الحديث عن سودانير الناقل الوطني لا ينتهي إن كان ذكرى أو حاضراً أو مستقبلاً... وتعلمون كيف أن الدولة التي بلا ناقل وطني لا قيمة لها ولا يمكن تصنيفها بدولة... وعلى عهد بداية الإنقاذ كانت سودانير تعمل في نقل الإريتريين بعد التحرير من دول أوروبا إلى أسمرا وليس هذا فحسب، بل ذهبت لأبعد من ذلك حيث نقلتهم إلى مدنهم الداخلية كناقل داخلي لإريتريا... هذا بالتأكيد دور سياسي كبير ظلت تلعبه سودانير باسم دولة السودان... وحينها لم تكن دولة إريتريا تمتلك ولا طائرة ولا خطوط من أصلها، فلعبت سودانير الناقل الوطني للسودان هذا الدور الذي جعل الاستقرار يسود في إريتريا حتى يومنا هذا... الناقل الوطني ليفهم الجميع أنه سيادة وقوة في المنطقة والاقليم، وأصبحت بعض الدول تتهكم بسودانير ليس باعتبارها شركة إنما باعتبارها تمثل دولة السودان... وفي المطارات يطلقون عليها عبارات «ستهم» «تروح وتجي على كيفها.. من يسألها»... منتهى السخرية التي تفقع المرارة ومِن مَن؟ «خليها على الله يا راجل»... لكن نحن نستاهل لأننا فرطنا في ناقلنا الوطني و «فتفتنا» سودانير لمصلحة مَن؟ الله وحده يعلم... حتى الآن لا تعرف لسودانير «هوية» هل تتبع لوزارة المالية؟ وان كانت هذه حقيقة فالمالية مقصرة في حقها، وإن كانت تتبع لرئاسة الجمهورية فهذا العيب بعينه، أما إذا كانت تتبع للطيران المدني فعليها السلام... الطيران المدني مزدحم بالمشكلات ولم تجد حتى اللحظة مخرجاً واحداً لحلها. مليارات الدولارات ضاعت وتضيع على المالية السودانية بالإمكان أن تجلبها سودانير، ويمكن أن توفر العملة الصعبة التي تلهث وراءها وزارة المالية وبقية الوزارات الأخرى.. للأسف الحصيلة صفر وتحقيق ذلك سهل باعادة سودانير للأجواء العالمية... لكن هذه المليارات من الدولارات أخذتها شركات الطيران الأجنبية لدولها وحُرم منها السودان بإبعاد سوادنير بأياد يعلم الله وحده نواياها. رسوم الخدمات العابرة لشركات الطيران العابرة والهابطة بالنسبة للناقل الوطني لا تقل عن «65» مليون دولار في العام، ولا يلتزم الطيران المدني بنسبة الناقل الوطني فيها... بينما الخدمات في المناولة الأرضية مفتوحة لشركات متعددة، علماً بأن كل الدول تلزم الطيران المدني بتخصيص عائدها للناقل الوطني والتي يجب أن تقوم بمهمتها شركة سودانير وبشعاراتها المعروفة شأنها شأن كل الدول وشركات الطيران... ومثال واحد شحن الطائرات بمولد الكهرباء بمائة وخمسين دولاراً... قتلوها سودانير وبدأوا قتل محبتها في قلوب الآخرين.. الكابتن بشركات الطيران الأخرى يتقاضى ما يساوي أربعة عشر ألف دولار شهرياً.. وفي الصين تحديداً يصل مرتبه إلى عشرين ألف دولار.. بينما كابتن الخطوط الجوية السودانية يتقاضى فقط ألف دولار لا غير... «بالله يا جماعة ده كلام؟» وهم صابرون ولا يغادرون.. ولديهم الفرص خارج السودان لكنهم يملأهم العشم بأن سودانير عائدة لا محال... إن شاء الله يا إخوتي ربنا يحقق أمانيكم... وزي ما بتحبوا سودانير كناقل وطني ربنا يستجيب ليكم بالعودة في أحسن صورها... الآن ما يقارب أكثر من خمسين طياراً بسودانير يصرفون مرتباتهم شهرياً بدون ساعات طيران إلا الشهرين الأخيرين.. لأن طائراتهم معطلة تماماً وجاثمة على الأرض.. والطائرات المؤجرة الأردنية جاءت لتعمل بطاقمها المصاحب إليها بدونهم... يعني سودانير مرتبات ساكت شهرية من الفوكرز الواحدة لو اشتغلت «24» ساعة ما بتغطيها. والذي يؤسف له حقيقة أن طائرة السيد الرئيس التي يجب أن تكون سودانية خالصة هي روسية.. والأسف الأكبر حتى طاقمها عدا الضيافة الجوية هم أجانب تخيلوا... لا قدر الله لو أرادوا شيئاً لعيناً ماذا يفعلون؟ لكن الله هو الحافظ والساتر.. والذي حدث في سفر السيد الرئيس عندما نوى زيارة إيران عبر السعودية الطائرة لم تكن سودانية بل روسية.. والله ستر يومها... ونحن لا نتلاعب لحظة في حياة وسلامة السيد الرئيس لأنه يمثل السيادة السودانية.. ويكفينا شرفاً شعار سودانير أن يكون متجولاً بين طيات السحاب ممثلاً لسفارة سودانية معلقة في الجو... حتى الطائرة الروسية لا تليق بسعادة السيد الرئيس حين تهبط وهو على متنها بأية دولة يريد زيارتها... هناك أيادٍ خفية لا تريد لسودانير أن تتقدم للأمام لصالح شركات طيران أخرى خاصة... هذا ما يؤكده حال سودانير البائس... وإلا لماذا سودانير راكدة جاثمة وليست هناك إغاثة... الأمل معقود على الأخ مديرها الجديد الذي يقولون إنه «شاطر» ومدرَّب ووطني.. أما «الأمل» الأكبر فهو في سعادة السيد رئيس الجمهورية الذي في يده القرار الحاسم لإعادة سودانير بعد طول غياب. «إن قدّر لنا نعود». ٭ تنويه وتصحيح: ورد في عدد الأمس «مولانا المهندس عماد سيد أحمد» إمام وخطيب مسجد الشهيد محمود شريف ببري، والصحيح «المهندس عماد حسين.. ولذا لزم التنويه والاعتذار.