وزير الخارجية المصري يصل بورتسودان    محمد حامد جمعة نوار يكتب: نواطير    "فينيسيوس جونيور خط أحمر".. ريال مدريد يُحذر تشابي ألونسو    الهلال يدشن انطلاقته المؤجلة في الدوري الرواندي أمام أي سي كيغالي    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    عثمان ميرغني يكتب: إيقاف الحرب.. الآن..    مستشار رئيس الوزراء السوداني يفجّر المفاجأة الكبرى    مان سيتي يجتاز ليفربول    التحرير الشنداوي يواصل إعداده المكثف للموسم الجديد    دار العوضة والكفاح يتعادلان سلبيا في دوري الاولي بارقو    كلهم حلا و أبولولو..!!    السودان لا يركع .. والعدالة قادمة    شاهد.. إبراهيم الميرغني ينشر صورة لزوجته تسابيح خاطر من زيارتها للفاشر ويتغزل فيها:(إمرأة قوية وصادقة ومصادمة ولوحدها هزمت كل جيوشهم)    البرهان يطلع على أداء ديوان المراجع العام ويعد بتنفيذ توصياته    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الدكتور علي الحاج قبيل عودته للسودان «2»
نشر في الانتباهة يوم 11 - 03 - 2014


د. عبدالرحيم العالم عمر محي الدين:
نلتقي الدكتور علي الحاج محمد نائب الأمين العام للمؤتمر الوطني قبل الانشقاق- والأمين السياسي للجبهة الإسلامية القومية «1989-1985م» والذي يعتبر من القيادات التاريخية الجريئة والشجاعة للحركة الإسلامية الذي افتقدته شؤون السودان السياسية كما فقده السلام والوحدة في السودان حيث أصبح لاجئاً سياسياً في ألمانيا يحمل جواز مفوضية اللاجئين بعد أن اعتذرت سفارتنا في ألمانيا عن تجديد جواز سفره السوداني. ظل الدكتور علي الحاج خارج السودان منذ انشقاق المؤتمر الوطني وقيام المؤتمر الشعبي في يوليو عام 2000م. علاقتي المباشرة والعملية بالدكتور علي الحاج تعود لشهر أكتوبر سنة 1985م هو العام الذي تخرجت فيه في الجامعة والتحقتُ بمكتب الجنوب بالجبهة الإسلامية الذي كان يترأسه الدكتور علي الحاج يعاونه الشهيد فضل السيد أبوقصيصة ومن خلف الكواليس الشيخ الهَرَم المرحوم مبارك قسم الله.. بدأت علاقتي في ذلك التاريخ بالأخ الدكتور علي الحاج الذي أوكل لي الإشراف على إدارة الانتخابات في إقليم بحر الغزال «بحر الغزال الكبرى» التي تمتد من شمال أويل إلى رومبيك وقوقريال ومدينة راجا في غرب بحر الغزال..كذلك تواصلت علاقتي بالدكتور علي الحاج عندما انتقل للمكتب السياسي الذي أصبح أميناً له بعد أن تركه الأستاذ أحمد عبدالرحمن محمد.. لكني لا أنسى ذلك اليوم في العام 1986م حين كلفني الدكتور علي الحاج بالذهاب لبحر الغزال للإعداد لقيام مؤتمر الجبهة الإسلامية في مدينة واو ثم أخذني جانباً وقال لي: « إن الشيخ الترابي سيحضر إلى مدينة واو وسيخاطب هذا المؤتمر وهذا سرُ لا ينبغي أن يكشف إلا عندما يهبط الشيخ الترابي مطار واو» وتعاهدنا على ذلك.. ثم أذكره ونحن نخاطب جماهير واو بعد أن وصلها الشيخ الترابي وعلي الحاج يضرب على كتفي من على ظهر العربة اللاندروفر المكشوف في حي «مقطاع» بمدينة واو حيث مقر مكتب الجبهة القومية الإسلامية عندما بدأتُ في تقديم الشيخ الترابي لجماهير واو التي احتشدت بمقر الجبهة.. أثناء تقديمي للشيخ الترابي قلت لجماهير واو: ها هي الجبهة الإسلامية ترميكم بفلذات أكبادها.. فإذا بالدكتور علي الحج يضرب على كتفي..قائلاً مين يفهم ليك هنا فلذات أكبادها هذه؟ خاطب الناس بما يفهمونه.. وقد كان محقاً فالناس هناك يتحدثون عربي جوبا.. ثم أذكر أيضاً عندما جاءه السياسي الجنوبي علي تميم فرتاك ناقلاً له تهديداً من بعض السياسيين الجنوبيين ببحر الغزال الذين قالوا له: إن عبدالرحيم وعلي محمد علي لو جاؤا لمدينة واو سوف نغتالهم.. قام تميم بنقل هذا التهديد للدكتور علي الحاج رئيس مكتب الجنوب.. فما كان منه إلا أن دعاني أنا والأخ علي محمد علي ونقل لنا ما ذكره علي تميم ثم طلب منا أن نتوجه غداً لمدينة واو ثم قال موجهاً الحديث لعلي تميم: إن هؤلاء الشباب إما مجاهدون وإما شهداء ومن يتحمل مسئولية الدعوة عليه أن يكون مستعداً ليضحي من أجلها .. وتوجهنا إلى واو حتى أقمنا فيها الانتخابات وإن لم يستطع تميم الذهاب ليقود حملته الانتخابية. هذا هو علي الحاج الذي أعرفه بل هذا جزء مما أعرفه عنه .. بساطة وتواضع وخفض للجناح، وزهد في المواقع..لا يعرف التآمر ولا الحقد.. قلبه أبيض كاللبن يُعرف ذلك من خلال التعامل معه. ما يؤلمني حقاً أن رجل بقامة وتاريخ الدكتور علي الحاج الذي جاوز السبعين من العمر يعيش اللجوء ويجد الأمان في بلاد النصارى ويفتقده في دولة المشروع الحضاري التي كان أحد أعمدتها وبناتها.. علي الحاج يخشى على نفسه إن عاد إلى السودان أن يواجه مواد حكم الإعدام التي حملها له مندوب الأمم المتحدة السويسري وهو في ألمانيا كما سنرى في هذا الحوار.. الفرد لا يكاد يصدق. فإلى مضابط الحوار مع الدكتور علي الحاج:
الدكتور علي الحاج غاب عن السودان منذ المفاصلة لما يزيد عن العقد من الزمان واحتمى بأوروبا ما أثار حول تحركه شبهات كثيرة منها دعمه لحركات التمرد في دارفور والسعي لمحاصرة السودان ودعم المحكمة الجنائية ضد الرئيس البشير...إلخ فما هو ردكم؟.
كل هذا rubbish ، كذب .. هراء .. افتراء.. وليس لديه أي أساس من الصحة.. وأنا أعطيك مثالاً: الهجوم الذي وقع على الفاشر وخسرت فيه الحكومة عدداً من الطائرات والقتلى في عام 2003م، ناس الحكومة قاموا عملوا المتهم الأول فيها هو الدكتور علي الحاج وآخرون!! وحددوا تسع عشرة مادة قانونية ضدي وبعضها هو الإعدام! وأنا في البداية اعتبرت الموضوع نوع من المكايدة لكنهم رفعوا الأمر ضدي للأمم المتحدة باعتبار أنني الممول للحركات!! وجاءني مندوب الأمم المتحدة في بون وقال: يقال إنك أنت الممول لكل الحركات المسلحة في دارفور!! فقلت له : I wish I were, this is rubbish ، ثم قلت له: مَنْ الذي قال لك هذا؟ قال : فلان وفلان.. قلت له: دا كلام الحكومة وهل أنت صدقت انو في كلام زي دا؟؟ قال لي: أنا جئت دايرين نعرف من أين تجد الحركات تمويلها؟ ثم قال لي: أنت متهم بأنك مولت هجوم الفاشر المسلح؟ قلت له هذا يقال في الإعلام فأنا أصبحت بالنسبة للحكومة زي « التندل» الكوشة- يرموا فيَّ كل قازوراتهم واخفاقاتهم ومساوئهم وهذا سهل لهم. لكن أنا لا دخل لي بهذا الأمر وأنا برئ منه.. ثم سألني: ألم يتحدث معك أحد غيري ؟ قلت له: لا أنت الوحيد الذي سألني..هو سويسري.. أنا سألته: أنت في سويسرا هل هنالك شخص فرد يمكن أن يمول في أوروبا حركة مسلحة؟ رد: إنه عارف هذا غير ممكن لكن هم قالوا ذلك!.ثم أردفت: أنت أفضل لك أن تتأكد من الحكومة الألمانية هل أنا لدي فلوس في أي بنك؟؟ ثم قلت له إنه لمن المحزن أن تصبحوا أنتم مضللين بواسطة الحكومة وتصدقوا دعاويها وافتراءتها.. قال: هنالك أوراق واتهامات مكتوبة ضدك؟ قلت كل ذلك يقوله ناس الحكومة إن كل مشاكل دارفور يقف من ورائها علي الحاج بل حتى المحكمة الجنائية من ورائها علي الحاج. في اليوم التالي أحضر لي مندوب الأمم المتحدة كل القصاصات الإعلامية والأوراق التي تحتوي التهم ضدي حيث ذكر أن المتهم الأول في أحداث الفاشر هو الدكتور علي الحاج وآخرون.. الآخرين ديل هم ناس خليل إبراهيم وذكروا ناس ليس لديهم صلة بدارفور والغريب أنهم الآن معاهم في الخرطوم. ثم سألني عن مكان أموال المسئولين السودانيين الكبار؟؟ قلت له أنت جئت إلى هنا لتسألني عن أموالي أنا التي يزعم أنني مولت بها حركات دارفور أم أموال هؤلاء المسئولين فأنتم في سويسرا أعلم بها والبنوك عندكم في سويسرا.. يعني انت ما عارف الحسابات؟ قال لي: زي منو؟؟ قلت له: كلهم عندهم حسابات في بنوككم بأسمائهم وبغير أسمائهم وكلهم قاعدين يمروا عليكم بأسماء غير أسمائهم الحقيقية وجوازات غير جوازاتهم الحقيقية.
انت يا دكتور ما موقفك من الحركات المسلحة؟؟.
أنا ضد الحركات المسلحة.. أنا أؤمن بأن هنالك مشاكل وقضايا مهمة في دارفور تستوجب اهتمام الحكومة والسعي الجاد لحلها، وأنا لا أقول ذلك فحسب بل أنا في نهضة دارفور التي يتولى رئاستها دريج التي تكونت في أكتوبر 1965م وأنا كنت نائب رئيس وأنا كنت طالب وقتها.. لكني مع الخط السلمي.. يا أخي أنا عندما ذهب الأخوان للتدريب في ليبيا لم أذهب بل حتى الجهاد في الجنوب أنا لم أشترك فيه لأنني مع السلام ومع الحل السلمي. أنا خطي مع السلام.
تقرير المصير:
أنت متهم بأنك أول من أدخل مفهوم « حق تقرير المصير» للمفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان الجنوبية بفصائلها المتعددة، فما هو دفاعك عن هذا الاتهام؟؟.
فكرة تقرير المصير برزت منذ مؤتمر المائدة المستديرة في عام 1965م وجاءت هذه الفكرة من جبهة الجنوب التي كان يرأساها الزعيم الجنوبي كلمنت أمبورو وأعضاؤها أبيل ألير وبونا ملوال.. كان وليم دينق زعيم حزب سانو كان ينادي بالفدرالية. أما بقية الأحزاب الشمالية فلم تكن لها رؤية محددة لذلك أوكلوا هذا الأمر للترابي ليقدم رؤية حوله نيابة عنهم فقدم فكرة اللامركزية والحكم الاقليمي.. فهذه الفكرة قديمة ولم تكن فكرة علي الحاج.. ولا نحن عندما ذهبنا نتفاوض مع الجنوبيين ذهبنا كعلي الحاج.. في يناير1992م جلسنا لمفاوضات فرانكفورد مع إخواننا الجنوبيين، وكانوا هم جناح الناصر بقيادة رياك مشار ولام أكوال كنا جميعنا سودانيين ولم تتدخل ألمانيا في حوارنا بل كنا ندير الحوار في فندق ماريوت في فرانكفورت وأذكر كان معي المرحوم فضل السيد أبوقصيصة والمرحوم أحمد الرضي جابر والمرحوم موسى علي سليمان و المرحوم كمال علي مختار ومن السفارة السودانية كان السفير محمد حسين زروق.. ومن الطرف الآخر كان يوجد لام أكول وكستيلوا قرنق وديكي من أعالي النيل وتعبان دينق والقاضي جون لوك وتلار وآخر وكان هؤلاء الجنوبيون ينادون بانفصال الجنوب عن الشمال.. ونحن قلنا لهم: من أنتم حتى تحددوا انفصال الجنوب عن الشمال.. وبعد نقاش قلنا لهم لا ينبغي عليكم أن تفرضوا علينا الانفصال بالقوة.. هم قالوا: أنتم أيضاً لا ينبغي عليكم أن تفرضوا علينا الوحدة بالقوة.. نحن قلنا لهم: نعم لا يوجد فرض لا للانفصال ولا للوحدة. ثم قلنا بأي موضوع نبدأ؟ هم قالوا: نبدأ بالانفصال وبعد فترة إذا فشل الانفصال نعود للوحدة.. نحن قلنا لا.. نبدأ أولاً بالوحدة ونمنح الوحدة زمناً معيناً حددناه بعشرين عاماً وكل الناس الذين هم الآن في السلطة عارفين الكلام دا مش علي الحاج.. وبعد العشرين سنة وخلالها تكون في تنمية وعرَّفنا التنمية في البنيات الأساسية مثل الطرق والتعليم الكهرباء والصحة والانتخابات والحريات وخلافه ولم نتحدث ابداً عن الوظائف والمناصب وقسمة السلطة.. والآن أنت لو لاحظت اتفاقية نيفاشا الحديث فيها كله عن المناصب والمواقع ولم تكن هنالك تنمية اصلاً وكان الكلام عن التنمية كلام ساكت.. بينما نحن تحدثنا عن التنمية قبل ظهور البترول ولم نتحدث عن الوظائف كما في نيفاشا.. هذا هو سياق فرانكفورت أي لا فرض للانفصال ولا فرض للوحدة وحددنا نحن المتفاوضون أننا غير محايدين في مسألة الوحدة والانفصال بل نحن الطرفان مع الوحدة، لذلك بدأت اتفاقية الخرطوم للسلام بالوحدة.. على العكس من اتفاقية نيفاشا التي بدأت بكيانين وحكومتين مستقلتين لكل حكومة جيشها وعلمها وسفاراتها وصلاحياتها حيث لا يجوز للمركز أن يتدخل في صلاحيات حكومة الجنوب ولا يحق للرئيس محاسبة رئيس حكومة الجنوب رغم أنه هو نائبه الأول، كما لا يحق للرئيس أن يسأل عن أموال البترول التي منحت لحكومة الجنوب أين ذهبت وكيف صرفت؟؟ أي إن نيفاشا كرست للانفصال قبل الاستفتاء.اتفاقية نيفاشا بدأت من النقطة التي رفضناها نحن في فرانكفورت.. لأننا في ابوجا جاء جون قرنق واقترح ثلاثة مستويات للحكم أي أن يكون هنالك نظام للحكم في الشمال وآخر في الجنوب وثالث مشترك بينهما. نحن رفضنا لجون قرنق هذا المقترح لأنه يعني الانفصال. لكن جاء الإخوة في نيفاشا وقبلوا كل الذي رفضناه في أبوجا.. لذلك عندما قابلني جون قرنق في آخر لقاء بيني وبينه في يناير/2005م قبل ان يذهب للخرطوم قال لي بحضور الحاج آدم وياسر عرمان وآخر اسمه زكريا، قال لي يا أخي نحن الشيء الذي وصلنا له في نيفاشا هو نظام كونفدرالي without saying it ،ثم أردف قائلاً: »The things which you rejected in Abuja now these people adopt it» I said: congratulation.«
أي إن المقترحات التي رفضتها أنت في ابوجا هؤلاء القوم قد وافقوا عليها في نيفاشا!! قلت له أهنئك بذلك.
لكن مثل كلامي وشرحي هذا ما كان له أن ينشر في السودان وكثيرون أجروا معي لقاءات لكنها لم تنشر.
لماذا خرجت نيفاشا بهذا الشكل الضعيف المميت؟.
هنا بدأ علي الحاج معلقاً على حوار لي مع قناة إبوني (Ebony) الفضائية، ذلك الحوار الذي أجراه معي الدكتور محمد جلال أحمد هاشم وهو حوار متعدد وعندما تطرق الحوار لموضوع نيفاشا قلتُ له: جاءت نيفاشا بهذا الضعف لأن الذين وقعوها كانوا قادة محليين ينقصهم البعد الدولي في التفاوض والعلاقات ووصفتهم بأنهم (local leaders)، عند ذلك قاطعني المحاور قائلاً: وفدكم كان برئاسة علي عثمان فمن عندكم من هو أكفأ منه في هذا المجال؟؟ قلت له: علي الحاج هو صاحب هذا الملف والخبير بمنعرجاته ومنعطفاته وخدعه وحيله.. هنا علق الدكتور علي الحاج على حوار قناة «إبوني» معي وحول حديثي عن مجموعة نيفاشا قائلاً: أنت وصفتهم بأنهم (Local leaders)، لا بل هم أقل من ذلك هم (Domestic leaders)، ناس بيت وليسوا محليين!! لماذا؟ لأن هؤلاء الناس ليسوا ناس مفاوضات .. صحيح دكتور نافع ومطرف كانوا ناس أمن معانا في أبوجا يقومون بالترتيبات والتدابير الأمنية ولم يكونوا مفاوضين وهناك ناس من الجيش لكن ملف المفاوضات ملف سياسي.. أما في نيفاشا قد أصبح الملف ملفاً أمنياً .
ناس نيفاشا لم تكن لديهم خبرة في المفاوضات ولم يلتقوا جون قرنق من قبل، أنا أول زول من الحكومة قابلت جون قرنق في عنتبي عام 1993م وتناقشت معه واطلعت على أفكاره.. أما هؤلاء فليست لديهم تجربة في التفاوض بما فيهم رئيسهم «دعنا نتحدث بموضوعية»، ولا أحسب بل أشك أن ر ئاسة الوفد والذين معه أشك أنهم قرأوا نيفاشا(!!) أنا أشك في ذلك لأني أعرفهم جيداً ليس لديهم صبر على القراءة. لكني أتمنى أن أكون مخطئاً وأحب أن يأتي واحد منهم ويقول إنه قد قرأ نيفاشا قبل التوقيع عليها.!! لأن هنالك بعض الأشياء لم يكن هنالك منطق أن تقبل بهذه الوضعية، خذ مثلاً قضية أبيي - قضية المشورة الشعبية- قضية أن تبدأ بكيانين جيش هنا وجيش هناك أنت بهذه الصورة بذرت مقدماً بذور الانفصال!!.
لماذا نزع ملف التفاوض من غازي بعد أن كان موفقاً لحد كبير في مشاكوس؟
من ناحية تحليلية غازي كان متشدداً لذلك ناس قرنق طالبوا بتغييره وكان رأي الغربيين أن يسند الملف للنائب الأول.. والنائب الأول هو نفسه كان يسوِّق نفسه للغرب ( He was selling himself)، النائب الأول كان ( promoting himself to the West)، كذلك ناس الحكومة السودانية طالبوا بتغيير رياك مشار الذي كان يفاوض غازي لأنه كان مشارك معاهم لمدة خمس أو ست سنوات وبيعرف كل عيوبهم لذلك قرنق وافق على تغيير رياك مشار وجاء هو شخصياً ليقود المفاوضات. أما أخطر نقطة فهي أبيي لأن ما تم فيها ما كان ينبغي أن يتم.. ومفاوضو الحكومة لم يرجعوا لاتفاقية الخرطوم للسلام ليعرفوا ماذا تم في ابيي!. كذلك موضوع اقتسام البترول قد عولج بطريقة غريبة جداً خمس سنوات؟؟ أنا أفهم أن تقول تقرير المصير يتم في خمس سنوات لكن الجانب الاقتصادي لا يمكن أن أقول إنه أيضاً يتم خلال خمس سنوات لأن هذا جانب اقتصادي أنا بنيت عليه مشروعات وخطط ولدينا التزامات لذلك كان ينبغي أن تستمر مسألة الخمسين في المائة «50% » من عائدات البترول لمدة خمسين أو ثلاثين أو قل عشرين سنة كما كان يمكن أن تستمر بالتناقص «50% » للجنوب فترة ثم «60% » لمدة خمسة عشر عاماً ثم «70% » وهكذا.. لكن أن يؤول لهم كل البترول خلال خمس سنوات فهذه ليست غفلة بل سذاجة وعدم خبرة وقلة معرفة من المفاوض الحكومي في ابوجا.. المفاوضون ربطوا هذه المسألة بأعمارهم وليس بعمر السودان إذ يظهر فيها الجانب الشخصي.. هم عايزين كل هذا الأمر ينتهي وهم موجودين!! هذا ما قاد لهذه النتائج الكارثية.
أمر آخر أن سلوكهم بعد نيفاشا كان عدائياً وكلامهم شين ونسوا أن الوحدة لن تأتي بالفلوس بل تأتي بالثقة والكلمة الطيبة لكنهم يستعجلون بالسيئة قبل الحسنة هذه هي المشكلة حتى كلامهم عن اسقاط الجنسية في البرلمان وغيره من السلوك لا يشجع على روح الوحدة.. وسلفاكير تم فصله قبل يوم 9/7/ وأن على البقية أن تذهب!! وكما قال أحد الأخوان: لو أن الجنوب في ظل نيفاشا أصبح مثل إمارة « دُبي» هل هذا سيجعل الجنوبيين وحدويين.. التعامل والكلمة الطيبة والاحترام وبناء الثقة هو الذي يقود للوحدة.
كذلك قد تكون هنالك اتفاقات مغلقة مع جون قرنق أو اتفاقات سرية في الجلسات المغلقة بين رئيسي الوفدين وأنا أسميتها «المناجاة» بين رئيس ورئيس قد تكون طرحت كثير من القضايا التي تقال ولا تكتب ولكن شاء الله أن ذهب قرنق بمناجاتهم وأصبحت المسألة هكذا.. أنقل عني أن الذي حدث ليس تقرير مصير بل إن الجنوبيين قد طُردوا طرداً بما كان يقوله المسئولون من أننا لن نعطيهم كذا وكذا وسنسقط عنهم الجنسية...إلخ هذا ما قادهم لترجيح خيار الانفصال. وأنا ما أراه الآن وفي ظل المشورة الشعبية أن الانفصال لن يتوقف على الجنوب بل أخشى أن تلحق به جنوب كردفان وأبيي والنيل الأزرق.
من كان يقف وراء مذكرة العشرة ؟؟. هل هنالك أصابع خارجية وراء تلك المذكرة؟؟.
أنا أستبعد أن تكون هنالك أصابع خارجية وراء مذكرة العشرة. دائماً مثل هذه المسائل تبدأ من الداخل ومن أقرب الناس إليك.. أو من أكثر الذين تثق بهم.!!. التاريخ الإسلامي كله هكذا... المؤامرات تأتيك من أقرب الناس إليك، ولك أن تتساءل كيف دخل هولاكو التتري بغداد؟. دخلها عن طريق الوزير الأول للخليفة العباسي.. هولاكو ما كان يعرف كيف يسيطر على بغداد فكان الوزير الأول هو دليله.. لكن كانت نهاية ذلك الوزير الأول مؤسفة على يد هولاكو حيث قتل رمياً بالأحذية حتى مات. هذه عظات من التاريخ حيث تأتيك الخيانة والمؤامرات من أكثر شخص مؤتمن بالنسبة إليك.
.. أنا كنت وقتها نائب الأمين للمؤتمر الوطني إذ أصبحت نائباً للأمين العام عام 1998م لكن كان هناك نائب آخر هو لورنس لوال لوال.
مقاطعة: يعني قتلتكم الثقة؟
نعم قتلتنا الثقة.. أنا ما زلت أؤمن بالثقة مهما كان، وأعتقد أن غالب الحركة الإسلامية يمكن أن يوثق فيهم جزء منهم في الشعبي والآخر في الوطني وهم محل ثقة.. لكن تهتز الثقة عندما يتعرض البعض لفتنة السلطة.. الشريحة العليا الممسكة بالسلطة كثيراً ما تفتنهم السلطة ما يجعل الثقة فيهم كثيراً ما تهتز. لذلك كانت الحكمة في تحديد أجل من يتولى السلطة بزمن محدد. ونحن تأخرنا كثيراً في تحويل الحكومة من عسكرية إلى مدنية فالدستور كان ينبغي أن يشمل ذلك ويتنزل منذ عام 1994م لكن كان البعض يعترض بحجة أن الكرمك محتلة وغير ذلك من المبررات التي أخروا بها مجيء الدولة المدنية حيث تأخر الدستور أربع سنوات ولم يجز إلا عام 1998م.
انقلاب التلاميذ على شيخهم يعني واحداً من الآتي:
أنه لم يحسن اختيارهم؟
أنه لم يحسن تربيتهم؟.
أنه لم يكن رفيقاً بهم؟
أنه حاول التخلص من بعضهم؟
يضحك علي الحاج ثم يقول: أو كلها جميعاً. كل هذا وارد.. لا أعتقد أنهم قد تربوا على يديه أو هو قام بتربيتهم لأن التربية مسألة ذاتية، وما ذكرته قد يكون كله صحيحاً .. لكن أنا أرى أن الثقة والثقة المفرطة في البعض كانت هي سبب أزمتنا.. ثقة الأمين العام فيهم كانت ثقة لا تقبل النقد أو النقص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.