الوضع الاقتصادي الذي مضى بعض الخبراء الاقتصاديين لوصفه بالأزمة والاصابة بالانهيار الاقتصادي، بينما شخصه فريق آخر من الخبراء بالمشكلة الاقتصادية، ولكن أخيراً عمد وزير الدولة بوزارة المالية خضر ضرار للدفاع عنه، ونفى عنه صفة المأزوم، مؤكداً أن ما يمر به الوضع الاقتصادي مشكلة يمكن تجاوزها.. ولعلّ هذه المشكبة دفعت الحكومة لبث تطمينات تؤكد قدرتها على إستعادة الإستقرار الإقتصادي في فترة لا تتجاوز العام أو نصفه وذلك من خلال حزمة المعالجات الإقتصادية التي اتبعتها الدولة مؤخراً. وأكد مساعد رئيس الجمهورية د. نافع علي نافع في تصريح خاص ل(smc) أن الحكومة قادرة على تجاوز الوضع الإقتصادي الحالي بمقدراتها الحالية، مشيراً إلى أن تجربة الحكومة من تفجر ثورة الإنقاذ الوطنى تؤهلها لأن تدير مثل هذه الأزمة باقتدار تام، مؤكداً أن الإصلاحات التي يجرى تنفيذها سيلمس المواطن مردودها خلال الفترة القليلة القادمة. وقال نافع إن تجربة الإنقاذ الأولى في التحرير الاقتصادي أثبتت نتائجها بالانتعاش الاقتصادي الكبير، وزيادة الدخل القومي بشهادة الصناديق الاقتصادية الدولية على الرغم من الظروف التي كانت تواجه الدولة من حروب مفروضة عليها من كل الجهات، مضيفاً أن الوضع الآن أفضل مما كان عليه، بجانب وعي المواطن الذي أسهم في تحريك الاقتصاد. ويؤكد الخبير الاقتصادي دكتور محمد الناير حتمية تعافي الاقتصاد السوداني سواءاً كان بحزمة الاجراءات الاقتصادية أو غيرها، بيد أنه قطع بأن ذلك يتوقف على السياسات الاقتصادية السليمة والصحيحة والتي تتوافق مع إمكانات وقدرات وموارد االسودان المتاحة. وبتحليل الناير للسياسات الاقتصادية الاخيرة التي إتخذتها الدولة أكد أنها ستعطي إيرادات إضافية للموازنة، وتقلل من حجم العجز، وتمكن وزارة المالية من تنفيذ الموازنة بنسبة مُقدّرة، هذا على مستوى الميزانية، لكن في المقابل يشير الناير أن رفع الدعم عن المحروقات وزيادة القيمة المضافة بنسبة 2% وزيادة ضريبة التنمية بنسبة 3% علاوة على زيادة سعر الدولار الجمركي والتعويم الجزئي للجنيه السوداني. ويرى الناير إلى أن كل هذه العوامل مجتمعة عند إضافة إستغلال المصعين والتجار لهذه الظروف وعدم نقلهم للسياسات بعدالة في السياسات ستقفز في الأسواق بمعدلات قياسية وبمعدل التضخم الى مستوى مرتفع، وبرأيه أن هذه قد تعطل تحقيق الاستقرار الاقتصادي لجهة تأثير عاملي سعر الصرف والتضخم مالم تقوم الدولة بإجراءات لضبط الاسعار. وفي جانب سياسة سعر الصرف الاخيرة، رأى الناير أن لها ايجابيات وسلبيات من إيجابياتها إذا كان سعر الصرف تساوى بالحافز مع سعر السوق الموازي أو تقارب هذا من شأنه تحقيق نجاح في زيادة حصيلة الصادرات غير البترولية، وجذب مدخرات المغتربين أما سلبيات الإجراء تتمثل في أنه لا تكون هنالك احتياطات مقدرة ولا قدرة على استقرار مستوى سعر الصرف، علاوة إلى إشارة الناير بأن سعر الصرف المعدل يساهم في قفزات أسعار بعض السلع. غير أن الناير عاد متفائلاً في حديثه بإمكانية عودة الاستقرار الاقتصادية قريباً، لكنه رهن ذلك بزيادة انتاج البترول وارتفاع الانتاج الى 180 الف برميل يومياً، مؤكداً أن هذه من المؤشرات التي من شأنها خلق استقرار اقتصادي من خلال توفير (2,500) مليار، كما هو معلن بنهاية العام الحالي كذلك رأى الناير ان انتاج سكر النيل الابيض إن بدأ ب(200) الف طن فمن شأنه أن يوفر على الدولة قيمة استيراد (200) الف طن سكر، لافتاً الى أن اذا الدولة استطاعت ان توجد حلول لتصدير (3) ملايين طن أسمنت من جملة الطاقة الاتاجية للمصانع البالغة (6) آلاف طن يستهلك منها محلياً (3) ملايين طن ورأى انه اذا احسنت الدولة تصدير ال3 ملايين طن هذه ستكون هذه مساهمة كبيرة في دفع اتجاه اعادة الاستقرار الاقتصادي، لافتاً الى أن حال عدم انتاجها لعدم امكانية تصديرها ستكون طاقات معطلة، وبالتالي خسارة على حساب الاقتصاد السوداني وقطع الناير بأن هذه الاشياء التي أشار اليها يمكن أن تساعد في عودة الاستقرار الاقتصادي. ولم ينس الناير التنبيه لضرورة إجازة قانون الاستثمار والمناطق الحرة الذي مازال معطلاً، منوهاً لحاجة الاستثمار للسيطرة على سعر الصرف ومعدل التضخم، منوهاً لتحقيق السودان قبل حدوث الأزمة العالمية هذين العاملين، حيث كان معدل التضخم آحادي وسعر صرف مستقر جعل مناخ الاستثمار مهيأ؛ ما أهله لجذب إستثمارات ضخمة ولعلّ الناير قطع بأن الأهمّ من من ذلك حالة الاستقرار الأمني خاصة مع الجنوب والسياسي وعدّ أن ذلك يعجل من إحداث الإستقرار الاقتصادي الاقتصادية. ورهن الدكتور بابكر محمد التوم الخبير الاقتصادى عودة الاستقرار للاقتصاد السودانى بتطبيق عدد من السياسات. ودعا إلى دعم مدخلات الانتاج ومشاركة الدولة للقطاع الخاص فى النشاط الاقتصادي، مبينا أن هناك تحديات تواجه الموازنة تتمثل في الاهتمام بالقطاعات الزراعية والصناعية والخدمية بشكل متوازن ومتناسق في السياسة المالية والنقدية. وطالب بأن تتجه سياسات الدولة الاقتصادية في هذه المرحلة نحو تشجيع الانتاج والمنتجين؛ لأن كثيرا من المنتجين يبررون ارتفاع اسعار السلع بارتفاع تكلفة الانتاج. ورأى أنه ولسد هذه الثغرة لابد من دعم مدخلات الانتاج إلى أن يتوافر انتاج يعادل الطلب، وتستقر الاسعار وألا تترك الدولة النشاط الاقتصادي، خاصة الانتاجي للقطاع الخاص الذي من أهم أهدافه تحقيق عائدات سريعة، كما يجب على الدولة أن تنشئ مشروعات خاصة توجه لانتاج السلع الضرورية للمواطنين، وأمن على جدوى المعالجات التى اتخذتها الدولة، والتى شملت حزمة متكاملة من الإجراءات والقرارات لإعادة الاقتصاد الوطني إلى مساره الصحيح والخاصة بخفض الانفاق العام ومحاربة التجنيب في الايرادات. وفي مجال الحكم والإدارة تقليص عدد المناصب الدستورية والهيئة التشريعية وعلى المستوى الولائي في المجالين التنفيذي والتشريعي ومساعدة الشرائح الضعيفة بزيادة الدعم الاجتماعي. وأكد ضرورة توظيف العائد من المعالجات فى دعم القطاع الانتاجى بشقيه الزراعى والحيواني والصناعى من أجل دفع حركة الصادر وتوفير عملات أجنبية تساهم فى خفض واستقرار سعر الصرف. وأكد أهمية تخفيض الاستيراد لتقليل صرف العملات الحرة على أن يقابله زيادة في الصادرات؛ لأن زيادة الصادرات هي بمثابة زيادة فى موارد العملات الحرة. وأبان أن هذا الأمر لن يتم بين عشية وضحاها بل يحتاج إلى فترة زمنية لإعادة الاستقرار بالكامل. وقال إن التحديات التي تواجه الموازنة تتمثل في الاهتمام بالقطاعات الزراعي، الصناعي والخدمي بشكل متوازن ومتناسق في السياسة المالية والنقدية. ودعا التوم إلى توجيه الموارد نحو القطاعات الإنتاجية في الصناعة والزراعة، بجانب فتح البلاد للاستثمار، إلا أنه نبّه إلى أن البلاد تحتاج في هذه المرحلة إلى ترتيب البيت من الداخل خاصة فيما يختص بتمليك الأراضي الاستثمارية. وحول أن كانت هنالك جهود لجلب أموال من الخارج لإنعاش الاقتصاد ومقابلة العجز في الموازنة، قال إن سد العجز في الموازنة الحالية لايحتاج إلى طلب أموال من الخارج، مشدداً بأن الحل يكمن في تفعيل وإنفاذ البرنامج الاسعافي الثلاثي الذي أجازه مجلس الوزراء مؤخراً مع دعمه بآلية للتنفيذ وخارطة طريق يشرف عليها مجلس الوزراء. وقال لن يحدث استقرار سياسي إلا يتوفر الجو الملائم للتنمية نفسها؛ لأنها لا تتم إلا في ظل الاستقرار، وكذلك الاستثمار الأجنبي لا يأتي إلا في وجود استقرار سياسي.