تحية من الله مباركة وبعد لك أيها الأخ الكريم كل احترام وكل تقدير لما تكتب في عمودك الشائق المقروء على الدوام واسمح لي أن ألج عمودك بهذه الأسطر القليلة. بضع وعشرون عامًا مرت من العمر ونحن في حكم الإنقاذ الذي هللنا لقدومه من الأعماق ولكن مرت السنون ونحن ننتظر أن نفرح ولو في هذا العمر المديد مرة مجرد مرة واحدة ولكن ماذا بعد «لكن»؟ فقد وهن العظم منا واشتعل الرأس شيبا ولا حياة لمن تنادي، لم تسلم آذاننا من كلمة دار فور أو جنوب كردفان أو أسماء مللنا من ذكرها عبدالواحد محمد نور الحلو عرمان خليل عقار هذا هو حصاد السنين كلها، كلام في كلام، الشعب يعاني من الإهمال مغلوب على أمره والحكومة في الدوحة وفي نيفاشا وفي أديس، وخلف الباب أحزابنا التقليدية التي دخلنا السجون من أجلها ونحن طلاب فخيبت ظننا وآمالنا في كل مرة بل و فشلت فشلاً ذريعًا في إدارة دفة الحكم، ولهذا السبب أصبح الشعب يعيش بين المطرقة والسندان، بين شدة وغطرسة الإنقاذ ورخاوة وهوان الأحزاب، وقد أصبحنا كما قال أبو الطيب المتنبي رماني الدهر بالارزاء حتى فؤادي في غشاء من نبال فصرت إذا أصابتني سهام تكسرت النصال على النصال يا أهل الإنقاذ متى تشمرون للجد وتوظفون هذا الماء الزلال الذي حبانا به الله دون العالمين، وهذه الأرض الواسعة الخصبة، كي تنتج ياوزير الزراعة ذرة، وقمحًا، وويكة، وحبوبًا زيتية وشطة .. دعنا من المشاكسات والملاعنات في زهرة عباد الشمس والبذور الفاسدة.. اتركونا في واقعنا واملأوا بطون هذا الشعب بهذه الخلطة فقد انطوت البطون وجاع الناس وهذه حقيقة لا ينكرها إلا مكابر أومنتفع. أما الحديث عن التعليم والذي هو عنوان لحضارة الأمم وتقدمها وعن الصحة وإصلاح البيئة وفوضى الأسواق والمواقف وحتى احترام إنسانية الإنسان السوداني فحدِّث ولاحرج، والسكوت هنا أفضل، امتثالا لقول الله تعالى «والكاظمين الغيظ...» وحتى هنا نحن الحزانى في الشمال الصابرين الصامدين نتطلع إلى الأفق البعيد هل من فرج؟ هل من أمل؟ هل من اعتبار؟ فمشكلات الولايات نتحمل عبأها نحن رضينا أم أبينا، فهذا قدرنا، ونحن نعلم أن الدولة قد دفعت لكل حَمَلَة السلاح أموالاً طائلة بالعملة الأجنبية والمحلية عبارة عن ترضيات ونحن نتساءل: أين حقنا من هذه القسمة؟ والله إنها لقسمة ضيزى!! نحن لم نحمل السلاح إلا سلاح العلم والعمل وقد حملنا معول الزراعة للإنتاج لمن يتحاربون ويتمردون فلابد أن تكافئنا الدولة على ذلك بدعم كل معينات الزراعة والتعليم والصحة، فكم من وحدات زراعية «وقاية نباتات، إنشاء الزراعي، بساتين، وغابات، وغيرها» ليس لديهم إلا سيادة المدير فقط وقد أصبح شاغلو هذه الوظائف محبوسين بين جدران المكاتب وكذلك الصحة والتعليم كيف يكون تقدم وازدهار ونحن في هذه الحال كالذي أُلقي في اليم مكتوفًا وقيل له إياك إياك أن تبتل بالماء!! أبناؤنا أيها القادة علمناهم صغارًا وأهملتموهم كبارًا فقد صرنا نحن زمرة المعاشيين الذين أفنوا زهرة شبابهم في خدمة الدولة بكل إخلاص وتفانٍ، صرنا نعمل بعد التقاعد في صمت ونكران ذات لإيجاد لقمة العيش لهؤلاء الخريجين من أبنائنا الذين يتسكعون بين ظلال أشجار النيم وجدران المنازل. يا أهل الإنقاذ .. قلنا «الرووب».. أوجدوا لنا مخرجًا لهؤلاء العطالى، هل نمسكهم على هون أم ندسهم في التراب؟ يا أهل الإنقاذ ساعدونا في كبح جماح الأسواق والله لن نخشى عليكم من الأحزاب ولو اجتمعت على قلب رجل واحد، ولا نخشى عليكم من صعاليك الحركة الشعبية بالشمال ولكن نخشى عليكم أن يسقطكم «الفول»، فقد تنكَّر وزاد في غيِّه وكبريائه ولابد من تأديبه وإرجاعه إلى قواعده سالمًا.. والله من وراء القصد محمد الجيلاني منصور مدير التعليم قبل المدرسي بالمعاش شندي