في خطوة نادرة أعاد الرئيس عمر البشير قانون الجواز الدبلوماسي لمنضدة البرلمان بعد إجازته بالدورة الماضية وسط خلافات حادة بين وزارتي الداخلية والخارجية حول سلطة تصديق وإصدار الجواز الدبلوماسي، وأعطى حينها البرلمان وزارة الداخلية سلطة الإصدار وترك التصديق للخارجية، وأرفق البشير إعادة القانون بعدد من الملاحظات حول تعارض القانون المجاز مع قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي لسنة «1997م» ما يؤثر على عمل الخارجية فضلاً عن ارتباط الجواز الدبلوماسي بوزارة الخارجية منذ الاستقلال.. قرار الرئيس وما تلاه من تبعات عمق شقة الخلاف واحتدم الجدل داخل قبة البرلمان بين وزارتي الخارجية والداخلية بشأن منح الصلاحيات لاستصدار جوازات سفر للشؤون الخارجية «الجواز الدبلوماسي»، حيث طالب البرلمان الحكومة بضرورة توضيح رؤاها حول القوانين والتشريعات التي تأتي من مجلس الوزراء، وكشف محمد أحمد الأمين رئيس لجنة العلاقات الخارجية والأمن والدفاع بالبرلمان عن أن البرلمان بعث بخطاب لوزير شؤون الرئاسة يطالب فيه بضرورة أن يكون رأي الحكومة موحدًا، وفي الوقت ذاته قطع وزير الداخلية إبراهيم محمود بعدم وجود خلاف بين وزارته والخارجية حول الجواز الدبلوماسي، وأشار إلى تصريحات رئيس الجمهورية عقب اجتماع اللجنة الطارئة لمناقشة ملاحظات رئيس الجمهورية حول قانون الجواز والهجرة لسنة «2013م» بالوزارتين ومطالبة منظمة الطيران الدولية تتطلب توقيعًا واحدًا من كل دولة في الجواز الدوبلوماسي مؤكدًا أنهم ينفذون شروط المنظمة بإرجاع سلطة إصدار الجواز الدبلوماسي للخارجية، ومن جانبه أكد الأمين أن اللجنة استمعت لكل الآراء الفنية للوزارتين حول ملاحظات الرئيس بشأن القانون مشيرًا إلى أن أمام البرلمان خيارين إما الموافقة على ملاحظات الرئيس وذلك يتطلب أغلبية عادية أو رفض المذكرة مما يتطلب أخذ رأي ثلثي أعضاء الهيئة التشريعية لإجازتها، وكهيئة تشريعية يحق لنا الاختلاف مع الحكومة وأن اللجنة ستتخذ قرارها في اجتماع لاحق . أشارت الملاحظات لعدم ظهور ممارسات سالبة أو تبريرات تستدعي إحداث تغيير في سلطة الإصدار، من جانبه نفى رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر وجود تعارض أو خروج على الدستور في خطوة رئيس الجمهورية، وأوضح ان المادة «108» من الدستور تعطي رئيس الجمهورية الحق في التوقيع على القوانين التي يجيزها البرلمان حتى تصبح سارية أو إبداء الملاحظات بشأنها قبل مرور «30» يومًا من تاريخ إجازة القانون، وقال الطاهر خلال استماع البرلمان لملاحظات الرئيس حول القانون إن رئيس الجمهورية دفع بملاحظاته قبل شهر من إجازة القانون لافتاً إلى أن البرلمان إذا أجاز التعديل الجديد بأكثر من ثلثي الأعضاء فلا يحق للرئيس الاعتراض عليه مرة أخرى، وفي ذات السياق أحال الطاهر الملاحظات إلى لجنة مختصة طارئة لدراسة ملاحظات الرئيس، ورفض وكيل وزارة الخارجية رحمة الله محمد عثمان التعليق على سحب الصلاحيات من وزارة الخارجية وحمّل وزارتي الداخلية والخارجية مسؤولية استمرار الجدل لأكثر من عامين ونصف، ونبه وزير الداخلية إلى أن الخلاف مع الخارجية ليس صراع سلطة ولكن مواكبة للتطور العالمي. وقال الخبير العسكري اللواء «م» بابكر عبد الرحمن ل «الانتباهة» على خلفية إجازة المجلس الوطني لقانون الجوازات والهجرة والجنسية الجديد إن طبيعة الجدل الدائر ما بين وزارة الخارجية ووزارة الداخلية حول الجواز الدبلوماسي مما حدا ببعض المراقبين والمحللين بفرض وقائع وتحليلات بعيدة المدى عن أصل الخلاف وأسبابه وفي ما يتعلق بالأمر هناك ثلاثة أنواع من الجوازات وليس الجواز الدبلوماسي وحده الأمر يتعلق بالجواز الخاص والجواز الدبلوماسي و قانون الجوازات القديم وما سبقه من قوانين أعطى سلطة التصديق بالجوازات الثلاثة «الخاص ولمهمة والدبلوماسي» لوزير الخارجية وسلطة التصديق بالجواز العادي لوزير الداخلية. على أن تكون جهة الإصدار لكل أنواع الجوازات وزارة الداخلية والمقصود بجهة الإصدار الجهة التي تمارس العمل الفني المتعلق بطباعة كتيب الجواز وتعبئته وحفظ سجلاته. وتاريخياً كانت وزارة الداخلية تقوم بإلحاق وحدة من الجوازات بوزارة الخارجية حيث تقوم هذه الوحدة بعمليات فنية بحتة متعلقة بأنواع الجوازات الثلاثة تحت الإشراف الكامل لوزارة الخارجية. ثالثاً: في القانون الجديد اقترحت وزارة الخارجية أن تكون لها سلطتا التصديق والإصدار، أي أن تقوم وزارة الخارجية بكل العمل المتعلق بأنواع الجوازات الثلاثة وفي هذا السياق يكشف السفير عثمان السيد ل «الإنتباهة» عن الاختلاف بين هاتين الوزارتين المهمتين مبينًا خلفيات تتعلق بمسائل أمنية حساسة، فجواز السفر الدبلوماسي وثيقة قيمة جداً تتيح لحاملها التحرك بحرية وتعطيه حصانات وامتيازات بموجب الاتفاقيات الدولية ومبدأ المعاملة بالمثل.. والعديد من الدول منحت جوازات سفرها لشخصيات تعتقد أنها تستحق الحماية والدعم.. وفي السودان منحنا جواز سفر «لنيلسون مانديلا» وأسرته ويبدو أن قرار منح «جواز السفر الدبلوماسي» عبر لجنة العلاقات الخارجية داخل البرلمان وهي الجهة المخولة بوضع التشريعات الخاصة بالعلاقات الخارجية والعديد من الأعمال الموكلة لهذه اللجنة ولها الحق في وضع القوانين الخاصة بالشفافية والمحاسبة ومتابعة ومراقبة المسؤولين الدبلوماسيين في الدول الخارجية مع التنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية واللجنة من حقها استدعاء وزير الخارجية لجلسة استماع داخل البرلمان بخصوص خطة وزارة الخارجية للعام المعين والميزانية المطلوبة وغيرها من الإجراءات والسياسات التي بصدد تطبيقها من قبل وزارة الخارجية.