يبدو أن الملخوم اللخمي قد قرأ مقالاتي في نقد أستاذه المفتون به الدكتور محمد أحمد محمود ولم يقرأ كتاب الدكتور الذي كتب مقالاته كي يذود عنه وينقد ناقديه. واتهمني بأني استخدمت منهج البحث المقارن بنحو خالطه الهوى. ولم يذكر الملخوم اللخمي أين استخدمت هذا المنهج على هذا النحو. فإن كان قد قصد أني استخدمته في مقالاتي الناقدة لأستاذه الضلالي الكبير الذي يفخر بالتلمذة عليه فقد ضل ضلالاً أكبر. فإني لم أكن أنشئ بحثاً حتى أستخدم هذا المنهج وإنما سطرت مقالات صحفية عادية. وبدهي أن منهج البحث إنما يتخذ حين يشرع المرء في إجراء بحث علمي مثل كتابة كتاب منهجي متخصص أو إعداد أطروحة جامعية. ولم أكن بسبيل أي من هذين الغرضين. وإذن فلا صحة لملاحظة الملخوم حين قال: «ألاحظ أن الدكتور محمد وقيع الله قد استخدم نفس المنهج الذي عابه على دكتور محمد محمود، واتهمه من خلاله باتباع هواه، وهو عملية المقارنة بين النصوص، ثم القيام بعملية الترجيح، والتي هي في الأساس مسألة عقلانية محضة. فكتب يقول: «...أن يستخرج سمات التوافق والمخالفة بينهما، ثم يوازنهما ليرجح أيهما أقوى. وهذا هو فحوى منهجية التحليل المقارن التي لم يلتزم بها المؤلف». والمشكلة هنا كيف تتم عملية الترجيح للأقوى، وما هي معايير القوة، والضعف على النصوص، هل هناك أسس موضوعية مستقلة عن الذات، أم هي مجرد عملية تفكير رغبوي؟!». ولو صدق الملخوم اللخمي في ملاحظته، ولحظ ما لم ألحظه، ولم يلحظه أحد غيره، فليدلنا أين قمت بتطبيق ذلك المنهج؟ وعلى أي موضوع طبقته؟ وما هي عملية التفكير «الرغبوي» التي شابته؟ وإن لم يدلنا على كل ذلك يكون اتهامه لنا في هذا الخصوص محض هراء. والذي ألحظه على آثار بعض الكتبة الحداثيين من أمثال الملخوم اللخمي أنهم ربما سودوا بعض مقالاتهم في لحظات لا يسيطرون فيها على عقولهم فيأتون بمثل هذه العجائب!! وإلا فكيف يحبِّر إنسان مقالاً ويتجرأ على نشره على العالمين وهو مجرد تعبير عن وهم أو خاطر من وحي السمادير؟! ظاهرة النبوة وقد جرت اللخمي سماديره لكي يتحدث عن ظاهرة النبوة بغير علم. فتساءل وهو يترنح:« هل النبوة ظاهرة شرقية محضة؟!» وأردف سؤاله بملاحظة: «أن الأديان السماوية التوحيدية الثلاثة، اليهودية، والمسيحية، والإسلام، كلها ظهرت في منطقة الشرق الأوسط. ونقول الأديان التوحيدية الثلاثة، على الرغم من الديانة الزرادشتية الفارسية، هي الأخرى تدعي أنها ديانة توحيدية، لأنها تؤمن بإله واحد، ولها كتاب مدون يسمى البستاه، مثل بقية الكتب السماوية، كما أن ديانة أخناتون في مصر في عصر الفراعنة كانت أيضا ديانة توحيدية. بالإضافة لهذا، هناك أيضاً أديان أرضية كبرى توجد كلها في منطقة الشرق الأدنى، مثل الديانة البوذية، والديانة الكنفوشيوسية في الصين، والديانة الهندوسية، وديانة السيخ، وديانة براهما، وغيرها». ومن تطوحات الملخوم اللخمي وتبرعاته بالجهل نسبته الزرادشتية إلى التوحيد مع أن من المعروف أنها تؤمن بثنائية الإله فهناك إله الخير «أورامزدا» وإله الشر «أهرمان» حيث يتحكم كل منهما فيما يليه ويستمر الصراع بينهما إلى أن تفنى الدنيا وحينذاك فقط ينتصر إله الخير على إله الشر. ومن تطوحات الملخوم اللخمي وتبرعاته بالجهل تمييزه بين الديانة الهندوسية وما سماه بديانة براهما وهما في الأصل ديانة واحدة لأن براهما هو الإله الأكبر في الديانة الهندوسية! وهكذا يبرهن الملخوم اللخمي فوق لخمته الفاضحة على جهل ساطع بأوليات علم مقارنة الأديان. ومع ذلك يتطاول للحديث فيه بثقة العلماء الراسخين. ابن خلدون لا يقول بصناعة النبوة وزج اللخمي بابن خلدون في حديثه الهاتر ظاناً أنه يقول بصناعة النبوة مثل أستاذه الملحد محمد أحمد محمود. وقد لُخم الملخوم اللخمي بمعنى نص طويل نقله عن ابن خلدون ولم يع معناه عنوانه «المعتدل من الأقاليم والمنحرف وتأثير الهواء في ألوان البشر والكثير في أحوالهم» ذكر فيه الإمام ابن خلدون أن جميع ما يتكون في هذه الأقاليم المتوسطة، مخصوص بالاعتدال، وأن سكانها من البشر أعدل أجساماً وألواناً وأخلاقاً وأدياناً حتى النبوءات فإنما توجد في الأكثر فيها». «عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة، تحقيق محمد محمد تامر، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 1426ه، ص 67» فتساءل الملخوم اللخمي قائلاً: «السؤال الذي يثور هنا، هل ابن خلدون يقول بصناعة النبوة، أي أن النبوة تطور طبيعي يحدث للكائن البشري، وليست عملية اصطفاء إلهي حر؟! ». ثم قال: «ذكرني كتاب نبوة محمد: التاريخ والصناعة للدكتور محمد محمود كلاماً قديماً في مقدمة ابن خلدون، أثار دهشتي وقتها، وشكل لي مصدر صدمة عندما قرأته لأول مرة، مما اضطرني بعد قراءة كتاب نبوة محمد «قراءتك لكتاب محمد أحمد محمود قراءة مزعومة ليس إلا!» أن أرجع لقراءة المقدمة مرة أخرى». فالواضح أن الملخوم اللخمي لا يقرأ فقط من مقدمة ابن خلدون إلا ما يراه مؤيداً لمزاعم الدكتور محمد أحمد محمود. والأوضح «لكن ليس للملخوم اللخمي!» أن ابن خلدون لا يؤيد مزاعم صناعة النبوة التي سرقها محمد أحمد محمود عن المستشرقين الإسرائيليين. فالإمام السلفي الجهبذ عبد الرحمن بن خلدون يقول على مبعدة صفحات قليلة من النص الذي اجتزأه الملخوم اللخمي: «أعلم أن الله سبحانه اصطفى من البشر أشخاصاً فضلهم بخطابه، وفطرهم على معرفته، وجعلهم وسائل بينهم وبين عباده، يعرفونهم بمصالحهم، ويحرضونهم على هدايتهم، ويأخذون بحجزاتهم عن النار، ويدلونهم على طريق النجاة. وكان فيما يلقيه إليهم من المعارف ويظهره على ألسنتهم من الخوارق والأخبار الكائنات المغيبة عن البشر التي لا سبيل إلى معرفتها إلا من الله بوساطتهم ولا يعلمونها إلا بتعليم الله إياهم قال صلى الله عليه وسلم: « ألا وأني لا أعلم إلا ما علمني الله». وأعلم أن خبرهم في ذلك من خاصيته وضرورته الصدق لما يتبين لك عند بيان لك عند بيان حقيقة النبوة». «المرجع السابق، ص 75» كان إذن بمكنتك أيها اللخمي أن تقرأ صفحات قلائل من حيث وقفت لتدرك أن ابن خلدون لم يقل بصناعة النبوة. وإنما نص صراحة على أنها منحة إلهية لمن يصطفيهم ويجتبيهم من الخلق الكرام. ولكن انتبه الملخوم ديمة قليلاً وتذكر أنه نسي موضوع الرد الذي وعد به على الدكتور خالد موسى. فقال في ختام مقالته الرابعة: (ونواصل في الحلقة القادمة الرد على مقالات خالد موسى دفع الله التي تظهر في يوم الخميس من هذا الإسبوع «يقصد الأُسبوع!»). ثم عادته سمادير اللخمة فنسي ما هو أهم من ذلك كله وهو أن مقالاته حسبما أنبأ عنوانها مكرسة لتناول كتاب الدكتور محمد أحمد محمود، وليس لدحض النقد الذي وجهه إليه الدكتور خالد موسى!