أخيرًا ولج الملخوم اللخمي إلى كتاب الدكتور محمود فذكر ما سماه ملاحظات منهجية وفنية حول الكتاب، وألقى الدرس نفسه والموعظة نفسها حول نظرية موت المؤلف للدكتور محمد أحمد محمود قائلاً: » أرجو أن ندير حوار هادئ «يقصد حوارًا هادئًا!»، وموضوعي «يقصد موضوعيًا!» ... وإنما المشكلة كيف ندير حوار مفيد «يقصد حوارًا مفيدًا!»حول قضايا تشغل الناس وتحاصرهم، وكيف نطور فهمنا حولها «يقصد لها!» في بيئة حوار فكري صحي خالية من الإرهاب. وإذا كنا مؤمنين، كيف ولماذا نكون مؤمنين، وإذا كنا ملحدين، كيف ولماذا نكون ملحدين، وما هي الأسس التي يقوم عليها كليهما «يقصد كلاهما!»؟!». وزعم أن القرآن الكريم يقر اختيار كيف كان ولا فرق أن يختار الإنسان أن يكون مؤمنًا أو أن يكون ملحدًا! واستشهد بأستاذه نصير الإلحاد الدكتور حيدر إبراهيم علي حول قصور العقل الإنساني عن إثبات وجود الله تعالى قائلاً: «أكد الدكتور حيدر إبراهيم على أن المعرفة، والتجربة الدينية، أداتها الذوق، والحدس، وليس النظر، «يقصد الحِسَّ والنَّظرُ جزء منه!» والعقل. ولكن يصر بعض المتدينين، على أن الدين جله عقلاني، ويمكن إثبات كل القضايا الدينية بواسطة العقل. لذلك هل من الممكن مثلاً إثبات وجود الله، وبقية الكائنات الميتافيزيقية بشكل موضوعي مستقل عن تصورات البشر بمعطيات العقل الإنساني وحده، فهذه قضايا تواجه الإنسان المعاصر كل يوم، مع ظهور العولمة، وسهولة انتقال البشر عبر العالم، وتداخل الثقافات». وهو كلام كفر وترويج للكفر يزعم أن العقل البشري قاصر عن إثبات وجود الله عز وجل! وفيه حشد لموضوع العولمة مع أنه لا علاقة له بالسؤال المرفوع فهو سؤال قديم قدم الضمير البشري تقريبًا. وذكر الكويتب الملخوم أنه ظل في غضون سنوات دراسته الجامعية ملخومًَا و:«مشدودًا ومؤرقًا بالجدل الثيولوجي الذي دار بين أبي حامد الغزالي، والفلاسفة المسلمين المتأثرين بالفلاسفة الإغريق، كابن سينا، والفارابي، وابن رشد، وغيرهما، حول قدم العالم، والبعث الجسماني، وعلم الله بالجزئيات». ومرة ثانية يحشد اللخمي أسماء فلاسفة لا يعرف أكثر من أسمائهم ودليل ذلك أنه يظن أن الغزالي حاور ابن رشد ولا يدري أن ابن رشد وُلد بعد وفاة الغزالي بخمسة عشر عامًا! ولا يدري أن نقد ابن رشد لكتاب الغزالي عن «تهافت الفلاسفة» لم يتعد النطاق الاصطلاحي الشكلي. وننصحه أن يرجع لكتاب العقاد عن ابن رشد إن رغب أن يفهم فحوى الخلاف. وفي ملاحظته «المنهجية الفنية!» الثانية أثنى الكويتب على الكاتب الملحد محمد أحمد محمود وقال إنه: «حظي وخضع لتدريب أكاديمي جيد، ومنظم في أعرق جامعات العالم، وعمل لسنوات كأستاذ جامعي، وباحث كذلك في أعرق جامعات العالم، بدءً «يقصد بدءاً!» من جامعة الخرطوم، إلى جامعة أوكسفورد العريقة، إنتهاءً «هذه صحيحة لوجود ألف فيها قبل الهمزة!» بجامعة تفت بالولايات المتحدةالأمريكية. فهو راسخ القدم في مجال البحث الأكاديمي، ويتقن أساليبه بشكل جيد». ولكنه استدرك عليه بما مفاده أنه ليس باحثًا علميًا محايدًا وإنما داعية إيديولجيا إلحادية ترفض ظاهرة النبوة بالتبعية وتزعم: «أن النبوة ظاهرة إنسانية صرفة، وليست عملية إصطفاء إلهي حر». وأصاب عندما قال:«إن هذه الفرضية لم تختبر من خلال مسار البحث، وإنما وضعت كمسلمة أساسية، وبني الباحث عليها دراسته للسيرة النبوية من خلال جانب إشتغالها «يقصد اشتغالها!» على التأريخ «يقصد التاريخ!» البشري». وكان جميلا أن الكويتب اعترف بأنه اهتدى إلى هذه الملاحظة الصائبة بعد أن أبداها كاتب آخر استعرض الكتاب ونقده. وأبدى الكويتب جانبًا من طبع التَّقعر والتَّعمُّل عند الحداثيين عندما انتقد الكتاب على ما تميز به من: « كثافة شديدة من الإحالات إلى المصادر، من المرويات الإسلامية، لدرجة يكاد الباحث لا يأتي إلا بعبارات الربط، والشرح، والتعليق، والتحليل». وزعم ان هذه الطريقة: «تخفي رأي، وشخصية الباحث مما يصعب على القارئ أحيانًا معرفة موقف الباحث ورأيه الحقيقي، والفكرة الأساسية التي يريد توصيلها للقارئ». وهذا رأي جاهز من نوع المحفوظات الجاهزة لدى الكويتب ورفاقه الحداثيين، ولا ينطبق على كتاب الدكتور محمود الذي بان فيه رأي الباحث بصوت جهير عال، وكان فصوله كلها موجهة لإثبات رأي المؤلف في إنكار وجود الله تعالى وإنكار النبوة وادعاء أن الإسلام صناعة تجميعية وتلفيقية. وهذا الرأي يتناقض بشكل تام مع رأي الملخوم اللخمي الذي جهر قبل هنيهة باتهام الدكتور محمود بأنه ليس باحثًا علميًا محايدًا وإنما داعية إيديولجيا إلحادية ترفض ظاهرة النبوة بالتبعية وتزعم: «أن النبوة ظاهرة إنسانية صرفة، وليست عملية إصطفاء إلهي حر». وفي ملاحظته «المنهجية الفنية!» الثالثة خانت الكويتب لغته الهشة فقال: «قبل أن يصلني كتاب «نبوة محمد» للدكتور محمد محمود، كنت أعتقد أن الكتاب اعتمد على مصادر من خارج الإرشيف «يقصد الأرشيف!» الإسلامي، مثل مصادر الاستشراق الغربي، مما يثير حساسية البعض في العالمين العربي والإسلامي. لكن لأسباب تتعلق باختيارات الباحث، فقد اعتمد الكتاب بشكل أساسي على مصادر من الإرشيف «يقصد الأرشيف!» الإسلامي». وإنما خانت المؤلف لغته لأنه كان ينبغي أن يقول كنت أظن، أو إخال، أو أتخيل، أو أتوهم، أو أتوقع، أو خطر لي. ولا يقول كنت أعتقد لأن الاعتقاد ينعقد في القلب بعد رؤية بينة لا شك فيها للحقيقة الماثلة وهو لم ير الكتاب حينذاك! وأما زعمه أن المؤلف اقتصر على ما سماه بالأرشيف الإسلامي دون الاستشراقي فهو زعم مبني على جهل وقلة بصر بقضايا الفكر. صحيح أن المؤلف استشهد غالبًا بالمصادر الإسلامية ولكنه قرأها قراءة استشراقية. إذن فمصادره تراثية إسلامية، ولكنها مقروءة بعيون غربية تنظر تلقاء الشرق. وربما عثر المؤلف على النص التراثي الإسلامي أولاً عند أساتذته المستشرقين، ثم عاد إليه في أصله في كتب التراث الإسلامي واستشهد به ولكن أيضًا على الطريقة الاستشراقية. ولجهل الكويتب الملخوم اللخمي الوافر بهذه الشؤون الفكرية المستعصية على عقول أمثاله قال: «لكن أثار الدكتور محمد وقيع الله في الحلقة الثانية من سلسلة مقالاته حول الكتاب، اتهامًا غليظًا في حق الدكتور محمد محمود، وهو «السرقة» من مصادر الاستشراق الغربي في تشكيكه في نبوة محمد، ثم دس وأخفى هذه السرقة في ثنايا بحثه، وأوعد «يقصد وعد!» القراء بكشف تلك المصادر، ونحن في إنتظار «يقصد انتظار!» ذلك». وقد وفيت بوعدي «إذا يلْقَاكَ في الكُرَبِ العِظامِ» وكشفت عن الكثير من السرقات الشائنة للدكتور من مصادر الدراسات الاستشراقية الإسرائيلية. وربما اطلع الكويتب اللخمي على بقية مقالاتي في نقد كتاب الدكتور محمود وتتبعي لسرقاته وكشفها وإحضار الأدلة جلية عليها لحضرات السادة القراء. وقد كشفت في تلك المقالات عن أكثر من عشرين سرقة للدكتور محمد أحمد محمود من كتب المستشرقين ولو شئت لكشفت له أضعاف ذلك من سرقاته. وفي رابع ملاحظاته التي ادعى أنها منهجية وفنية أبدى الكويتب الملخوم اللخمي أكبر مظاهر جهله وخموله العقلي فقال: «ألاحظ أيضًا أن الدكتور محمد محمود قد اعتمد بدرجة كبيرة تكاد تفوق نسبة 90% من حجم البحث على مصادر معينة من التاريخ، والتراث الإسلامي، وهي بالتحديد: القرآن، وصحيح البخاري، وسيرة بن هشام، تأريخ «يقصد وتاريخ!» الطبري، وكتاب المغازي للواقدي. فهل هناك تبرير موضوعي لاختيار هذه المصادر دون غيرها من المصادر الإسلامية، لأننا ندرك أيضًا من خلال تقاليد البحث الأكاديمي، «يا سلام عليك يا لخمي!»، أنه عندما يقوم الباحث بدراسة أمر معين، فمن صواب الرؤية، أن يعكس الباحث آراء الباحثين السابقين الأساسيين في حقل دراسته تلك، وإلا عُد هذا نوع «يقصد نوعًا!» من الخلل. فلماذا مثلاً تجاهل الدكتور محمد محمود مصادر تاريخية أساسية في المرويات الإسلامية، مثل «مروج الذهب» للمسعودي، و«البداية والنهاية» لابن كثير الدمشقي، و«الكامل في التاريخ» لابن الأثير، و«كتاب المبتدأ والخبر...» لابن خلدون، وغيرهم!» وبذلك أثبت الكويتب الملخوم أنه لم يقرأ كتاب الدكتور محمود قراءة متدبرة فاحصة. ولو فعل لانتبه إلى أن المؤلف برر اقتصاره على المراجع التي اقتصر عليها في الصفحات الأولى لكتابه تبريره معقولاً. فهو قد اقتصر على المراجع الأصلية الأقدم، ولم يشأ أن يحشد نصوصًا من مراجع أحدث كما يفعل صغار الباحثين الأكاديميين. وبعض المراجع التي ذكرها الكويتب اللخمي وعاتب على المؤلف عدم استشارتها كانت ستزيد كتابه ضعفًا على ضعف ومنها كتاب «مروج الذهب» فليس فيه شيء مهم تفرد به في الموضوع. وأما كتاب ابن خلدون ذو العنوان المطول فهو كتاب عادي من كتب التاريخ الإسلامي وهو كتاب متأخر أنتج في القرن الثامن الهجري ولا يعد مرجعًا أصليًا في أخبار الفترة التي حصر الدكتور بحثه فيها. وأبدى الكويتب اللخمي استغرابه لاقتصار الباحث على الواقدي وحده في الفصلين الخامس والسادس من بحثه. والواقدي مؤرخ قديم جدًا، ولكن لم يعتمد عليه الباحث لهذا السبب وإنما لأنه معروف بالكذب. وقد قال عنه الإمام الذهبي إنه جمع فأوعى وخَلَطَ الغَثَّ بالسَّمين، والخرز بالدر الثمين، فاطَّرحوه لذلك. ومع أنه من التابعين فلم يرو عنه إلا حديث واحد عند ابن ماجة. وعن ضعفه في الحديث نقل عبد الله بن علي بن المديني عن أبيه قال: عند الواقدي عشرون ألف حديث لم أسمع بها، ثم قال لا يروى عنه وضعَّفه. قال الإمام يحيى بن معين: الواقدي ليس بشيء. وقال الشافعي: كتب الواقدي كذب. وقال النسائي: المعروفون بوضع الحديث على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أربعة: ابن أبى يحيى بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بن سليمان بخراسان، ومحمد بن سعيد بالشام. وقال الإمام البخاري: ما عندي للواقدي حرف، وما عرفت من حديثه فلا أقنع به. فهل عرف الكويتب الآن لماذا اعتمد الدكتور محمد أحمد محمود في هذين الفصلين الذين خصصهما للحديث عن دولة النبي، صلى الله عليه وسلم، على روايات هذا الراوية الكذاب الأفاك؟!