برزت إلى السطح في الآونة الأخيرة وعلى مجريات الأحداث السياسية بولاية شمال دارفور حيث تتحدث المجالس السياسية هناك جهراً عن احتمالات التغيير في حكومة الولاية وانهاء حقبة عثمان محمد يوسف كبر وأشارت تلك التكهنات إلى أنه بات من المرجح مغادرة عثمان محمد يوسف كبر كرسي الولاية وتكليفه بمنصب وزاري مركزي، وكشفت التحركات أن هناك مطالبات متباينة الأهداف فهناك فريق يطالب بإبعاد كبر عن منصب الوالي لاعتقاد أصحاب هذا الاتجاه بأن كبر وقع في أخطاء أدت إلى أوضاع سياسية سلبية بالولاية، وأن في ذهاب كبر فرصة لتجميع الأوراق المبعثرة بالولاية والعمل على إعادة ترتيبها وتوحيد صف الولاية وهؤلاء يرفضون لكبر إكمال دورته الانتخابية حتى العام «2015»، وبرزت هذه الرؤية بوضوح في طبيعة الحراك الذي يقوده زعيم قبيلة المحاميد موسى هلال الوزير بديوان الحكم اللامركزي والذي كان قد طالب في أكثر من مرة بإقالة كبر. ويرى هلال أن كبر وقع في أخطاء سياسية كبيرة وأنه ينادي مع بقية الإخوة في المؤتمر الوطني والدولة بالإصلاح الشامل في المجال السياسي والاقتصادي، وبمعالجة الوضع في ولاية شمال دارفور لإصلاح ما يمكن إصلاحه مما خربه الوالي كبر (حسب قوله) وقال إنه لا بد من إعادة هيكلة الولاية بصورة جديدة مشيراً إلى أن شمال دارفور أصبحت ضيعة تتبع لعثمان كبر، «وأن كل الوظائف الدستورية وفي الخدمة المدنية ذهبت لمجموعات معينة دون الآخرين وليست هناك عدالة ويوجد فساد مالي لا يصدِّقه عقل وتجاوزات يُغضُّ الطرف عنها المركز وهناك من له مصلحة في حماية كبر وتغطية أخطائه». وكانت تسريبات أو تقارير شبه رسمية قد أشارت في أوقات سابقة عن خلافات غير مرئية بين عثمان كبير ورئيس السلطة الانتقالية الدكتور التجاني السيسي في قضايا تتعلق بحدود وسقوفات السلطات الإدارية والسياسية بين ولاة دارفور والسلطة الانتقالية. أما الفريق الآخر فهم يعتقدون أن ولاية شمال دارفور تحسنت كثيراً وما زالت تشهد استقراراً أمنياً منذ اندلاع الأزمة بدارفور ماعدا الأحداث في العامين الأخيرين المتمثلة في الاقتتال القبلي الذي شهدته منطقة جبل عامر بمحلية السريف، ويؤكد هؤلاء ضرورة استمرار كبر في منصبه كوالٍ لشمال دارفور لإكمال استحقاقه وبرنامجه الانتخابي وأنه ليست هناك أي مبررات موضوعية باقالته حسب وجهة نظرهم ومبرراتهم وهذا ما ذهب إليه الأستاذ فرح علي أحمدية بالفاشر في حديثه ل «الإنتباهة» وقال إن الولاية تشهد استقراراً كاملاً ولا يوجد ما يستدعي انهاء تكليفه مضيفاً أن كبر استطاع في الفترة الماضية نزع فتيل كل الأزمات باعتبار أن الأسلوب الذي اتخذه في حل مشكلات الولاية أقنع الجميع. ووصف الأستاذ فرح تصريحات موسى هلال بأنها «زوبعة» فقط، وأبدى تعجبه من تناول مثل هذه الموضوعات في هذا التوقيت. ويرى رئيس حزب الأمة الإصلاح والتنمية بشمال دارفور الأستاذ محمود حسن محمود أنه ليس من المنطق أن تتم إقالة والي منتخب فهو له شرعية دستورية ويجب أن يكمل فترته ولكن إذا كان المؤتمر الوطني يرى غير ذلك فهذه أمور خاصة داخل الحزب وانتقد في ذات الوقت سياسة تنصيب زعماء القبائل على كراسي الحكم والسلطة. أما الأستاذ محمد الفاتح حراز رئيس حزب العدالة فيرى أن الوالي أخذ شرعيته من الشعب ولا بد من إكمال فترته الانتخابية وإذا كان هناك أي اقتراح يجب أن يكون عبر الانتخابات ووجه الفاتح رسالة واضحة للزعيمين كبر وهلال بأن يضعوا حلاً لمشكلة دارفور كأولوية وأن يسيرا في طريق السلام، ووصف الأستاذ حسن محمد علي رئيس حزب الأمة الإصلاح الوطني حكومة الفاشر بأنها فاقدة للمصداقية ولديهم ما يثبت ذلك وقال إن هنالك جماعات صغيرة تعمل على التطبيل والتضليل لصالح الوالي لذلك تراكمت الصراعات والخلافات وغيرها من الأشياء وأنه لا بد من تغيير الوالي حتى تزول كافة المسببات والاحتقانات الحالية. ويقول الأستاذ ود أبراهيم الذي اكتفي بذكر هذا الاسم فقط ل (الإنتباهة): لا بد من تغيير الوالي كبر واستبداله بحاكم عسكري وأن الذين يريدون بقاء الوالي هم بعض (المطبلاتية) فقط، فيما أبدى عدد من السياسيين الذين استطلعتهم «الإنتباهة» وينتمون لعدد من الأحزاب بما فيهم المؤتمر الوطني أبدوا استغرابهم من وقوف المركز متفرجاً وصامتاً على الخلاف الذي تجري فصوله الآن بين كبر وهلال، وقال إنهم يأملون من المؤتمر الوطني والحكومة المركزية على إزالة هذا الخلاف حتى لا ينعكس ذلك سلباً على الاستقرار بالولاية. وكان الوالي عثمان محمد يوسف كبر وفي وقت سابق قد تحدى خصومه والناقمين عليه والمخالفين له في الرأي بالدخول في مناظرات وحوارات مفتوحة معه وأبدى استعداده للمحاسبة أو المحاكمة على أعلى المستويات حال تقصيره أو حدوث خلل في إدارته للولاية أو وجود فساد، ودعا مخالفيه في الرأي إلى تقديم الأدلة والبراهين التي تثبت تورطه أو أي من قيادات حكومته في تلك القضايا، بدلاً من إطلاق الشائعات والأكاذيب على حد قوله، وقال: (إن الفتنة اتعبتني أكثر من التمرد في دارفور) ووصف انتقاده من قبل البعض بالأمر الطبيعي، وقال: (لا الحسد ولا الوشاية والدعاية تؤثر على مسيرتنا وسنظل في ما نحن عليه من عمل دؤوب في خدمة أهلنا حتى نضع القلم وبعدها نترك لمن يأتي بعدنا ليفعل ما يشاء). وفي خضم هذا التنازع تخوفت مجموعات أخرى من أن المركز ربما استجاب لضغوط الفريق المطالب بذهاب كبر من منصبه، لاعتقادهم بأن هذا سوف يفتح الباب أمام مجموعات بولايات أخرى رافضة لاستمرار بعض حكامها ، وناشدوا المؤتمر الوطني بضرورة احتواء الخلافات والصراعات بين منسوبيه والاستماع إلى كل الآراء، من أجل المصلحة العامة، والبحث عن طريق سالك يجنب شمال دارفور الأزمات والاحتقانات.