تصوير: متوكل البجاوي اشتكى عددٌ من سكان منطقة الحاج يوسف أن قبور ذويهم المدفونين بمقابر البنداري قد انهارت بسبب مياه مشروع السليت، وقد أوضحوا أنها ليست المرة الأولى فالانهيارات تتكرر كثيراً كلما فاضت مياه من المشروع المروي الأمر الذي اضطر بعضهم إلى أن يجلب الحصي أو التراب لترميم القبور المنهارة التي فاقت الألف قبر، ويُذكر أن مقابر البنداري التي تقع في الشقلة مربع «8» تم إنشاؤها في خمسينيات القرن الماضي وكانت خاصة بدفن الأطفال إلا أنه وفي العام 1985م قد عُمِّمت لدفن جميع الموتى.. سيول هذا الخريف جرفت عددًا من القبور، ساعد على ذلك أن أرضها زراعية رخوة طينية تحتفظ بوجود الماء مستغلة عدم وجود مصارف، كما جرفت السيول أعمدة الكهرباء فاكتست المقابر بالظلام الدامس وأصبح من الصعب تشييع الجثامين ليلاً، مجموعة من المواطنين أكدوا تقصير لجنة المقابر حيال واجباتها وأنها تؤدي مهامها بشكل ضعيف جدًا حيث إنها لم تقم زيارات دورية لتفقد الأحوال، حسبما ذكروا، ولا تقف على الاحتياجات مثلما كانت تفعل اللجنة السابقة، المحلولة، على حد قولهم، وذكروا أن اللجنة القديمة والتي كان يمثل رئيس اللجنة الحالية أحد أعضائها كانت نشطة جدًا وتقوم بزيارة أسبوعية للمقابر وفي عهدها امتلأت المقابر بمعاول وآلات القبر والبناء، وكانت تهتم بالصيانة والنظافة وأن أعضاءها كانوا متكافلين يجتمعون دوريًا من أجل خدمة الموتى، وكان على رأسهم أحد المواطنين يدعى علي عثمان، وتمنوا لو أن بالإمكان إعادتهم من أجل خدمة الموتى، وعابوا على اللجنة الجديدة والتي من ضمن أعضائها نواب بالمجلس الوطني والمجلس التشريعي وضباط وأساتذة ومنتسبون من كل القطاعات الواعية المتعلمة، عابوا عليها عدم اهتمامها المطلق بالمقابر، وذكروا أنهم لم يعرفوا حتى الآن غير عدد محدود جدًا من الأعضاء، وتساءلوا: المقابر كانت تستقبل حوالى 35 جثمانًا كمتوسط يومي فلماذا لم تحدث إشكالات مثل هذه في السابق؟ وزادوا: ألا يكفي الصندوق الخيري لجلب تراب من أجل «الترس» أو إصلاح الأعمدة من أجل الإنارة زيارة للمقابر العناية الإلهية هي التي أنقذت المصور متوكل من كسر كان قد ينجم برجله بعد أن غاصت في أحد القبور الممتلئة بالمياه وهو يسير بحذر حتى يوثق إهمال من ينعمون بالحياة ل «مراقد» أولئك الذين قد اختارهم الله بقربه متناسين أنهم على ذات الدرب سائرون وأن أولئك هم السابقون ونحن جميعًا اللاحقون، خلال زيارتنا للمقابر وجدناها عارية من التسوير الخارجي يحدها مشروع السليت من اتجاهين وتبعد المسافة التي تفصل بينها وبين المشروع متر إلى ثلاثة أمتار فقط الأمر الذي يجعل المياه تنهمر على المقابرعند فتح الجداول من أجل إرواء الزروع، وعدم التسوير هذا يجعل بعضهم يعبر بمواشيه وسط قبور الموتى غير مراعين حرمتهم، ويسهل دخول بعض «أغنام الحلة» لتأكل من الحشائش أو تعبر للمشروع المتاخم الأمر الذي يشكل رهقًا للمشرف الذي يجول في مساحة المقابر الشاسعة بين كل حين وآخر من أجل إخراج الحيوانات. جسر من تراب خالد عبد الوهاب الجعلي المشرف المقيم بالمقابر من منظمة «حسن الخاتمة» بيَّن أن مهمام حسن الخاتمة تقتصر على حفر القبور وتجهيزها إضافة لتسوير المقابر والاهتمام بنظافتها، وهكذا بين أنه وبالرغم من إقامة مقابر بالوادي الأخضر إلا أن أهالي الحاج يوسف والكدرو والسامراب والدروشاب وأم ضريوة ما زالوا يدفنون بمقابر البنداري شبه الممتلئة لبعد مسافة المقابر المُنشأة حديثًا إضافة لهؤلاء فالمقابر تستقبل الجثامين المجهولة التي تأتي من مستشفيات بحري والإعدامات التي تأتي من مقابر كوبر ثم «60%» من موتى الحوادث المرورية. وذكر خالد أن كل هذا يحتاج إلى جهد للمواجهة واهتمام من المسؤولين، فانسياب المياه يحدث بشكل يومي تارة يستطيع إغلاق المنفذ بمعوله وتارة أخرى يستعصي عليه الأمر أو تستغفله المياه ليلاً.. اضمحلال أرض المقابر قليلاً عن المشروع إضافة لانعدام المجاري والمصارف من أسباب تفاقم الوضع حسبما ذكر، وأوضح أن توفر كمية من التراب أصبح ضروريًا من أجل معالجة بعض القبور المنهارة إضافة لصنع جسر بينه وبين المشروع وسألناه عن الإنارة فذكر أن فيضانات هذا العام قد جرفت الأعمدة وأن إدارة الكهرباء قد جلبت أعمدة قبل أكثر من شهر إلا أنها لم تقم بعملية التوصيل الأمر الذي اضطره أن يصنع توصيلات أرضية للكهرباء من أجل الدفن الليلي. من المسؤول محمد الحاج إبراهيم رئيس لجنة المقابر نفى علمه بموضع انهيار هذه القبور، وأكد أن ظروفه الصحية أجبرته أن يعتذر عن المتابعة وأن يوكل كل مهامه لنائبه فتح الرحمن، وأوضح أنهم لم يسعوا لإقامة الردميات والتروس في الاتجاه الشرقي للمقابر عشمًا منهم في أن يضموا المنطقة الشرقية من أجل توسعة المقابر، وذكر أن فاعلاً للخير كان سيقوم بدفع قيمة الأرض إلا أن المزارعين ضاعفوا السعر بصورة كبيرة في إشارة منهم لرفض غير صريح لضم أراضيهم للمقابر، وأكد أنه لم يتنامَ إلى مسامعه أن اللجنة قد اجتمعت بالمعتمد لحل المعضلة ووعد بأنه سيتصل بنائبه من أجل التفاكر واستدراك الأمر، وعاب على اللجنة التي يرأسها أن معظم أعضائها من خارج المنطقة الأمر الذي يصعِّب عليهم المتابعة والوقوف على الأوضاع.