لم يكن (س) يدري أن سيناريو المرض المتكرِّر الذي كانت تدعيه والدته كان مجرد حيلة نسائية لرفضها فكرة زواجه من زميلته في العمل بحجة أنها لا تناسبه في الوضع الاجتماعي وبعض المبرِّرات التي لم تقنعه فوقف في حيرة بين رغبته ورغبة والدته.. فهل يحق لكل للأمهات التدخل في اختيار الزوجة؟ وما هو رأي الشرع؟ العديد من الأسئلة حاول (البيت الكبير) الإجابة عنها عبر المساحة التالية: حرية مسلوبة الأستاذ عبد القادر يوسف «المحامي» قال: تاريخيًا لا تزال العادات والتقاليد تلعب دورًا كبيرًَا في اختيار شريكة الحياة من قبَل الأمهات لهذا يبقى هامش حرية الاختيار مسلوباً في كثير من الأوقات للأبناء تحت ستار مبرِّرات قد تكون مجحفة في حق الطرفين رغم أنها قد تجيء بدافع البحث عن مصلحة الابن وغيرها إلا أنها قد تسهم في تعاسته، فالدين أوصى بالزواج من ذات الدين و«الحسب والنسب» ولكننا اليوم نجد من يرفضون فتاة بسبب وضع أسرتها المادي أو بمبرِّر عدم تعليمها وغيرها من الأسباب غير المنطقية التي تحوِّل حياة ابنهم إلى جحيم في حال إصرارهم على التدخل في اختياره. حكمة مصحوبة بخبرة يرى أبو بكر الشيخ «موظف» أن خبرة الأهل تؤهلهم للاختيار في أغلب الأحيان ولكن ليس القصد من ذلك إجبار الأبناء على زوجة بعينها أو التدخل في الاختيار بصورة مباشرة بل يجب أن يكون الأمر به نوع من الحكمة مصحوبة بالخبرة فإذا كانت الفتاة المختارَة من قبَل الأم مشهود لها عند الجميع بحسن الخلق فلا مانع من تحسين صورتها لديه ليرَ الجوانب الخفية؛ لأن النساء يعرفن بعضهن البعض فكم من زيجات دامت وكُتب لها النجاح كان للأم الفضل فيها. استفزاز أبدت سهير اعتراضها على الفكرة جملة وتفصيلا، وقالت لا يحق للأهل التدخل في اختيار شريك الحياة أو العكس فالكثير من التجارب أثبتت أنه حينما تكون الزوجة من اختيار الشاب ودون تدخل أسرته في ذلك الاختيار فإن ذلك يكون موضع استفزاز لأسرته التي تشعر بأن ابنها خرج عن سيطرتها حتى إن أحسن الاختيار وتزوّج بزوجة استثنائية فيبقى ذلك الغضب مدفوناً في العمق ومرفوضاً ويعبّر عنه بالسلوكيات المزعجة تجاه تلك الزوجة ولكننا نجد في حال اختيار الفتاة لشريكها لا تبدي الأسر تذمرًا أو ضيقًا بل يكون محل ترحاب ولهذا تحدث الكثير من المشكلات بعد الزواج قد تؤدي إلى كتابة النهاية لهذا الزواج حتى لو كان هناك أطفال. حق الاعتراض تؤكد هناء الهادي «موظفة» أن تجريد الأبناء من حق الاختيار نوع من الاستعباد والامتنان الذي لا يقرّه الدين، ولكن الملاحظ أن الأمهات يستخدمن بعض الأسلحة كالمرض وغيره لكي يكبلن حرية الأبناء وفي اعتقادي أن دور الأم ينتهي بالنصح والتوجيه والمشورة وليس إجبارهم على زواج لا يرضونه، فالاختيار الأخير من حقهم ما لم يتجاوزوا حدود الدين فإن حدث هذا فلهم حق الاعتراض والرفض وعليهم السمع والطاعة.. مع العلم أننا في زمن كفل للمرأة حق الاختيار ناهيك عن الرجل. رأي الشرع مولانا إسماعيل محمود يرى أن الأصل في النكاح رضا الزوجين فالرضى معتبر بالنسبة للزوج وكذلك أيضًا بالنسبة للزوجة فلا يحق للوالدين أن يجبرا ابنهما أو ابنتهما على أن يتزوج زوجاً لا يرغبه، لكن إذا كان الزوج الذي اختاره الوالدان صالحًا فإنه ينبغي للولد سواء كان ذكرًا أو أنثى أن يطيع والديه في ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه» لكن إذا كانت هذه الطاعة قد تسبب فرقة بعد ذلك فإنه لا يلزمه أن يطيعهما في ذلك؛ لأن الرضا أساس العلاقة الزوجية ويضيف أن هذا الرضا لا بد أن يكون وفق الشريعة ولا يعتبر الولد عاصياً أو مذنباً إذا لم يطِع والديه في ذلك.