لا شك أن هناك قناعة دولية في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية السائدة إلى حاجة المجتمع الدولي العاجلة والمتزايدة لضبط التسلح مع اتاحة الفرصة لكل الأطراف المشاركة في هذه العملية بعدم الإخلال بأمنها القومي وكذلك حقها في الدفاع عنه إذا ما تعرض إلى تهديد مخيف وقوي مما يستوجب الحد والإقلال في مستويات التهديد التي يمكن أن توجه لأية دولة من خصومها بأقل مستوى عسكري مقبول وإلا أدت العملية إلى تقديم تنازلات من طرف على حساب زيادة الأمن القومي لطرف آخر لكونها عملية متبادلة وهنا لا يمكن إخفاء حقيقة أن هناك اتفاقاً عاماً عالمياً على أهمية ضبط التسلح ولكن هناك تعدد للدوافع والرؤيا الدولية للعوائد والأهداف لتلك العملية بما يتفق مع المصالح والأهداف القومية لكل دولة ومما قد يتعارض مع مصالح دول أخرى وبالأخص دول العالم الثالث التي قد تشعر أن العملية أصبحت تمثل قيداً يلتف حولها ويجعلها غير قادرة على حماية مصالحها وهنا قد يكون من أهم الدوافع إلى قبول عملية ضبط التسلح على المستوى الدولي تنامي ظاهرة السيطرة على جوانب التسلح في عديد من دول العالم وعدم اقتصار تداعيات الموقف على البعد العسكري وحده بل يمتد إلى البعد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وفي تصور الكثيرين أنه قد آن الأوان في إطار عمليات جهود السلام الجارية يمكن الاستفادة من الطرق المفتوحة للربط بين قضايا ضبط التسلح وخفض نفقاته وهنا ضرورة دفع عجلة التنمية الاقتصادية لدول منطقة الشرق الأوسط وتكون لدول المنطقة القناعة بالارتفاع إلى مستوى لكل المسؤوليات وذلك إدراكاً من الجميع بأهمية العملية وحتى تكون غاية قومية إقليمية تحتاج إلى جهود مشتركة مخلصة لتحقيق عدالة التوصل إلى حل للعملية وهنا تجيء الحاجة الدولية والإقليمية والضرورية إلى مواجهة خطر انتشار أسلحة التدمير الشامل بكل أنواعها من خلال إيجاد آليات ضبط محددة ومتفق عليها مع الوضع في الاعتبار اختلاف المواقف فهناك رؤيا لدى دول النادي الدولي بالتمسك الإستراتيجي للخيار النووي واستعدادهم فقط للتعامل مع مفاهيم الخفض ومنع الانتشار بينما تتمسك دول أخرى بضرورة النزع الكامل لأسلحة التدمير الشامل كمعيار حقيقي للتقويض التام لمخاطر وتهديدات مثل هذه النوعية من الأسلحة وهذا ما تنادي به مصر وتؤيدها الدول العربية من مخاطر وجود أسلحة تدمير شامل لدى إسرائيل وامتلاك دول أخرى في المنطقة لتلك الأسلحة مما يستوجب أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من تلك الأسلحة تماماً وأن عملية ضبط التسلح بتعدد مجالاتها ووسائلها تحقق إمكانية السيطرة المسبقة على احتمالات التداعي الخطيرة للأزمات في حالة نشوبها وتجنب ما أسفرت عنه حرب تحرير الكويت في المنطقة من فشل سياسة الردع وعدم نجاح أسلوب الضربات الإجهاضية ومخاطر انتشار تكنولوجيا الصواريخ الباليستيكية أرض أرض والتلويح والتهديد باستخدامها خاصة مع محاولة زيادة مدياتها ودقة توجيهها وقدرتها على حمل رؤوس حربية متنوعة وهنا يمكن رصد التطلع الدولي والرغبة على إمكانية تحقيق الأهداف التفصيلية والمثلى لعملية ضبط التسلح سواء على المدى الطويل أو أن يكون بعض منها على المدى القريب إيماناً بارتباط تلك بكل من تحقيق الاستقرار والقدرة على التنبؤ عسكرياً وتهديد الأزمات ومنع الانتشار مع تحسين العلاقات السياسية في ظل التعاون وقبول التفاوض والحوار لحل الأزمات بالطرق السلمية وذلك لتجنب عواقب الحروب وخفض تكلفتها كسمة بارزة مستهدفة للنظام العالمي الجديد وانعكاساته على النظم الإقليمية وهنا يجب أن يعرف تماماً المنظور الأمريكي من حيث إنها القوة العظمى المنفردة في الوضع العالمي الجديد وستبقى كذلك لفترة زمنية تطول أو تقصر والأمر يتطلب معرفة جوهر الفكر الأمريكي والدولي لوضع الحسابات الدقيقة للتحرك لتحقيق المصالح القومية العربية من قبول عملية ضبط التسلح والإلمام بالأبعاد الحقيقية للعملية من حيث الممكن وغير الممكن وفي مجال توضيح منهجية التعامل الدولي الحالي وبما يتفق غالباً مع الفكر الأمريكي يكون إزاء عدة مجالات رئيسة لجهود ضبط التسلح منها أسلحة التدمير الشامل نووي وكيماوي وبيولوجي وإشعاعي وتغيير البيئة لأغراض عدائية والمهم في هذا الصدد القول بأنه أصبح واضحاً الحرص المتزايد لدول النادي النووي على ضرورة منع انتشار الأسلحة النووية على مستوى دول العالم الثالث خاصة بمناطق المتغيرات الحادة وهي منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا والسعي لإيجاد مزيد من الضمانات وذلك للحد من وجود هذه النوعية من الأسلحة وبالأخص مع بعض دول الكومنولث المستقلة وهنا يمكن الاستفادة من هذا الاتجاه في تحقيق الاستقرار والأمان في المنطقة العربية ويتفق مع الرغبة العربية في أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية تماماً من تلك الأسلحة.