أُنشئت المجالس التشريعية بالولايات بهدف مراقبة الأداء للإدارة التنفيذية ومحاسبة المقصرين وسن التشريعات، حيث يمثل المجلس التشريعي بأي ولاية الإداره الشعبية لمواطنيها، ومن مهام المجلس التي يجب عليه القيام بها بنص القانون (التشريع والتخطيط والمحاسبة مع عدم الإخلال وإعداد وإجازة وتعديل دستور الولاية، وإجازة مشروعات القوانين والمراسيم المؤقتة، وإجازة الموازنة العامة وحجب الثقة عن الوالي وفقاً لأحكام الدستور، وعزل أي وزير بموافقة ثلثي أعضاء المجلس بعد استجوابه لسحب الثقة عنه، والموافقة على قيام المحليات بالولاية المعنية، وغيرها من المهام)، ويمثل المجلس التشريعي بالولاية صوت الشعب على الجهاز التنفيذي لتحقيق طموحاته ورغباته بشأن تجويد الأداء، غير أن المجالس التشريعية بالولايات أصبحت أضحوكة في عهد حكم الإنقاذ لسبب واحد فقط وهو أن (90%) من أعضائه يتبعون للنظام الحاكم، وهم أعضاء يفرضون فرضاً على المواطن الذي ليس لديه أي علاقة باختيارهم سوى في مرحلة التصويت التي تكون محسومة للعضو المحسوب على النظام في أغلب الأحيان، وإذا كان من واجب المجالس التشريعية أن تكون هي لسان حال المواطن والملبية لطموحاته غير أننا ما عهدناه إلا بوقاً للجهاز التنفيذي ترضى برضائه وتسخط بسخطه، وبذلك أصبحت المجالس التشريعية مسخاً مشوهاً من التجربة الحقيقية لتاريخ هذه المجالس التشريعية عبر العصور. وبدأت مسيرة المجلس التشريعي بالشمالية منذ العام «1997م» بعد أن أصبحت الشمالية ولاية بعد أن كانت محافظة، ووقتها كان الاختيار للمجلس بالتعيين وأول رئيس لمجلس التعيين كان القيادي أبو النور ثم كان أول مجلس منتخب في العام «2002م»، برئاسة عبد الله حسن التوم المنحدر من محلية الدبة، ثم جاء بعده ميرغني صالح والي الشمالية الأسبق المنحدر من قرية (بنا) شمال دنقلا، ثم جاء بعده محمد خليفة خلف الله من العام (2005م إلى 2010م) وهو المنحدر من محلية مروي، ثم آلت رئاسة المجلس في الانتخابات الأخيرة إلى الأستاذ بمرحلة الأساس سابقاً أحمد محمد عثمان المشهور (بتنقاسي) المنحدر من محلية مروي، وتقول السيرة الذاتية له أنه من مواليد منطقة تنقاسي بمروي، عمل بمرحلة الأساس معلماً ثم اختير محافظاً لمحافظة الدبة والتي قضي فيها أربع سنوات من العام (2002 إلى 2005م) ثم اختير عضواً بالمجلس التشريعي بالشمالية ليكون رئيساً للجنة الاقتصادية من العام (2005 إلى العام2010م)، ثم انتخب رئيساً للمجلس في دورته الحالية، وسبق أن أنقذته العناية الإلهية من الموت عندما انقلبت عربته التي كانت تقله من الدبة إلى دنقلا في مهمة رسمية قبل عدة أعوام.. وإن لم يكن دورالمجلس فعالاً كما ينبغي غير أن وجوده دائماً لا يخرج من كونه (تحصيل حاصل)، لكونه يزأر عندما يحس بضعف الأداء غير أنه لا يلبث قليلاً ثم يخرج بقرارات من شاكلة (نشيد ونثمن ونقدر الاجتهاد) للوزير المعني بالمساءلة، لينعكس ذلك سلباً على أداء المجلس في ممارسة الحق التشريعي على الأداء التنفيذي بالولاية، والمجلس الذي يظل صامتاً على معظم أوجه الفساد بالولاية يريد أن يكبل أيدي وأقدام الإعلاميين والصحفيين والمراسلين بالولاية على ما يؤيدونه من واجبات عجز المجلس عن طرقها وفتحها ومواجهة الجهاز التنفيذي بها، وهناك قائمة من الإخفاقات لم يفتح الله على المجلس ليسجل له فيها موقفاً بطولياً، فمستشفى دنقلا التخصصي الذي وهب قطعة أرضه للحكومة الرئيس الراحل جعفر نميري تم تشييده بطريقة عشوائية وصرف عليه المليارات، ولم يكن للمبنى الضخم عند إنشائه جهة استشارية ولم تستلمه أي جهة حكومية بعد الفراغ من بنائه ولم يتم افتتاحه وسوق الأطباء وإداراتهم من المستشفى القديم إلى المسمى (جديدا) كما تٌساق العير حسب وصف أحد المديرين الإداريين الذين تعاقبوا على المستشفى في حديثه ل (الإنتباهة) في التحقيق الذي أجريته معه وقتها، فالمستشفى اليوم أصبح جحيماً لا يُطاق من شدة الروائح الكريهة المنبعثة من كل جنباته نتيجة أخطاء في التصميم وعدم توفر التهوية الجيدة، ورداءة تصريف الصرف الصحي، فلم تحقق في هذا الإخفاق الجهة المنوط بها المحاسبة والمراقبة أي المجلس التشريعي حتى يسترد للمواطن حقه ثم عافيته، ثم يصمت المجلس صمتاً طويلاً ووزارة المالية بالولاية تستقطع من قوت المواطن (ثلاثة جنيهات) شهرياً عبر مكاتب هيئة المياه منذ أكثر من خمسة أعوام قالت المالية وقتها إنها ستستقطع المبلغ لمدة ثلاث سنوات فقط لدعم الشبكات ثم تعود الفاتورة لعهدها الأول (15) جنيهاً للدرجة الثالثة غير أن المواطن لم يرَ شبكات تدعم ولا خطوط تمد ولا المبلغ المستقطع انقطع، وهكذا دائماً المجلس التشريعي بالشمالية ما عرف له فضل على المواطن سوى أنه أوقف ما يسمى (بتحصيل أطيان النخيل) وهو مال كان يدفعه كل مزارع ضريبة على كل نخلة يمتلكها في حواشته، ويسجل هذا القرار الحسنة الوحيدة في تاريخ المجلس في دورته الحالية التي شارفت على الأربعة أعوام.. وفي الاستطلاع الذي أجرته «الإنتباهة» وسط عدد مقدر من مراسلي الوسائط الإعلامية بالولاية أوضح معظمهم أن المجلس التشريعي بالشمالية لا يخرج من كونه مادحاً ومؤيداً للجهاز التنفيذي بالولاية، وأوضح إبراهيم الجمري في حديثه ل (الإنتباهة) أنه يرى أن المجالس (المعينة) كان لها دور أفضل من المجالس المنتخبة، وأضاف (لم نرَ للمجلس أي دور في كثير من القضايا التي تهم المواطن والتي كان يجب على المجلس أن يكون له فيها قرار واضح مثل الرسوم الكثيرة والمتنوعة على عربات النقل التجاري والزراعي من الولاية وإلى الخرطوم وغيرها من الرسوم التي تفرض على سائقي المركبات العامة بالولاية)، ويرى آخرون أن المجلس الذي يصرف من خزينة الولاية أكثر من ثلاثين ألف جنيه كتسيير شهري له كان أولى بها مرافق خدمية طالما أن دور المجلس لا يخرج من كونه مؤيداً ومباركاً لأداء الجهاز التنفيذي في أغلب الأحيان.