بعد شهور قليلة من إجازة الميزانية طالب وزير المالية الأخ على محمود بتوفير مبلغ ملياري دولار لسد عجز متوقع.. حيث قامت دولة قطر الشقيقة بدفع المبلغ المطلوب لكن وزارة ماليتنا قامت بطرح المبلغ للصرافات «اسم الدلع لتماسيح السوق الأسود» في محاولة لكبح جماح الدولار المستعر.. النتيجة لا استفادت الحكومة ولا توقف الدولار وما صمد الجنيه ولا الشعب المغلوب على أمره إنما استفاد تجار الأزمات والسوق الأسود والذين هم أصلاً ليسوا من طبقة الفقراء بل هم السبب في إفقارنا.. بعدها بشهور قليلة طالب ذات وزيرنا برفع الدعم عن البترول لمواجهة عجز قدره ملياري دولار حيث تمت الموافقة دون المساءلة عن انهيار الميزانية في شهورها الأولى بعدما أجيزت من دون عجز ودون أن تطالنا كارثة جديدة.. كما لم تكن هنالك محاسبة عن ملياري قطر. الآن والميزانية لم تبلغ شهرها التاسع يتقدم ذات الوزير للمرة الثالثة برفع الدعم عن الوقود لمجابهة عجز الميزانية.. السؤال هو هل العجز هو عجز الميزانية عن الصمود كل ثلاثة أشهر أم هو عجز الوزير وأركان وزارته الذين لم يستوعبوا عملهم أو حتى الإحاطة به.. ليت الأخ الوزير يلتفت لمعالجة كوادره قبل معالجة الميزانية المفترى عليها.. تلك الكوادر التي رحبت بتعيين الوزير ترحيباً خاصاً حين أرسلت ولده للعلاج بأمريكا على حساب الدولة، ومن يومها تم تجنيب الوزير مثلما تم تجنيب المال العام من قبل مراكز القوى والقطط السمان التي ظلت تتلاعب به وبنا حتى يومنا هذا.. ليته فعلها مثلما فعلها أخ لنا من قبل «من ذوي العيار الثقيل» حين كان يهاتفه مدير أراضي ولاية الخرطوم في شأن عام ليستغل الفرصة أحد «المفسدين في الأرض» والذي كان حاضراً ليحدث أخانا الكبير قائلاً «والله يا سيادتك عندي ليك قطعة أرض مميزة في وسط الخرطوم أنا ما شايف زول بستحقها غيرك.. بس أنت قول آي وخلي الباقي علي»، ليطلب منه كبيرنا أن يرد الهاتف لمدير الأراضي ليقول له بالنفس الحاسم والصارم بإبعاد هذا ال... فوراً مع عدم تعيينه في أي موقع حكومي مهما صغر شأنه.. وقد كان. ليتك أخي الوزير تفعل مثل ذلك إو ترحل فوراً لتتركها للأخ عوض الجاز الذي خلال فترته القصيرة بالمالية هابه المجرم والبرئ.. مشكلة اقتصادنا تتلخص في الآتي: «ضعف الإنتاج مع ازدياد الاستهلاك.. ضخامة الجهاز التنفيذي بالمركز والولايات مع احتوائه على عناصر المتمردين الذين لم يفكوا الخط ولم يعرفوا الواو الضكر.. مجالس تشريعية ديكورية مركزياً وولائياً.. الانفاق العسكري لمواجهة التحديات الأمنية.. حصار دولي محكم.. ابتزاز ممنهج من قبل الحركات المتمردة والأحزاب المعارضة.. انهيار شبه تام للخدمة المدنية نتيجة للشللية والمحسوبية.. تمدد شركات القطاع العام وتجنيبها لمليارات الدولارات دون خضوعها للمراجعة أو المحاسبة.. ذهاب هيبة الدولة وعجزها عن مواجهة هذه التحديات بل خضوعها للابتزاز وتماديها في سياسة الترضيات.. مع ضياع الرؤية وفقدان الطريق». لماذا التركيز في كل مرة على رفع الدعم من المواد البترولية وهنالك بدائل كثيرة منها: 1/ تقليص الحكومة الاتحادية لعشرين وزيرا«حكومة تخطيطية إشرافية» في ظل السلطات الواسعة للحكم الولائي والمحلي مع تخفيض مرتباتهم ومخصصاتهم للنصف حتى لا يتطلع لها إلا أهل القضية والكفاءة الذين يتحقق بهم الشعار المرفوع «الحكومة في خدمة الشعب» وليس الواقع الحالي«الشعب في خدمة الحكومة». 2/ إعادة النظر في إنشاء المحليات وفق الكثافة السكانية أسوة بالدوائر الانتخابية على ألا تتجاوز خمسين محلية على مستوى السودان «إحدى الولايات الآن محلياتها تقترب من هذا الرقم». 3/ إلغاء كل مرتبات ومخصصات أعضاء المجلس الوطنى ومجلس الولايات والمجالس التشريعية الولائية ومجالس المحليات ليكون العمل فيها صبرا واحتسابا لتحرير قرارهم أولاً وإنفاذ سياسات أحزابهم التي لا يتقاضون عليها مرتبات أو بدلات. 4/ محاربة تجنيب المال العام بقوة وصرامة.. نجاحه في بعض الوزارات اتخذ ذريعة لاستمراره في أخرى لطالما سحقت ومحقت به كل جهود الدولة ومؤسساتها الناجحة.. مع الالتزام الصارم بتوريد واسترداد أموال الصادر. 5/ تمرير سياساتنا ومشروعاتنا عبر أجهزتنا التشريعية والرقابية كون هذا دورها الحقيقي عوضاً عن الاحتماء بالأخ الرئيس واستغلال ثقة الشعب فيه وقبوله لديهم وحبهم له.. أنتم هكذا تحرقون الأخ الرئيس وتئدون العشم. 6/ مواصلة الشفافية التي يمارسها المراجع العام سنوياً والوصول بها لغاياتها بنشر ما تم بحق من ثبت تورطهم في الفساد المالي. 7/ قيام انتخابات عامة لتحديد أوزان الأحزاب على أن يشطب أي حزب ينال أقل من عشرة بالمائة من أصوات الناخبين حتى نتخلص من أحزاب السفارات الأجنبية والمخابرات الدولية وكذلك الأحزاب المجهرية. 8/ مواجهة الحركات المتمردة في «الخنادق لا الفنادق» حتى تجتمع كلمتها وتوحد رؤيتها للوصول معها لسلام مستدام عوضاً عن هذه الاتفاقيات الابتزازية اللا نهائية التي ما أوقفت حرباً ولم تحقق سلاماً. 9/ محاربة التهريب بإعدام المهربين وتوزيع المواد المهربة بالتساوي بين المواطنين الذين أبلغوا عنها والقوات التي تصدت لها والحكومة الاتحادية. 10/ مضاعفة الجمارك عشرة أضعاف ما هي عليه الآن بالنسبة للسيارات والسلع الكمالية التي هي قطعاً ليست من مطلوبات الفقراء، بل هي خصماً عليهم بما تستهلكه من وقود مدعوم وأسبيرات تطحن الجنيه فضلاً عما تمثله السلع الكمالية من استفزاز للفقراء وجرحاً لمشاعرهم وفتنة لأولادهم وبناتهم ما يوقع بعضهم في الفساد المالي والأخلاقي. 11/ مضاعفة الضرائب لخمسة أضعاف على المحادثات التلفونية«هنالك أكثر من 35 مليون هاتف ترغى ليلا ونهارا بمليارات الجنيهات يومياً». 12/ إعادة نظام البطاقة التموينية حتى لا يستفيد من الدعم ملايين النازحين والمقيمين بصورة غير شرعية إضافة لجيوش السفارات والأمم المتحدة ونصف الشعب الجنوبي الذى ما غادر أصلا أو الذين عادوا مرة اخرى أو الذين جاءوا للمرة الأولى بعدما ذاقوا مرارة حكومة بني جلدتهم التي طحنتهم بالأسعار أو أبادتهم بالحروب القبلية. ليت إخوتي بالحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني يتنزلون لنا في القواعد ليسمعوا منا قبل أن نسمع لهم فإن الذي نقوله في المنابر العامة لا يمثل عشر الذي نقوله في المنابر الخاصة. أحسب لو فعلنا ذلك لعادت للدولة سلطتها وهيبتها وللمواطن أمله في حياة كريمة ومستقبل مشرق.. ولعدنا كيوم جاءت الإنقاذ فتية.. تقية.. نقية.