كشفت الآثار التي خلفتها الأمطار والسيول التي اجتاحت قرى وأجزاء واسعة بولاية الجزيرة كشفت عن ضعف وعجز حكومة الولاية في التعامل مع الكوارث الطبيعية وأكدت التقارير الواردة من هناك اتساع حجم الدمار وانهيار البنيات التحتية من طرق وكباري ومعابر أبرزها طريق الشرق (مدني الخرطوم) والذي يقف الآن حائراً دون أن تشكل له لجنة من قبل وزارة النقل والطرق للتحقيق مع الشركة المنفذة حول المخالفات بالطريق والتي ساهمت في غرق كثير من قرى بمحلية شرق الجزيرة حتى لجاء السكان لكسر الطريق لتصريف المياه. فيما أقرّ والي الجزيرة بأن الطريق لم يبذل فيه جهداً هندسياً في عملية التصميم وكشفت التقارير أيضاً أنه لا توجد مؤسسات فاعلة للتعامل مع الكوارث أو تدريب الكوادر للحماية من مخاطر السيول فيما وصفت استجابة منظمات المجتمع المدني بالضعيفة رغم أن الولاية بها أكثر من «576» منظمة مجتمع مدني ولكن ما زال المتضررون بالقرى يتحملون لوحدهم كل هذه الآثار والمعاناة. أما المأساة الحقيقية فتتحدث عنها قرى الأرقام (26،36،37،38،39) بمحلية أم القرى والتي قامت مع مشروع الرهد الزراعي في الفترة من 1976 1978م ولكنها في مناطق منخفضة ولم تكن هناك نظرة مستقبلية لزيادة السكان بهذه القرى وأن الأمطار يمكن أن تصل إلى «160» ملم وأن هذه القرى محاطة بترع المشروع خاصة القرية «38» والتي شهدت أكبر عملية تهجير لأكثر من «5» آلاف مواطن بعد أن غمرت المياه القرية تماماً ووصل ارتفاعها إلى متر ونصف وذلك بسبب الأخطاء الإدارية. الأستاذ/ أحمد الشايقي معتمد أم القرى أوضح في تصريحات صحفية أن (37) قرية بالمحلية تضررت من هذه السيول منها(13) قرية تدمير كامل وانهيار أكثر من (3706) منزل وتضرر (37179) أسرة كما لحقت الأضرار الكبيرة ب «11» مؤسسة تعليمية من مدارس الأساس والثانوي. وحسب الواقع هناك فإن هذه القرى تحتاج إلى وقفة اتحادية قوية ودعم عاجل ولا بد من مناداة المجتمع الدولي للتعامل مع هذه المأساة خصوصاً أن عملية التهجير لهذه القرى تمت بطريقة غير مؤسسة وحتى الخيام التي تم منحها للمواطنين على قلتها فهي غير مناسبة لحماية المواطنين من الأمطار والشمس فالمهجرين هم الآن في أوضاع صحية بائسة وتنذر بمخاطر أخرى. أما في شرق الجزيرة فقد بلغ حجم الخسائر في وفاة ثلاثة مواطنين وتضرر «46» قرية بالسيول والأمطار وانهيار (548) منزلاً وحوالى «550» دورة مياه. وتمتد المعاناة لقرى محلية المناقل حيث تتحدث المأساة بتفاصيل مؤلمة أكثر من «8» قرى غمرتها المياه خصوصاً في مناطق الجاموسي وأبو قوتة وعِبود ومع هذه الأوضاع المتردية انقطع التيار الكهربائي وتحولت العديد من القرى إلى مستنقعات من المياه الراكدة فانتشرت أسراب البعوض والذباب بشكل كبير مما ينذر بكارثة صحية خطيرة على حياة المواطنين فالسلطات المحلية بالمناقل عاجزة تماماً عن تقديم أي شكل من أشكال المساعدات حيث تذمر المواطن/ أحمد العوض عضو اللجنة الشعبية بقرية «زحل» بوحدة الجاموسي ل «الإنتباهة» من غياب المسؤولين في مجال الصحة وحذر من أن حياتهم بهذه القرى أصبح جحيماً لايطاق لأنه ليست هناك أي خدمات. وقد رصدت «الإنتباهة» النقص الحاد في خيام الإيواء والمشمعات والتي اعترف بها والي الولاية وقال بأن العجز بلغ «5» آلاف خيمة. وقال إن الوضع بالقرى سيخلف الكثير من المشكلات الصحية والبيئية الناتجة عن مياه السيول والأمطار فيما عبر المتضررون عن بالغ أسفهم بأنهم لم يشاهدوا أي طائرة عمودية لمتابعة أوضاعهم وإجلاء الحالات الطارئة لأن حجم الكارثة أكبر من عبارات التلاحم الشعبي والخطاب السياسي الذي لا يقدم شيئاً للمتضررين فهناك أحاديث للتقليل من شأن المعاناة ولكن الحقيقة تؤكد أننا بلا رؤية إستراتيجية أو تخطيط مرحلي فما زالت آليات الدفاع المدني والحماية المدنية متواضعة وتعاني من ضعف الميزانيات كما أن هناك غياباً تاماً لنواب الولاية بالمجلس الوطني ومجلس الولايات وبالأخص المجلس التشريعي بولاية الجزيرة الذي لا يسمع له صوت أو تحرك حقيقي لتخفيف معاناة القرى المنكوبة.