أهم ما يميز المملكة العربية السعودية عن بقية دول العالم الإسلامي أو أغلبها منذ الخامس من شوال عام 1351 «هجرية» الموافق الخامس عشر من يناير عام 1902م «ميلادية» وحتى الآن هو الاستقرار السياسي والمناخ الملائم للنشاط الدعوي، وإذا كانت المملكة العربية السعودية تحتفل يوم الإثنين بالذكرى الثالثة والثمانين لمولدها بعد ملحمة البطولة التي قادها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود على مدى اثنين وثلاثين عاماً بعد استرداده لمدينة الرياض عاصمة ملك أجداده وآبائه في الخامس من شوال 1319ه بصدور مرسوم ملكي قضى بتوحيد كل أجزاء المملكة العربية السعودية إذا كانت تحتفل يوم الإثنين بهذه الذكرى، فإن الجدير بالذكر فيها هو تسليط الأضواء على مسيرة الدعوة الإسلامية المنطلقة منها ودعم هذه المسيرة المجيدة في كثير من دول العالم الإسلامي. وبالطبع لا يتسنى مُضي مسيرة الدعوة الإسلامية بالصورة المطلوبة التي تخدم التصفية والتربية عند الأجيال جيلاً بعد جيل دون أن تتمتع الدولة بالاستقرار السياسي المعين على ذلك، ولا يمكن أن يقام هذا الاستقرار ليس لصالح الدعوة فحسب بل أيضاً الاقتصاد والرفاهية والتقدم والازدهار في أجواء سياسية مشحونة بالتوترات والغلو بدوافع الورع الخاطئ. إن مُجدد القرن الثامن عشر الإمام محمد بن عبد الوهاب طيّب الله ثراه كان نموذجاً للعالم الداعية المجدد، فلم يراهن على العنف في مشروعه الدعوي العظيم الذي استهدف به محاربة الشرك والبدع والخرافات وكل ما يحرِّمه الإسلام بنصوص الكتاب والسنة. فقد بذر هذا الإمام المجدد في الدولة السعودية الأولى ما حصده القائمون بالأمر في الدولة السعودية الثانية وهي المملكة العربية السعودية حالياً.. فالآن المملكة بلوائحها تمنع ممارسات جاهلية متخلفة، فهذه الممارسات في الدنيا ليست حضارية وفي الآخرة تسوق أصحابها إلى جهنم.. إنها المظاهر الشركية والبدعية. ومع ذلك نجد من يحاربون ويعارضون الحكم في المملكة من دول تعج بالشرك والكفر وكل ما يغضب الله، وكان حرياً بأولئك أن يرتبوا أولوياتهم، ولو فعلوا لوجدوا أن المملكة التي تدعو للتوحيد وتحارب الشرك والسفور والدعارة آخر ما تستحق أن تحارب. ما زالت المملكة السعودية تجني ثمار الاستقرار السياسي الذي بذر بذرة شجرته مؤسسها الملك عبد العزيز آل سعود.. وما زالت تجني أيضاً ثمار الدعوة الإسلامية والتجديد اللذين بذر بذرة شجرتهما الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، وحفيده الآن عبد العزيز آل الشيخ هو رئيس اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء وقد خلف في رئاستها الشيخ عبد العزيز بن باز. وبإذن الله ستظل هذه الثمار لصالح دنيا وآخرة الشعب السعودي وغيره من شعوب الأمة الإسلامية وغير المسلمين أيضاً، إذا عادوا إلى فطرتهم وتراجعوا عن اليهودية والنصرانية والتشيُّع. إننا إن كنا نحتفي من خلال هذه السطور بالذكرى الثالثة والثمانين لمولد المملكة السعودية، فإن الأجدر بالاحتفاء هو مكسبان، الاستقرار السياسي، وثمار الدعوة الإسلامية ويجدر بنا هنا أن نترحَّم على الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب والملك عبد العزيز آل سعود فذاك أطلق مشروع الدعوة العظيم وهذا وفر لها خلال الثلاثة والثمانين عاماً الأخيرة الاستقرار السياسي مع أبنائه وأحفاده لتنطلق في الداخل والخارج بلا عوائق تقف أمامها ولا موانع ولا سدود. إن دعوة المجدد محمد بن عبد الوهاب نجد أثرها حتى في علم المملكة ويقول أحد شعرائها: لاح يوم الوطن والعز لاح.. وكلمة الله على البيرق تلوح يوم الإسلام يا يوم الفلاح.. والوطن كل روح له تروح