الضمانات والضوابط المطلوبة لاقتراع حر ونتائج نزيهة تقرير: أم سلمة العشا تعد الانتخابات في الديمقراطيات الحديثة هي الأصل في تعيين الحكام وتوليتهم، وهي بمثابة الإجراء الأساس في العملية الديمقراطية، إذ لم يقتصر تطبيقها على الأنظمة الديمقراطية وإنما امتد ليشمل الأنظمة الشمولية. وبالرغم من العيوب التي شابت الانتخابات في هذه الأنظمة إلا أن تطبيقها يعكس وظيفة الشرعية التي كانت تؤديها الانتخابات، وهذا ما أكده المشاركون في ندوة الانتخابات والتداول السلمي للسلطة التي نظمها مركز دراسات المجتمع «مدا». إن التمثيل النسبي في السلطة أفضل وأنسب للسودان من التمثيل الفردي، وذلك للتنوع الإثني والتركيبات المجتمعية المختلفة وتعدد الأحزاب السياسية بالبلاد. واستعرض الخبير الاقتصادي جامعة الخرطوم الدكتور حسن الحاج علي أحمد خلال ورقة علمية حول دور الانتخابات في تعزيز التداول السلمي للسلطة، الإرث الإسلامي في الانتخابات والتمثيل، وقدم شرحاً لبعض الأسباب التي تناولتها الأدبيات لتفسير ضعف تطبيق انتخابات حرة ونزيهة بالدول العربية وبعض الدول الإفريقية، وتناولت الورقة البيئة الضرورية لقيام الانتخابات، ولضمان نجاح الانتخابات في الوصول لنظام سياسي مستقر لا بد من توفر شروط أساسية خاصة في بلد مثل السودان، وتمثلت الشروط في توفر البيئة الأمنية التي تمكن الجميع من ممارسة حقهم الانتخابي، ووجود قدرات إدارية وبنيات اتصالية تغطي كل البلاد، وفعالية الأجهزة القضائية والشرطية، والحيدة في تطبيق القانون، وتوفير التمويل اللازم لإجراء العملية الانتخابية، ووجود إعلام هادف يسهم في التوعية وتثقيف المجتمع بأهمية الانتخابات. وأكدت الورقة أن النظم الانتخابية هي الطريقة التي تترجم بها الأصوات إلى مقاعد، وأن هناك ما يزيد عن مائتي نظام انتخابي في العالم تصنف ضمن «12» نظاماً رئيساً تقع غالبيتها ضمن ثلاث عائلات أساسية، هي نظام الأغلبية ونظام التمثيل النسبي والنظام المختلط. ومضي حاج علي إلى أن هناك عدة أهداف من النظم الانتخابية تكمن في تحقيق مستويات التمثيل الجغرافي والآيديولوجي والحزبي والسياسي والاجتماعي، وجعل الانتخابات متاحة للجميع وذات معنى، وتوفير الحوافز للتصالح والتواصل مع الآخرين عبر السعي لتوسيع قاعدة المؤيدين، وتكوين حكومات ذات كفاءة، وإخضاع الحكومة والممثلين والمنتخبين للمساءلة، وتشجيع الأحزاب السياسية والمعارضة التشريعية على القيام بدور المراقبة واستدامة العملية الانتخابية. ووقفت الورقة على التجربة السودانية التي بدأت في عام 1953م، حيث جرت أول انتخابات في الفترة الانتقالية ورثت البلاد نظام الفائز الأول، وأوضحت الورقة أن اتفاقية نيفاشا شكلت تحولاً سياسياً مهاماً في البلاد من ثمرة توافق القوى السياسية على اختيار نظام مختلط بين نظام الفائز والتمثيل النسبي مع وجود قائمة خاصة بالنساء، وأوضحت الورقة أن قيام الانتخابات شرط ضروري لكنه ليس كافياً لوجود تداول سلمي للسلطة في أي بلد. ومن جانبه قال الدكتور محمود حسن أحمد إن التداول السلمي يعني التبادل الذي تقوم به جهة أو فرد ما، وإن الانتخابات ليست مرتبطة بنظام حكم معين، مبيناً أنه ولضمان انتخابات حرة ونزيهة لا بد من وجود توافق اجتماعي وثقافي مع الرقابة العامة وإشراك مراقبين من الداخل والخارج، وإشراك كل طوائف المجتمع واستخراج النتائج بسرعة، مبيناً أن الشعار والسجل الانتخابي أهم ما في العملية الانتخابية. وقال إن الدستور السوداني من أفضل وأميز الدساتير في العالم، وإن هناك إشكاليات تواجه الانتخابات بالسودان تكمن في التكلفة العالية وعملية الممارسة والتباعد السكاني وتردد الأحزاب في المشاركة، مشيراً إلى أنه لا بد من أن يكون التداول السلمي للسلطة والانتخاب للبرامج المقدمة وليس لشخص أو لحزب. وأكد حاج علي ضعف تطبيق انتخابات حرة ونزيهة في الدول العربية وبعض الدول الإفريقية، ذلك لأن تشخيص أسباب الغياب مهمة لتطبيق الانتخابات بطريقة تحقق الشرعية وتؤمن التداول السلمي للسلطة من غياب الانتخاب الديمقراطي في تلك البلدان وضعف الديمقراطية في الدول العربية. وأضاف أن البيئة الضرورية لقيام الانتخابات هي توفير البيئة الأمنية التي تمكن الجميع من ممارسة حقهم الانتخابي، ووجود قدرات إدارية وبنيات اتصالية تغطي كل السودان، كما أكد فعالية الاجهزة القضائية والشرطية لضمان الحيدة وتطبيق القانون، وأشار إلى أن الأنظمة الانتخابية هي أكثر الوسائل المستخدمة في التحكم في السياسة ومن أهم القضايا التي يعتمد عليها النظام السياسي في فعاليته في اختيار النظام الانتخابي المناسب لتحقيق مستويات التمثيل المختلفة. وتحدث د. حسن الحاج عن الممارسة السودانية لانتخابات عام 2010م وما شكلته اتفاقية نيفاشا من تحول سياسي مهم في البلاد، ومن ثمار هذا التحول توافق القوى السياسية على اختيار نظام مختلط يجمع بين نظام الفائز الأول والتمثيل النسبي، كما راعى النظام الانتخابي السوداني المزاوجة بين رغبات الأحزاب الكبيرة وذلك عبر الإبقاء على نظام الفائز الأول، بينما أُدخل نظام التمثيل النسبي حتى يُمكن الجماعات الصغيرة والمرأة من التمثيل. وتعقيباً على الورقة قال الدكتور محمود حسن أحمد: لا بد من تفادي الفساد والرقابة على السلطات التنفيذية ومبادرة العمل بالقوانين، وفي ذات الوقت أكد أنه لا بد من إشراك مراقبين من الداخل والخارج في إنجاح العملية الانتخابية، بجانب إشراك جميع طوائف المجتمع المهنية والجغرافية والسياسية والمجتمعية لإخراج مجموعة تمثل المجتمع.