إن مادة كتاب الدكتور محمد أحمد محمود التي تنطوي على الإلحاد وتستبطنه لا بأس بها من منظور الكويتب الذي يدعي المختار اللخمي. وأن سطور الكتاب التي تتجه جميعاً إلى تكذيب نبوة محمد، صلى الله وعليه وسلم، وتحتوي شتائم وأوصافاً شنيعة لمن جاء بها، صلى الله عليه وسلم، وتشتمل في المقابل على مدح لخصومه، صلى الله عليه وسلم، وتمجيد لطوائف المشركين واليهود والمنافقين، كل ذلك لا بأس به من منظور الملخوم اللخمي. وإن اهتزاز منهجية البحث لدى المؤلف، وتطفيفه في موازينه النقدية، واحتفائه بروايات تاريخية متهالكة، وتغاضيه عن مرويات تاريخية قوية تناقضها، كل ذلك لا بأس من منظور الملخوم اللخمي. وإن سرقة مؤلف الكتاب لجملة معلوماته وآرائه من الكتاب المستشرقين الإسرائيليين غير الموضوعيين الذين استهدفوا نبوة محمد، صلى الله عليه وسلم بالنقد والدحض، وسكتوا عن نبوات بني إسرائيل، كل ذلك لا بأس من منظور الملخوم اللخمي. لكن ما به البأس كل البأس هو قول محمد وقيع الله إن الدكتور محمد أحمد محمود أساء استخدام منهجية التحليل المقارن ولم يستخدمها الاستخدام الأمثل ولا الصحيح. ولهذااستشاط الملخوم اللخمي وقال: « لاحظت أن الدكتور محمد وقيع الله.. قد أثار مشكلة، أكثر من تقديمه حلاً للمشكلة، حيث كتب يقول: «ولا أدري كيف يتجاهل باحث متخصص في علم مقارنة الأديان، منهجية البحث المعروفة التي يستخدمها أرباب هذا العلم، وهي عدتهم الأساسية، وهي منهجية التحليل المقارن، ويغفل عن مقارنة النص الذي جاء به بنصوص أخرى في موضوعه جاءت بإفادات مختلفة». وقال إن محمد وقيع الله: «أشار كذلك إلى الآراء السالبة لكل من أحمد بن حنبل، والإمام الذهبي، وأبو فرج الأصفهاني، في ابن الكلبي صاحب كتاب «الأصنام»، من أنه راوية رافضي معروف بالكذب، ومتروك من أجل ذلك من العلماء، ولا يثق برواياته حتى الأدباء». وزعم اللخمي أن هذا قولي هذا: «يغفل حقائق مهمة تتعلق باللحظة التأسيسية في الإسلام، والصراع الذي دار حينها بين العلماء، ومن أن التدوين نفسه، قد تم في جو من الصراع في عصر غاطس في المشافهة، حيث يتم تأسيس المواقف طبقاً لرغبات متعارضة، فكل باحث كان يدفع في اتجاه الموقف الذي يرغب فيه، فيجعل من إشارة وردت هنا، أو هناك سنداً لموقفه، أو دحضاً لموقف خصمه». فالملخوم اللخمي سادر في لخمته الأزلية الأبدية وجهله المقعد المقيم، ولذا يظن أن منهجية التحليل المقارن لا قيمة لها بسبب أن هنالك مشكلة تطرأ أثناء في استخدامها! وهكذا يتطوع بغاث الحداثيين السودانيين ليوجهوا ملحوظاتهم «المنهجية!» لتصويب العلماء الراسخين في علم مقارنة الأديان الغربيين. فهذه المنهجية التي يتعاور جل العلماء والفحول على استخدامها في بحوثهم في مجالات العلوم الاجتماعية والسياسية والتاريخية والدينية، لا قيمة لها عند الجهول اللخمي! وحقاً ما أشد تسرعه وما أشد تسرع الحداثيين اليساريين السودانيين من أمثاله إلى التطوع، بجانب وفير من جهلهم الغزير الذي يدل على فكر غرير! إن المشكلة التي أشهرها الملخوم اللخمي في وجه العلماء الذين يستخدمون منهجية التحليل المقارن هي نفسها المشكلة التي دعتهم إلى استخدامها، وقد استخدموها من أجل حل هذه المشكلة بالذات. وهكذا تتبين طريقة الفهم المنكوس لدى هذا الملخوم. وما مثَله إلا مَثل جهول يشهر حجة شبيهة في وجه علماء الطبيعة والكيمياء فيقول لهم إن مقارنة العناصر الكيميائية المختلفة ومقارنة خواصها مقارنة لا جدوى منها لأن هنالك مشكلة تتعلق بهذه العناصر وهي أن أمر تحليلها صعب وشائك فهي عناصر معقدة والسيطرة عليها تتطلب يقظة كبيرة وجهوداً هائلة وأوقاتاً متطاولة، ولذا يجدر بكم أن تهجروها ولا تستخدموها ولا تعتمدوها وليس لكم أن تعتدوا بنتائجها. أرأيت لو أفضى جهول ظلوم لنفسه بمثل هذه الملاحظة التصويبية إلى علماء الطبيعة والكيمياء أكانوا متبعيه؟! فلو كانت إجابتك، هداك الله إلى الصواب، من ضرب الإيجاب، لأجبنا الملخوم اللخمي كذلك بالإيجاب! الشواهد السلبية والإيجابية ولقد كان إفتراضي الظني المستند إلى سوابق متكاثرة متضافرة أن الملخوم اللخمي شأنه شأن أستاذه الملخوم أكثر منه الدكتور حيدر علي إبراهيم لم يقرأ كتاب الدكتور محمد أحمد محمود. وأنهما سيمارسان «اللغوسة» و«الدغمسة» اللفظية من حوله، وسيدليان بكثير من العبارات المأثورات، والإكليشيات الحداثيات، عن الإبستمولوجيا والمنهجية التأويلية والتفكيكية وما شابه ذلك من العبارات الغامضة ذات الرنين، ليوهما القارئ السطحي بأنهما قتلا الكتاب بحثاً وفحصاً ونقداً وتقويماً. وهذا هو شأن هذا الضرب من الكتاب الحداثيين الماركسيين السودانيين السطحيين. ولذلك طفقت أبحث في مقالات الملخوم اللخمي عن نوعين من الدلائل: ٭ الدلائل السلبية التي تشير إلى أن اللخمي لم يقرأ الكتاب، ويتطلب ذلك ملاحظة تتبع مقالاته بمنهجية تحليل المحتوى لمعرفة ما إذا كانت منصبة إلى متابعة نص كتاب الدكتور أم منصرفة عنه إلى موضوعات أخرى خارجة عنه ولا تتصل به من طريق، وإنما تتصل بحصيلة اللغو المعرفي الضحل الذي يعرفه الملخوم اللخمي وأمثاله من الحداثيين ويكررونه بمناسبة وغير مناسبة. وفي مقالاتنا السابقة في تتبع مقالاته أثبتنا أنه قلما تطرق إلى محتوى كتاب الدكتور وأكثر ما انصرف إلى ترداد صروف القول التي ليس لها علاقة بالكتاب. ٭ والنوع الثاني من الدلائل هو الدلائل الإيجابية، التي تفيدنا بصورة أكثر يقينية وتعنينا الآن حيث نقدم شاهداً حياً منها. فقد تتبعنا مقالات الكويتب لنرى كيف يصف كتاب الدكتور محمود عندما يضطره سياق مقالاته «مقالات الملخوم اللخمي» إلى التطرق إليه. وهاك «وهاك عربية فصيحة وهذه المعلومة موجهة لمصلحة الجهول اليساري فتحي الضو وجهول إسلامي أجهل منه اسمه خالد أبو أحمد ردد مقولاته!» هاك نوعاً من وصف الكويتب الخاطئ للكتاب حيث قال عنه: «كتاب نبوة محمد: التاريخ و الصناعة للدكتور محمد محمود، يقع ضمن كتب التراجم، والسير التي تغص بها مدونات التاريخ الإسلامي. فمن هذه الزاوية، لا أرى جديداً في الكتاب من ناحية المحتوى، لكن ربما يكون الجديد، هو المنهج وطريقة التناول لسيرة أحد أنبياء الأديان السماوية الثلاثة الكبرى». وفي هذا الوصف عدة أخطاء؛ فالكتاب ليس فيه ترجمة، ولا سيرة، من أي نوع أو فن. ولا يمكن أن يطلق عليه هذا الوصف من قبل قارئ جاد، فكتب التراجم هي التي تحتوي على التعريف التاريخي المنظم بسرد الحوداث والتطورات المتعلقة بحياة إنسان ما. وكتب السير هي أطول منها ولا تختلف عنها بغير ذلك. فكلا الضربين من التأليف يقوم على الرصد والجمع والتصنيف والتأليف ويبتعدان عن التحليل. وما أبعد كتاب الدكتور محمود عن هذا النوع من التأليف السكوني، فهو كتاب تحليلي نقدي للمادة التي وفرتها سلفاً كتب التراجم والسير. ولو فطن الملخوم اللخمي إلى عنوان الكتاب لدله وحده على منهجه فهو مراجعة نقدية ثورية أصولية تستهدف زلزلة الثوابت التي أرستها كتب التراجم والسير منذ قديم الأزمان.