أخي د. مصطفى عثمان إسماعيل.. بشهادة شهود كُثر شهدتُ عقد قران ابنك مُحمَّد وعندما أوشكتُ على الوصول إليك لأهنِّئك انسحبتُ ناجياً بجلدي وأنفاسي من زحام عجيب وخوفاً على موبايلي ولولا فقه الزحام للأقوياء على الحجر الأسود الذي هو أولى بالتدافُع لواصلت المسير حتى أبلغك ولكني رأيتُ أنَّ هذه الكلمات التي أسطِّرها الآن ستكون أوقع في نفسك وفي نفس ابننا محمد العريس فتهانينا الحارَّة لك ولابنك العريس ولوالدته وزوجه ولأصهارك الكرام. الأمرُ الثاني الذي دفعني للانسحاب هو فكرة يمكن أن يأتي غيري بأمثالها طرحها عليّ أحد الإخوة حول طريقة التهنئة المُتعبة للمهنَّأ والمهنِّئين فلو أن المهنَّأ تحرَّك عقب عقد القرآن مباشرةً نحو الباب بحيث يتحرَّك نحوه المهنِّئون ثم يخرجون مباشرة بدلاً من تدافُع القادمين نحوه والتقائهم بمن يفرغون من تهنئته في طريقهم إلى الخارج الأمر الذي يُحدث هرجاً ومرجًا وتدافُعاً مُتعباً ومُزعجًا لكان ذلك أفضل وأسلم للجيوب وأرفق بصاحب المناسبة. لم أُصلِّ في مسجد الشهيد وإنما قدمتُ إليه من مسجد النور الذي يصلي في وقت مبكر وعلمتُ أنَّ الشيخ عبد الجليل الكاروري تعرَّض لقضيَّة رفع الدعم عن الوقود وقدَّم بدائل أخرى غير الجراحة (السرطانيَّة) التي تعتزم الحكومة فرضَها على المواطنين ومن أسفٍ فإنِّي لم أعلم بما قاله تحديداً لكن أن يطرح الشيخ الجليل عبد الجليل في خطبة الجمعة وفي حضور الرئيس البشير وكوكبة من وزرائه بدائل أخرى ويُعبِّر عن بعض التحفُّظات فإنَّه أمرٌ محمود في زمانٍ قلَّ فيه الناصحون خاصَّة من قيادات الحزب الحاكم الذي اختار حتى برلمانُه المُفترض أنَّه يعبِّر عن الشعب بأكثر مما يعبِّر عن حزبه السياسي.. اختار أن يتخلَّى عن دوره الرقابي وعن الشعب الذي فوَّضه فوا أسفاه!! إنَّ أكثر ما يُدهشني والله ليس ركوب الرأس إنما الإصرار على تمرير القرار دفعة واحدة بعيداً عن التدرُّج الذي يُعتبر سُنَّة ماضية طُبِّقت حتى في (تمرير) تحريم الخمر (أم الكبائر) فلو أنَّ الحكومة بدأت برفع الدعم بنسبة (10%) مثلاً لربما حاولنا أن نتفَّهم بالرغم من علمنا بل وموقفنا الثابت حول عجز الحكومة عن إنفاذ قرارات أوفق وأرحم بالشعب أمَّا أن تُصِرَّ على رفع الدعم بنسبة (67%) أو رفع السعر من (12.5) إلى (20) جنيهاً للبنزين فإنه أمرٌ مُحيِّر بحق. على كل حال فإن مداداً كثيفًا قد ملأ الصحف والمواقع الإلكترونيَّة ولا نزال نطمع في أن تُعيد الحكومة وحزبُها الحاكم النظر في القرار فوالله إنَّه سيكلفُها كثيراً على المستوى السياسي خاصَّة ولن يُجدي التعتيم وإغلاق الأفواه وكسر الأقلام أمَّا الكلفة الأكبر فإنها ستُدفع من هذا الشعب المسكين ولن تُجدي كل المسكِّنات والحلول البندوليَّة في تخفيف الضائقة عليه في زمان تعاظم فيه أثر مثل هذه القرارات على أمن البلاد واستقرارها السياسي.