كل الاجتماعات والإجراءات التي اتخذتها وزارة المالية مؤخرًا والحديث عن الإصلاحات الاقتصادية بعد خروج النفط تصب في اتجاه رفع الدعم عن المحروقات، ولكن واقع الحال والأمر المعاش فإن تلك المعالجات ليس لها أي أثر إيجابي على التقدم الكلي للاقتصاد الوطني ويظهر ذلك جلياً من خلال حزمة القرارات التي بصددها نفس وزير المالية وأعطيت تسمية البرنامج الثلاثي، ولكن على أرض الواقع فلا شيء يذكر فلم يحدث أي ثبات في سعر الصرف الذي تجاوز السبعة جنيهات ونصف ولم تتراجع مستويات الأسعار العالية ولم يحدث أيضاً أي تخفيض للإنفاق الحكومي وحال تم تقييم التجربة فإن البرنامج الثلاثي أثبت فشله في الفترة الماضية بحق وحقيقة، وكان مجرد شعار رفع دون تحقيق الغاية والهدف المنشود ولا يمكن بأي حال من الأحوال السيطرة على سعر صرف العملة الحرة ولا يمكن أيضاً قفل باب الصرف الحكومي أو الترشيد للأموال العامة التي تم تجنيبها من قبل عدد كبير من الوزارات على مرأى ومسمع من الحكومة وزد على ذلك المخالفات المالية التي يكشف عنها تقرير المراجع العام في كل مطلع عام وقياساً على ذلك فكيف يتم طرح برنامج إصلاح اقتصادي جديد ونحن والحكومة لم نجنِ ثمرة البرنامج السابق؟ ولم تظهر جدوى الإصلاحات السابقة سواء كانت مالية أو اقتصادية وننصح وزارة المالية بأن تتجه إلى إنعاش الاقتصاد عن طريق زيادة الإنتاج وهي طريقة معروفة وسهلة وفي متناول اليد وذلك عن طريق إحياء المشروعات الزراعية التي كانت وعلى رأسها مشروع الجزيرة ومشروع الرهد ومؤسسة النيل الأبيض ومشروعات النيل الأزرق وأيضاً إحياء الناقل الوطني (سودانير) وإعادتها سيرتها الأولى وذلك سيكون عن طريق فتح كل المشروعات القومية العملاقة للاستثمار خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن سياسة الاستثمار هي السياسة العليا للدولة وكذلك فتح الحدود وإنعاش التجارة الحدودية وعلى هذا المنوال قد يجد الاقتصاد طريقه للتعافي تدريجياً من الأمراض المزمنة التي استوطنت مفاصله وقطاعاته المختلفة إلى أن يصل مرحلة العلاج التام بعد تحريك عجلة الإنتاج وهي المعضلة الأساسية لإصلاح أي اقتصاد في العالم حتى لا تكون هنالك ضغوط أو آثار سلبية كبرى على المواطن الذي وصل مرحلة الفقر المدقع نتيجة تلك الإصلاحات التي تجري من وقت لآخر دون جدوى واضحة وعلى هذا الأساس سيروا يا أهل الاقتصاد والله من وراء القصد