انقلاب عسكري في مصر، أبرز أن الجيش المصري قد تحول إلى فيلق أمريكي بعد أن جرت عليه عمليات امتدت لثلاثين عاماً وحولته إلى «العقيدة القتالية الأمريكية، وحتى تضمن الولاياتالمتحدة ولاء الجيش المصري، وطَّدت العلاقات بينها وبين الجيش المصري وليس بينها وبين الدولة في مصر!! بعد حرب أكتوبر كان القرار الإسرائيلي بأن تلك الحرب هي آخر الحروب، وحتى تتمكن من تحقيق هذا الهدف كان لا بد من تطبيق إستراتيجية محددة، محورها استئناث الجيش المصري وتدمير الجيش العراقي والسوري!! هذه الإستراتيجية دمَّرت العراق تماماً واليوم يتواصل تدمير سوريا، واستهداف الجيوش في تلك البلدان نابع من فهم أمريكا بأنها.. أي الجيوش.. قادرة على تغيير الوضع السياسي، فأكثر الانقلابات حدثت في تلك الدول، وهذه الجيوش لا يمكن استئناثها كما هو في الحالة المصرية، فأمريكا لم تستطع أو بالأحرى لم تحاول تغيير العقيدة القتالية لدى تلك الجيوش كما هو الحال في مصر!! منذ كامب ديڤيد أي قبل أكثر من ثلاثين عاماً استطاعت أمريكا تدجين الحيش المصري ولو أنها استطاعت جر العراق إلى كامب ديڤيد لما تكبدت المشاق لشن حربين على العراق ولما قررت اليوم تسديد ضربات ربما تكون القاضية على الجيش السوري إن تحققت!! المشير طنطاوي كان آخر الضباط الذين درسوا في الاتحاد السوڤيتي، وكان عزله برداً وسلاماً على الولاياتالمتحدة مع عدم الرضا المكتوم من جانب روسيا، والتي كان موقفها الرسمي حيادياً، وهو فيما أعتقد حياد يقوده التخوف من الإسلامفوبيا!! والتلويح بضربة عسكرية لسوريا يؤكد أنَّ الجيش السوري لم يتأثر بالحرب الأهلية التي استمرت لعامين، والغرض من بث الفوضى في سوريا هو تدمير ذلك الجيش، ولما لم تأتِ الفوضى أكلها كان القرار الأمريكي بضرب الجيش السوري «تساندها في ذلك فرنسا وبريطانيا». قد لا يكون النظام السوري على سوئه هو من أطلق الصاروخ الكيماوي على الغوطة فالنظام له ما يكفيه من المشكلات حتى يضيف إليها أخرى تجر عليه نقمة العالم أجمع!! إسرائيل هي الأسعد بهذا القرار، لهذا أعلنت حالة الطوارئ والاستعداد لأي هجوم عليها كما تدَّعي!! والضربة الأمريكية المزمعة تضرب عصفورين بحجر واحد فهي لن تقتصر على الأهداف العسكرية التابعة للجيش السوري، إنما تستهدف أيضاً الفصائل المقاتلة لذلك الجيش، وهي فصائل متفلتة ولا ينقصها التطرف وقد تنقلب على ذات أمريكا ومعظم هذه الفصائل قاتل أمريكا، في أفغانستان والعراق والصومال واليمن، ولهذا السبب تماطلت أمريكا في مد المعارضة المسلحة بالسلاح اللازم!! تقول الواشنطن بوست إن الضربة العسكرية التي تخطط لها أمريكا دون موافقة مجلس الأمن هي ضربة مخالفة للقانون الدولي!! أوباما الذي نال جائزة نوبل للسلام هو من يبارك إبادة الشعب المصري وهو من يضرب اليمن بالطائرات من دون طيار ويستعد اليوم لتدمير الجيش السوري وخلق فوضى في سوريا التي تجاور إسرائيل، بعد أن اطمأنَّ إلى سيطرة الجيش الأمريكي فيلق مصر على تسلمه زمام الأمور. ومن ناحية أخرى تريد أمريكا صرف النظر عما يدور في مصر بكارثة أخرى وهي تدمير سوريا، وليس نظام الأسد وقد دمَّرت العراق حتى تخلع صدام حسين ودمَّرت ليبيا حتى تقضي على القذافي!! أُدرك أن نظام الأسد نظام بغيض وهو نظام أقلية طائفية لا تتعدى نسبتها خمسة في المائة من تعداد الشعب السوري، ولكن كل هذا لا يستدعي تدمير سوريا بأسرها كما حدث في النموذج العراقي والأفغاني والصومالي فكل هذه الدول احتلت مقامًا مرموقاً في سجل الدول الفاشلة!! إسرائيل بخلاف كل الدول في العام قامت على أساس الجيش، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي كان أساسها الجيش، ففي البدء كان الجيش الذي أنشأ الدولة، وأي هزيمة لهذا الجيش تقضي على الدولة من أساسها، على عكس الجيوش العربية التي امتصت الهزائم العسكرية، وحرب ثلاثة وسبعين أظهرت أن الجيش الإسرائيلي يمكن إلحاق الهزيمة به، لذا لم يكن القرار بتقوية الجيش الإسرائيلي بأكثر مما هو عليه بل كان القرار بأن حرب أكتوبر هي آخر الحروب، وهذا ما فرض على أمريكا توطيد علاقتها مع الجيش المصري وليس الدولة المصرية، فوزير الدفاع المصري ملك القدرة على عزل الرئيس الذي عيَّنه والقدرة على تعيين رئيس بديل ورئيس وزراء بديل وكل وزراء الحكومة الانقلابية!! أما بالنسبة للعراق وسوريا اللتين عارضتا كامب ديڤيد فإن الأمر يختلف فالعقيدة العسكرية لتلك الجيوش مغايرة لعقيدة الجيش المصري، لذا وجب تدمير هذه الجيوش بحجة التخلص من حكامها ومن ثم تدمير سوريا بذات المستوى الذي دُمِّر به العراق، وهي فرصة لا يمكن لأمريكا التفريط فيها خاصة أنها ستجد الفرصة سانحة لضرب الفصائل المتطرفة وغير المتطرفة التي تحارب النظام السوري وهي في ذلك تضع في اعتبارها ما حدث للسفير الأمريكي والدبلوماسيين الأمريكيين في بنغازي!! إن الشرق الأوسط يعيش أيامه الأخيرة، حيث إن كل الشواهد تقود إلى شرق أوسط جديد تتحكم فيه إسرائيل ومن مهد لهذا هم ذات العرب الذين يخربون بيوتهم بأيديهم، ويظلمون أنفسهم خدمة للطاغوت الإسرائيلي الأمريكي!!