ما هي النقاط المثارة في حوار سلفا كير ميار ديت مع قناة الجزيرة التي يمكن أن تجد الانتقاد والتفنيد من مجموعة الانقلابيين كما يصفهم بقيادة الدكتور رياك مشار؟! أهم هذه النقاط هي ما أشار فيها إلى ما يمكن تسميته بالإبادة الجماعية العنصرية حيث قال سلفا كير: «رياك مشار انحدر إلى أدنى مستوى ليجمع ويحشد أهله النوير ضد الدينكا وهذا الأمر حدث في ولاية الوحدة التي شهدت مقتل أعداد من الدينكا هناك لأن العسكريين كانوا في الجيش هناك قد تم قتلهم على أساس عرقي لم تكن لديهم أي جريمة، فقط لأنهم دينكا»..انتهى ترى هل يمكن أن تبرر مجموعة مشار بأن الأمر كان قتالاً بين عسكريين فرز بينهم الولاء والمعارضة للحكومة؟! إذا كان هذا هو تبريرهم فبماذا تفسر تحريك «الجيش الأبيض» الذي قوامه من أبناء أهل رياك مشار؟! هل أراد أن يذهب ليحارب عناصر عسكرية من قبائل مختلفة بما فيها أبناء النوير؟! ثم ما معنى أن تلجأ مجموعة مقدرة من دينكا نقوك في التوجه إلى قرى المسيرية شمال «أبيي»؟! ألم يكرر الآن أبناء النقوك عملية اللجوء إلى ديار العرب المسيرية بسبب الحروب القبلية؟! لقد كانت تلك الحروب قبل عشرات السنين بين القبيلتين بأسباب اجتماعية، لكنها الآن تعود بأسباب سياسية، وهذا ما يضفي عليها وصف الإبادة الجماعية. نقطة أخرى في الحوار أثيرت أيضاً، هي مسألة أن المجموعة المنشقة تتهم سلفا كير بعدم تقديم أية إصلاحات للتنمية ومحاربة الفساد. والرئيس يرد قائلاً: إن الفشل والفساد هما من قام به هؤلاء المنشقون وساق أمثلة لفشلهم وفسادهم. وأكثر من ذلك قال إن المخرج هو أن ينتظروا عقد المؤتمر العام للحركة الشعبية، مشيراً إلى أن ثلاثة يريدون رئاستها لكسب الترشح لرئاسة الجمهورية. هم مشار وباقان وربيكا أرملة جون قرنق. لكن دعك من الوزن السياسي، فإذا أخذنا بالوزن القبلي، فإن ربيكا مثل سلفا كير تمثل القبيلة الأكبر حجماً، ثم إن جيمس واني ايقا يمثل قبائل الإقليم الإستوائي الذي توجد على أرضه عاصمة البلاد مدينة «جوبا»، أما مشار فإذا كان يمثل القبيلة الثانية من حيث الحجم وهي النوير فإن على أراضيها في ولاية الوحدة يستخرج النفط، أما باقان فيبدو أن إقالته وإبعاده من الحكومة ثم ما تبع ذلك من تطورات قد فتح المجال واسعاً لابن قبيلته المتعلم المثقف المحنّك الدكتور لام أكول.. وقد ظهر الرجل إلى جانب وفد حكومة سلفا كير في أديس أبابا حيث تجري هناك المفاوضات بين طرفي الصراع في جنوب السودان. والسؤال ما هو رد مجموعة مشار على هذه النقطة المثارة في حوار قناة الجزيرة؟! هل هو الاعتراف بالفشل والفساد أم نسبها إلى سلفا كير؟! وقبل إقالاتهم لماذا لم يقوموا هم بالإصلاح والإنجاز أو لماذا لم يتقدموا باستقالاتهم احتجاجاً على فشل وفساد الرئاسة؟! لا يمكن أن يتهم رئيس دولة بالفساد لوحده دون معاونيه ومساعديه. ويقول سلفا كير إن الوزراء المتهمين لديه الذين أقالهم مؤخراً ظلوا في مواقعهم الرسمية لثمانية أعوام، فلم ينجزوا شيئاً بل شيدوا العمارات في عواصم الدول الأخرى ومدنها. وإذا كان سلفا كير نفسه قد تجاوز عن فشل وفساد هؤلاء المنشقين، ولم يحسمهم ويبعدهم إلا حينما تحركوا نحو سحب السلطات التنفيذية والعسكرية والسياسية منه، فهذا يعني أنهم لوا اكتفوا فقط بالفشل والفساد وقفوا عند حدود سلطاته لاستمروا حتى الآن في مواقعهم واستمر أيضاً الفشل والفساد واستمرت معهم معاناة المواطنين وأخذت تمضي في ازدياد. وأن من يعمل الآن مع سلفا كير لو ابتعدوا هم الآخرون عن سلطاته لكنهم ركبوا موجات الفشل والفساد لن يجدوا مصير مجموعة مشار. هذه القراءة لواقع الحكم في جوبا تصل بنا إلى أن الحركة الشعبية التي تحكم دولة جنوب السودان وتحمي الفشل والفساد وتتسبب في إشعال الحروب والفتن القبلية في إطار الصراع السياسي غير مؤهلة لحكم الدولة سواء جاءت بصناديق زخيرة أو صناديق انتخابات تحفها صناديق الزخيرة.