بعد أن أعلنت إثيوبيا قيام سد النهضة وذلك بغرض إنتاج الطاقة الكهربائية والتي تقدر بحوالى ستة آلاف ميقاوات، أثار سخط العديد من الدول خاصة دول المصب «السودان ومصر» والتي تخوفت من تأثيره على حصتها من مياه النيل نظراً لفترة ملء الخزان وانخفاض دائم بسبب التبخر من الخزان ويبلغ حجم الخزان حوالى ما يعادل التدفق السنوي لنهر النيل على الحدود السودانية المصرية « 65,5 مليار متر مكعب» ودخلت دولتا مصر وإثيوبيا في خلافات سياسية إلا أن إثيوبيا أكدت في عدد من المناسبات عدم تأثير السد على حصتي البلدين، ومن المعلوم بعد أن عقدت الدول الثلاث عدة لقاءات وتوصلت لإنشاء لجنة دولية من الخبراء لمراجعة وتقييم تقارير دراسة السد حيث أكدت إثيوبيا أن قيامه يستند إلى المعايير الدولية إلا أن مصر مازالت متمسكة بموقفها الرافض لقيام السد ولكن السودان تراجع عن موقفه وتأييده من خلال اجتماعات اللجنة في العام «2012»، وجدد السودان موافقته عبر تصريحات رئيس الجمهورية مؤخرًا باحتفالات تدشين الربط الكهربائي بولاية القضارف مبينًا أن تأييد قيام السد لم يكن موقفًا سياسيًا بل قناعة بفائدته لكل دول الإقليم مشيرًا أن السودان سيكون له نصيب كبير من الكهرباء المنتجة من السد. وأثار تغيير موقف السودان الداعم لقيام السد العديد من ردود الأفعال بين الأوساط الاقتصادية خاصة بعد تأكيدات الخبراء بتأثر السودان من السد في مسألة التحكم في الفيضانات حيث أشاروا أن التعديلات التي تعتزم إثيوبيا إجراؤها بغرض زيادة السعة قد تكون لها آثار كارثية بحدوث فيضانات قد تصل إلى مناطق شمال السودان فيمكن استخدامه كسلاح في ظل التقلبات السياسية التي تشهدها المنطقة ويكمن الخطر الأكبر في المنطقة التي بني عليها السد حيث تعتبر من مناطق الزلازل التي تمر بالفالق الأنضولي والبحر الميت والبحر الأحمر ثم الأخدود الإفريقي والذي له تأثير على إثيوبيا باعتبارها منطقة فوالق «تشققات» وبالتالي منطقة السد معرضة للزلازل لزيادة الوزن فالخزان يستوعب «72» مليار متر مكعب من المياه، فالوزن الزائد يحرك النشاط الزلزالي والذي يمكن أن يؤدي لتدمير السد وتفريغ «72» مليار متر مكعب وخلال ساعات، إلا أن بعض الخبراء ربط توجه السودان لتغيير موقفه لعدة عوامل خاصة مسألة تبادل المصالح بين البلدين المتمثلة في المشروعات المشتركة والربط الكهربائي ورخص الأيدي العاملة خاصة أن إثيوبيا تعيش مشكلة الزيادة السكانية بجانب استفادة السودان من الربط الكهربائي من سد النهضة والسدود الأخرى والتي تعتزم إثيوبيا إنشاؤها على النيل الأزرق، وذهب البعض إلى أن تبادل المصالح يضمن للسودان الحفاظ على أمنه المائي مما يسهم في ضمان التعاون السياسي، ومن المعروف أن القارة الإفريقية تعيش حالة من التوتر الأمني بالمناطق الحدودية والتي لها تأثير كبير في علاقة الدول فيما ما بينها، ووصف الخبير الاقتصادي حسين القوني موقف السودان عن السد بالسياسي مشيرًا أن بعض الدول تنظر لمصلحتها القومية بصورة وقتية دون تأثير على المصلحة الإستراتيجية مضيفًا أنه لا بد للسودان أن يبدي موافقته وفقًا لدراسات فنية تراعي المصلحة القومية وتوضح مدى تأثيره على السودان خاصة أن له تأثيرات إيجابية وسلبية وقال: نأمل أن تكون إيجابياته بصورة أكبر. فيما عزا بعض الخبراء توجه السودان للموافقة إلى الدور القوي الذي تلعبه أديس أبابا في الملف السوداني خاصة في مسألة دور الوسيط بين دولتي السودان وجنوب السودان للتوصل لاتفاقيات حول المسائل الخلافية، إضافة إلى استفادة السودان المتوقعة من الكهرباء التي سينتجها السد الإثيوبي بجانب لعب السودان دور الوساطة بين إثيوبيا ومصر للتوصل لحل نهائي، ومن المعلوم أن وزير الري أسامة عبد الله عقد اجتماعًا طارئًا ومغلقًا مع وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبد المطلب خلال الأيام الماضية بهدف الإعداد لاجتماع وزراء المياه في مصر وإثيوبيا والسودان، المقرر عقده في «8» ديسمبر الجاري بالخرطوم لبحث آليات تنفيذ توصيات اللجنة الدولية لسد النهضة بإثيوبيا.