مباراة الهلال والملعب المالي التي ستقام مساء الغد باستاد الخرطوم والتي يحتاج فيها الأزرق الأنيق للفوز بهدف للعبور لدور الستة عشر وتفادي تكرار تجربة الخروج من الدور الأول في الموسم الماضي، هي مباراة جمهور في المقام الأول قبل أن تكون مباراة مهارات وطرق لعب وقدرات مدربين، لأن الجمهور هو روح الفريق وعقله وقلبه الذي يضخ الدم حاراً في عروقه ويبث في لاعبيه روح الإصرار والحماس ويدفعهم لبذل كل ما يملكون من جهد وقدرات لانتزاع فوز مستحق من هذا الفريق العملاق الذي يعتبر تخطيه تأكيداً على قدرة الهلال على الذهاب بعيداً في بطولة الأندية الإفريقية التي حقق فيها انتصارات مدوية على أكبر وأقوى الأندية ووصل فيها إلى النهائي ودور الأربعة والثمانية أكثر من تسع مرات!! وإذا كان الجمهور هو الذي سيملأ نفوس اللاعبين بقوة الإرادة وصدق العزم للقتال بضراوة لتحقيق انتصار كبير يسعد قاعدتهم العريضة المنتشرة في كل شبر من أرض الوطن، فإن مساندتهم القوية للفريق بالطبول والنحاس والهتافات المدوية ستكون لها أكبر الأثر في بث الرعب في نفوس لاعبي الملعب وهز ثقتهم في نفوسهم وحرمانهم من اللعب بهدوء وتركيز حتى يضطرب أداؤهم وتكثر أخطاؤهم فيجتاحهم الإعصار الأزرق بموجات من الهجوم تفتح الطريق لنصر مؤزر يكون بإذن الله فاتحة خير وبشارة فأل لتحقيق حلم الوصول لمنصة التتويج الافريقية والذي ضاع عدة مرات بسبب الصراعات والخلافات والأخطاء الادارية والفنية والإعلامية!! فالهلال في مباراة الغد المهمة والحاسمة لا يحتاج لجماهير تأتي للاستاد لتتفرج على الفريق ولا تخرج عن صمتها في مقاعدها ومدرجاتها إلا عندما يحرز الأزرق هدفاً، بل يحتاج لجماهير تشجع بقوة وصخب وعنفوان طوال زمن المباراة حتى يصبح استاد الخرطوم مرجلاً يغلي وبركاناً تهز حممه الأرض تحت أقدام لاعبي الملعب وتجعلهم يرتجفون من هدير الجماهير العاشقة لهلالها بدرجة لا يوجد لها مثيل في كل أنحاء القارة. فغداً الأحد هو يوم الجمهور الذي لن يخذل فريقه وسيقف خلفه وقفة رجل واحد حتى يتحقق النصر العزيز الغالي عن جدارة واستحقاق وليس بالأساليب الفاسدة كما اتهمت بعض الأقلام المريخية الهلال بشراء مباراته أمام الملعب المالي بباماكو، وهو اتهام غير صحيح لأنه أولاً لا يشبه أخلاق الهلال ولأن من يشتري سيدفع من أجل الفوز وليس التعادل السلبي الذي يمنح الملعب المالي فرصة التأهل في مباراة الرد باستاد الخرطوم بفرصتي الفوز أو التعادل الإيجابي، كما أن هذا الحديث لا ينبغي أن يصدر من أقلام الوعي والاستنارة التي تشكل الرأي العام، ويفترض أن يكون ولاؤها للوطن أكبر مليون مرة من ولائها لناديها، لأن الهلال يلعب باسم الوطن في هذه البطولة، وأي إنجاز يحققه هو للسودان وليس لناديه، ولذلك كم هو مؤسف أن يصل التنافس بين الهلال والمريخ داخل الميادين لمرحلة العداء والكراهية وتشويه الصورة بأكاذيب وافتراءات وإعلان البعض صراحة عن أمنيتهم في خروج الهلال كما خرج المريخ، والمجاهرة بالفرح والابتهاج لهزيمة فريق سوداني ومغادرته البطولة الإفريقية، وهي مسائل مخزية تؤكد انعدام الروح الوطنية وضعف الانتماء لهذا البلد الذي نشأ الجميع على أرضه الطيبة وشربوا من نيله وأكلوا من خيراته، ووفر لهم فرص التعليم والعلاج والعمل ليأتوا بعد كل هذا ويقفوا ضد الأندية التي تلعب باسمه وكأنها أندية أجنبية لا يربطهم بها هذا الوطن العظيم الذي لم يصل لهذه المرحلة من الانقسامات والنزاعات والتدهور الاقتصادي إلا بسبب ضعف الروح الوطنية وانعدام الوازع الوطني والأخلاقي!! وإذا كنا قد انتقدنا موقف بعض الصحافيين من مشاركات هلال مريخ الخارجية، فإن الواجب يفرض علينا أن نشيد بتصريح رئيس المريخ جمال الوالي الذي نفى فيه ما تردد عن الدور الذي قام به المريخ في تحريك شكوى الملعب المالي ضد الهلال في مشاركة الحارس جمعة جينارو، وقال جمال الوالي إن المريخ ليست له مصلحة في خروج الهلال لأن ذلك الخروج لن يعيد المريخ للمنافسة، مشيراً إلى أن محاولة إقحام المريخ في هذا الأمر هدفه الوقيعة بين الهلال والمريخ، مؤكداً ان هذا الأمر لن يتحقق!! والحقيقة أن مثل هذا التصريح ليس غريباً على جمال الوالي الذي لم يحدث ان اساء للهلال أو استهزأ به أو عمل على التقليل من شأنه، بل ظل دائماً يقف معه في مبارياته الخارجية ويشاركه في كل المناسبات التي تقام بداره، ويتواصل اجتماعياً مع كل أهل الأزرق في مناسباتهم السعيدة والحزينة، كما انه لم يدخل في معارك صحفية مع قيادات الهلال أو يظهر يوماً عداءً وكراهية للأزرق كما يفعل الكثير من الاداريين الذين يتباهون بعصبيتهم وتطرفهم الذي يتعارض جملة وتفصيلاً مع قيم وأخلاقيات الرياضة التي تدعو للإخاء والمحبة، وتقبل نتائج التنافس الشريف داخل الملعب بروح رياضية لا يبطرها الفوز ولا تحزنها الهزيمة.. كما يحسب لجمال الوالي أنه قد تحمل بصدر رحب حملات الهجوم التي لم تتوقف منذ أكثر من تسع سنوات من الأقلام الهلالية والمريخية التي لم يدخل معها في خصومة أو مقاطعة أو يرفع ضدها القضايا لأنه يدرك أن هذه ضريبة العمل العام، وأن الخلاف ينبغي ألا يفسد للود قضية، وأن الصمت في كثير من الأحيان أبلغ رد وأعمق تأثيراً من الدخول في معارك لن تضيف إليه شيئاً بقدر ما تنتقص من قدره!!