلى فكر الإخوان في السودان، وذلك عبر مخطط أعده الإخوان للهروب من ميدان رابعة العدوية حيث مقر الاعتصام الرئيس للإخوان. أما أولى تلك المحاولات فهي ما أوردته بعض وسائل الإعلام المصرية نقلاً عن خبير يمني أن السودان يعمل على تهريب أسلحة تركية نقلت عبر اليمن للسودان ومنها لمجموعات مصرية، لينفي الناطق الرسمي للقوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد الخبر جملة وتفصيلاً، وأكد أن ما يجري في مصر شأن داخلي ولا علاقة للقوات المسلحة به من قريب أو بعيد ووصف العلاقات بين بين الجيشين المصري والسوداني بأنها علاقات تاريخية وأزلية، وتارة أخرى تورد صحيفة «الوطن» المصرية نقلاً عن مواقع إسرائيلية أن قناة «أحرار 25» التي أرسلتها جماعة الإخوان أخيراً تتعمد تشويه صورة الجيش المصري تبث من خارج مصر من قطاع غزة أو السودان، ويبدو أن تعدد الأخبار من تلك الشاكلة في منحى صريح للزج بالسودان في أتون الصراع المصري المشتعل قد أزعج الحكومة السودانية، فعلى ذمة الزميلة «الرأي العام» أمس أن مسؤولاً حكومياً أعرب عن استيائه الشديد لما تناولته بعض وسائل الإعلام المصرية من وجود محاولات سودانية لاستضافة قيادات مصرية من جماعة الإخوان. وقال إن ذلك الخبر عار من الصحة، وهو محاولة لربط السودان بما يدور في مصر لأهداف لا تخدم مصلحة الشعبين الشقيقين، وأكد أن السودان على موقفه المعلن من عدم التدخل في الشأن الداخلي المصري، ويراعي العلاقات التاريخية، ويضع في الاعتبار إستراتيجية العلاقة بين الشعبين، وناشد المسؤول وسائل الإعلام بعدم الزج بالسودان فيما يدور من صراع داخلي، وكانت الحكومة السودانية قد شددت على أن موقفها مما يجري في مصر هو شأن داخلي، وكانت الخارجية أول من أعلنت عن هذا الموقف، وتلاها حزب المؤتمر الوطني، وفي السياق ذاته كان تصريح النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه في البرلمان أخيراً. وفي تفسيره للهجمة الإعلامية المصرية على السودان، يشير أستاذ العلوم السياسية د. إبراهيم ميرغني إلى العوامل التي أدت لتلك الهجمة مردها للعلائق بين الإخوان المسلمين في مصر والحركة الإسلامية في السودان، كما أن العلاقة بين حكومتي البلدين في عهد مرسي كانت أقوى علاقة لأنظمة الحكم في مصر والسودان، وذلك بالرغم من أن وجود تشكيك ما حول قوة تلك العلاقة، جراء ما أصطلح عليه بمخاوف إخوان مصر من تجربة إسلاميي السودان، فضلاً عن أن محاولة الربط بين السودان ومحاولة اغتيال الرئيس المصري في تسعينات القرن الماضي، قد يشير إلى احتمالات دعم السودان للإخوان للعودة للحكم مرة أخرى، وبالاستفسار عما إذا كان الإعلام المصري في تعاطيه للشأن السوداني موجهاً من قبل النظام المصري الجديد، ذهب ميرغني في حديثه ل ً«الإنتباهة» إلى أن الإعلام على مستوى العالم أصبح معرضاً للتشكيك في مصداقيته، بما في ذلك الإعلام المصري، رغم صدق بعض وسائط الإعلام. وأشار إلى أن التشكيك في مصداقية الإعلام صار أخطر من تجاذبات التشكيك والصدقية نفسها التي باتت تكتنف الإعلام نفسه، وضرب مثلاً بفضائية الجزيرة الدولية، فهناك من يصنفها بأنها عميل لمخابرات الولاياتالمتحدةالأمريكية، بموازاة من يشير إلى أن واشنطون تريد ضرب الجزيرة. من جانبه وصف رئيس تحرير الزميلة «الرأي العام» عادل الباز في زاويته المقروءة «في ما أري» اتهامات الإعلام المصري للسودان بأنها ترهات لا تستند إلى دليل، ونقل أخبار ملفقة عن مصادر مجهولة، وصف يحفل به الإعلام المصري من تحامل على البلاد بأنه حملة مريبة ضد البلاد، تسعى من خلالها بعض أطراف اللعبة المصرية بتصدير أزماتها جنوباً دون أن يكون للسودان ناقة ولا جمل في ما يحدث بمصر.