الحيرة في تضارب الرؤى حول آخر أثر التدخل العسكري في سوريا على الاحتلال الإسرائيلي، فهل هو أثر سلبي كما تقول إيران.. وإنه يتمثل في إزالتها وحرقها، أم أثر إيجابي كما يقول السودان حيث إن وزارة الخارجية في الخرطوم في بيانها الصادر أمس الأول قالت بأن السودان يرى أن إسرائيل ستكون المستفيد الأوّل من مثل ذلك التدخل». أي أن هناك من يرى ضرر إسرائيل من مهاجمة سوريا، وهنا من يرى استفادتها منه. وهذا يطرح سؤالنا: هل الاحتلال الإسرائيلي سيتضرر أم سيستفيد من مهاجمة سوريا؟! ولأن للسؤال إجابتين، فيبقى خميرة مجادلة بين من يريدون معاقبة وإطاحة النظام البعثي في دمشق بعد الجرائم الفظيعة التي ارتكبها ضد الشعب، ومن يرفضون لأسباب هي في الحقيقة أهون من مآسي وكوارث السوريين حالياً. ومن هذه الأسباب عدم السماح للتدخلات الأجنبية في الدول.. وبالطبع هذا موقف لا تسنده قوة وبالتالي لا يسمن ولا يغني من جوع. وإذا أراد المسلمون أن يمنعوا التدخلات الأجنبية في دولهم، فلن يكون هذا بمجرد اتخاذ المواقف الرافضة، فنقرأ هذه الأيام ونسمع أن الدولة الفلانية ترفض التدخل الأجنبي في سوريا، لأن إسرائيل ستستفيد، وغيرها يقول إن التدخل الأجنبي سيكون سبباً في إزالة وحرق إسرائيل فمنع التدخلات الأجنبية يكون بمنهج الاتحاد، وبأن تكون الأمة الإسلامية أو على الأقل الشعب العربي تحت قيادة واحدة في الوطن العربي، وهذا لا يتسنى في هذا الوقت مع وجود جيوش تحارب الديمقراطية ومصالح الأمة مثل الجيش المصري والجيش السوري والجيش الجزائري. المهم في الأمر هو أن المطلوب من الحكومات العربية إزاء الأوضاع الراهنة في سوريا النظر إلى مآسي السوريين الذين يواجهون أسلحة الدمار الشامل والنيران الحكومية التي سبقتها. وعليها أن تجيب عن هذا السؤال: هل استمرار نظام البعثيين الطائفيين أفضل للشعب السوري أم أن إطاحته «بما يسخِّره الله لهم» مهما كان الثمن هو الأفضل بمنطق أخف الضررين؟! يتحدَّث البعض عن مصير أسود لسوريا بعد إطاحة نظام البعثيين الطائفي وكأنما هي الآن جنة، ومهما كان مصيرها بعد تحريرها بما يسخِّره الله من البعث فسيكون مصيراً خالياً من استخدام السلاح الكيماوي الذي يقتل الأطفال والنساء وكل الدواب وهم لا علاقة لهم بالحرب والنزاعات بين الطغمة الدكتاتورية الحاكمة والثوار. وستكون علاوة على ذلك الفرصة متاحة لتحسين الأوضاع الأمنية والإنسانية وعودة البلاد إلى الوضع الطبيعي بخلاف الآن حيث الأمور تمضي من سيئ إلى أسوأ. أي أن إطاحة نظام الأسد بما يسخره الله سيبدأ بعدها العد التنازلي في اتجاه تحسين الأوضاع ونقلها من أسوأ إلى أحسن فهل يا ترى سيبدأ «ابن الحسين» أو باراك حسين أوباما أو بركة حسين أبو عمامة بالعد التنازلي في عاصمة سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما؟! إن «ابن الحسن» أو السيد عمر حسن أحمد البشير ترفض حكومته التدخل حتى لا تستفيد إسرائيل. لكن الأهم هو أن ننظر إلى استفادة الشعب السوري، فإسرائيل لا يتضرر مشروعها الاحتلالي العدواني من بقاء نظام الأسد أو إطاحته، ولا هي تحتاج إلى استفادة من خطوة أمريكية في سوريا يستفيد منها أطفال ونساء وشيوخ وكل دواب سوريا. بل إن المرجح هو أن تستفيد إسرائيل من بقاء الأسد في السلطة لأنه يحمي لها الجولان المحتلة من قِبلها.