يصبح الطلاق في كثير من الأحيان الحل الوحيد لزوجين وصلت بهما السبل لطريق مسدود. لكنه يترك آثاره ورواسبه في حياة الزوجين. والإسلام أجازه في أضيق الحدود وذلك عند استحالة الحياة بين الزوجين. ويعد الطلاق فى الوقت الراهن من أكبر المشكلات وأكثرها انتشاراً بين الأسر. ورغم تباين الآراء بين من هو الضحية بعد الطلاق نجد أن الإجابة أن الأطفال هم الضحية في الغالب الأعم. ولكن تتباين الآراء حول المتضرر الأكبر ما بين الأطفال والزوجة والأب. «الإنتباهة» طرحت القضية على عدد من الناس والمختصين وخرجت بالآتي.. الرجال أكثر تأثراً يرى حيدر عثمان الموظف أن الرجل هو أكثر تأثراً من الطلاق من عدة جوانب، فاذا أخذنا الناحية المادية نجده الأكثر تضرراً فهو الذي ينفق على تكاليف الزواج مما يجعل الأمر به صعوبة حقيقية إذا فكر في الارتباط مرة أخرى ناهيك عن الجوانب النفسية والاجتماعية، عكس المرأة التي لديها المقدرة على مقاومة آثار الطلاق بفضل مساندة أسرتها ووقوفها الى جانبها ومؤازرتها لها خاصة إن لم تكن هي الطرف المطالب بالطلاق، ويؤكد حيدر في مثل هذه الحالة نجد المرأة لا تستسلم وتبحث عن شريك آخر ربما لتثبت لطليقها ان هناك من يرغب بها كزوجة، كما أن بعضهن يحاولن كسر الحاجز بعمل ووظيفة تملأ بها فراغها في حال عدم وجود أبناء. تجربة قاسية وتخالفه في الرأي سهام عبد اللطيف وتؤكد أن الخاسر هو المجتمع الذي تشكل الأسرة فيه النواة الأساسية، فالمشكلات وانقطاع صلة الرحم يقود إلى تفكك أسري لا سيما وان الأسرة تعد المنبع الأصلي للطفل في مجال النمو النفسي والعقلي، ويؤدي الطلاق لخروج جيل يعاني من تصدع ومشكلات نفسية قاسية ينعكس ذلك على الأبناء وأجزم بأنهم هم المتضرر الثاني بدون شك، فهم يعيشون تجربة نفسية قاسية تسبب لهم الألم والحرمان والضياع والتوهان. لذا يجب على الزوجين التفكير جيداً ومعرفة مدى خطورة الطلاق على الأبناء خاصة في مرحلة المراهقة التي تعد من أخطر المراحل التي تتطلب توفر جو أسري. شعور بالذنب ويرى عبد الوهاب علي المحامي أن المرأة هي المتضرر الاول والأخير من الطلاق، وعزا ذلك الى نظرة المجتمع للمرأة الذي يحاصرها بنظراته ويتعقب سلوكياتها بنظرة فيها ريبة وشك في سلوكها وتصرفاتها لا ذنب لها سوى ان لقب مطلقة التصق بها مما يشعرها بالذنب والإحباط وأبرز ما يفعله الطلاق على الزوجة هو العوز المالي وزيادة الأعباء المالية على المرأة المطلقة مما يجعلها من أكثر الأطراف تضرراً من الناحية الاقتصادية وانخفاضاً في المستوى المعيشي فهي تعيش في حالة من المعاناة من خلال سعيها لتوفير حياة كريمة لأطفالها وتربيتهم تربية سليمة. تحمل المسؤولية وتقول أسماء عبد الله الموظفة، إن الطلاق مثل السرطان فقد انتشر في المجتمع خاصة في الآونة الاخيرة، واضافت أن المرأة لم تعد كالسابق في التخوف من الآثار المترتبة على الطلاق فهي اليوم قادرة على تحمل المسؤولية وتربية أطفالها على أحسن وجه بل وإخراجهم للمجتمع، وهنالك نماذج لشخصيات مرموقة تربوا بعد الطلاق لكن المشكلة المادية تعتبر أيضا مشكلة فهي متعلقة بقدرأكبر على الزوجة ويتطلب ذلك أن تكون صبورة وتستطيع ان تتحمل تبعات الطلاق في السراء والضراء. إدارة الطلاق د. عمرو إبراهيم مصطفى الاختصاصي النفسي تناول القضية من زاويته، موضحا ان المتضرر الأول من الطلاق هو المجتمع بصفة أكبر لان بالطلاق يفقد المجتمع عددا من الأسر بعد ارتباطهم بواسطة الزواج، مشددا على ضرورة وجود تفاهم بين الزوجين يسبق الطلاق شارحا بان المفهوم السائد للطلاق هو عدم تعامل الزوجين مع بعضهم البعض وهذا مفهوم خاطيء مؤكدا ان الزوجين في الغالب لا يعرفان إدارة الطلاق، ثم يليه في المرتبة الثانية الأطفال فهم يعيشون حالة نفسية مضطربة والتوتر وحالة من الوسواس والإحساس بالدونية وتزداد المشكلة تعقيداً بزيادة المشكلات بين الاسرتين وكذلك في حال تخلي الاب عن مسؤولياته، والخاسر الثالث هي المرأة فنظرة المجتمع السالبة لها تشكل عبئاً حقيقيا عليها اضافة الى إلصاق لقب مطلقة مثل وصمة العار بجانب العبء المادي والتربوي في حال ظهور سلوك غير حميد من الابناء دون معاتبة الزوج الذي تركها في نصف الطريق وهو المتضرر الأخير وقد يعاني من اضطراب نفسي. لكن كل حالات الطلاق يلعب الرجل فيها دوراً كبيراً.