أوردت صحيفة «المجهر» أمس أن هناك اتجاهاً قوياً لتعيين رئيس البرلمان السابق أحمد إبراهيم الطاهر رئيساً للهيئة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني خلفاً لمهدي إبراهيم الذي سيتم تعيينه رئيساً للجنة العلاقات الخارجية بالمجلس، والخطوة في اعتقادنا غير موفقة من ناحيتين: أولاهما وليس أهمهما هي أن المؤتمر الوطني عندما قبل استقالة الطاهر من منصبه كرئيس للبرلمان جاء بالطبع في إطار تغيير رموز الحرس القديم في الحزب وإحلالها بعناصر شابة خاصة أن الرجل مكث فترة طويلة في منصبه، بيد أن السبب المهم في رأينا هو أن إدارة إبراهيم الطاهر للبرلمان لم تكن تلاقي القبول من عدد من النواب والمراقبين لأداء البرلمان وإن لم يُفصح عن عدم الرضا إلا عددٌ قليل من أعضاء البرلمان على رأسهم د. سعاد الفاتح التي احتجت بعدم منحها فرصًا للحديث، لكن النقد القوي والممنهج وجهته النائبة البرلمانية عواطف الجعلي عبر حوار أجرته صحيفة «المجهر» الشهر الماضي، وكنا قد أشرنا إليه في مقال سابق، حيث انتقدت الطريقة التي يُدار بها البرلمان حول منح الفرص وعدم قيام المجلس بدوره في قضايا مهمة، وقالت: «إذا كان لك رأي مضاد وقلته في أي لجنة من اللجان ونما إلى علم رئاسة البرلمان أن عضواً ما لديه رأي مخالف يمكن أن يمنعك من أن تقول رأيك هذا داخل الجلسة ولا يتم منحك فرصة للحديث»، وعن تمرير بعض القرارات المهمة دون أن تُعرض على البرلمان قالت: «نعم حدث تجاوز للبرلمان لأن الإجراءات الاقتصادية التي مرَّت على البلد كان من الممكن استدعاء أعضاء البرلمان وده ما حصل ورئيس البرلمان في رأيه أن لجنة شؤون المجلس بموافقتها كافية جداً ولكن اللجنة مكونة لإدارة عمل البرلمان في حالة غيايه من الناحية الإجرائية فقط لكن ليس من حقها أن تقرِّر في الشأن الموضوعي للبرلمان»، كما أشارت إلى أنه لا يُعطي الفرصة الكافية داخل البرلمان وقالت: «إن كثيراً من البيانات التي تقدَّم وكثيرًا من القرارات والقوانين يسوق رئيس البرلمان النواب إلى قرار معين بتأثيره عليهم، يعني بعد النقاش ينتهي هو بيقوم يتحدث في الموضوع لصالح العمل الذي يرد إلى البرلمان مع إنو نحن بنعرف إنو رئيس البرلمان هو شخص مفروض ينظم الجلسة من ناحية إدارة وإجراءات وينظم الكلام حسب اللائحة، وإذا أراد مناقشة الموضوع كعضو مفروض يتنحَّى عن كرسي الرئاسة»، لكن بعيدًا عن هذه الأجوبة الصريحة في الحوار يبرز سؤال ملح: هل استطاع رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر أن يفرِّق بين لونه السياسي وبين متطلبات منصبه كرئيس للبرلمان؟ أعتقد أن الإجابة عن هذا التساؤل من الممكن العثور عليها بسهولة إذا نظرنا إلى بعض تعليقاته على مجريات الجلسات التي تتحدث عن قضايا مهمة نجده يتحدث بلسان الحكومة، فمثلاً في قضية القرض الربوي قال مخاطباً النواب من المنصة حول قبول الحكومة للقرض: «لو لم نكن مكرهين لأدرنا له ظهورنا؟ وعندما أطلقت النائبة البرلمانية عائشة الغبشاوي انتقادات حادة لمسيرة الدولة، وحذرت من تجاهل غضب الشعب، رد عليها رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر بلسان الحكومة مؤكداً أن الدولة لا تخاف إلا الله وليس الشعب، وأضاف: «نحن لن نخاف إلا من الله، إذا كان وجودنا هنا خوفاً من الشعب فأحسن نمشي، جايين عشان نعمل الحاجة الصاح التي ترضي الله حتى ولو أغضبت الشعب»، وفي موقف آخر طالب رئيس المجلس الوطني، أحمد إبراهيم الطاهر، النواب بمؤازرة الحكومة في مواجهة ما أسماه بالنشاط الهدام الذي يواجه استقرارها، في وقت وجَّه فيه برلمانيون نقداً ذاتياً لأداء المجلس الوطني، مطالبين بألا ينساق البرلمان وراء الجهاز التنفيذي ويبتدر مبادرات سياسية لحل الأزمات بالبلاد بحسب ما جاء في إحدى الصحف. وخلصنا في مقالنا ذاك أن الطريقة التي يدير بها رئيس البرلمان جلساته ربما يكون مكانها الطبيعي هو منصب الناطق الرسمي باسم الحكومة وليس البرلمان. ولكل ما ذكر فلا بد أن نؤكد أن رئاسة الهيئة البرلمانية لا تتطلب الاصطفاف غير المرشَّد لدعم الحكومة وتكوين آلية صمَّاء لدعمها بصرف النظر عن الموضوع المطروح وهل يتسق مع مصالح الجماهير وقضاياها ونبضها أم هو مجرد قرار تنفيذي افتقد البُعد السياسي وربما القِيمي والديني في بعض الأحيان، وقد كان د. غازي صلاح الدين قد قام بدور فاعل يتسق مع دور البرلمان الحقيقي كمعبِّر عن الشعب وليس مجرد سند للحكومة، وكان ينوي تغيير اللوائح حتى يكتسب البرلمان فاعليته خاصة في جانب استدعاء واستجواب المسؤولين ولكن تم عزله من رئاسة الهيئة. أخيراً إذا كان نواب المؤتمر الوطني حريصين على ممارسة دورهم الفاعل فعليهم الحرص على اختيار رئيس لهيئهم البرلمانية يساعدهم في أداء رسالتهم التي يسأله عنها الله تعالى قبل حزبهم .