في لقاء صحافي سينشر لاحقاً كنت قد أجريته مع السيد بشتنة محمد سالم رئيس لجنة العرف للمسيرية والدينكا في مقر إقامته بالمجلد.. عقب احتلال أبيي من قبل مسلحين من دينكا نقوك وتصاعد وتيرة العنف في المنطقة، ذكر السيد بشتنة محمد أن أبيي طال أمد السلام أو قصُر فهي مدينة شمالية، وذلك حسب الموقع الجغرافي والحدود المعروفة التي وضعت في 1/1/1956م.. وأشار السيد بشتنة إلى أن المستعمر الإنجليزي حينما غادر السودان تركه خلفه في شكل ديار وليس ولايات ولا مديريات.. وذكر في ذلك دار المسيرية ودار حَمر ودار الكبابيش ودار الشايقية ودار الجعليين إلى غير ذلك من ديار.. بهذا نعتبر حسب بشتنة أن أبيي تقع في ديار المسيرية.. مشيراً في ذات الوقت إلى أن ما يحدث في أبيي من عنف وصراع واقتتال هو صنيعة استعمارية، مؤكداً أن الغرض منها مكايدة الحكومة.. معللاً ذلك بالقول إن كل الحكومات الوطنية ما بعد الاستقلال لم يصل فيها ويتأزم وضع أبيي مثل ما هو عليه اليوم. وأشار إلى أنه بعد قرار محكمة لاهاي بشأن أبيي تولد رأي عام سالب تجاه المنطقة، سيما بعد تقرير لجنة الخبراء المزيف. ولكنه عاد وقال: «ولكن بعد تحديد دار المسيرية اتضح للرأي العام السوداني أن أبيي شمالية»، وأكد السيد بشتنة محمد سالم علي حقيقة أن «1500» من أبناء الأنقوك المسلحين لدى الحركة الشعبية احتلوا منطقة خط عشرة وهم الآن يوجدون في المنطقة بغرض إخراج عرب المسيرية بالقوة .. حيث أقاموا حسب بشتنة ستة معسكرات.. وكانوا يقذفون البقر والرعاة .. مثبتاً حقيقة أن ليس هناك أحد من المسيرية في مدن المجلد وبابنوسة والفولة والميرم والتبون والدبب لم ينظموا أنفسهم في شكل مجموعات أو قوات عسكرية لخوض معارك مع الأنقوك كما أُشيع.. ونفى ذلك بقوله أن الذين حاربوا كانوا هم العرب الموجودين في مناطق مراعيهم وديارهم.. وقال بشتنة إن قوات جيش الأنقوك أشادوا المعسكرات على مرأى من قوات حفظ السلام الإثيوبية والاتحاد الإفريقي. بينما يظل هذا هو رأي المسيرية وزعماء وأعيان المنطقة ممن يعيشون على سهوب ووديان تلك المناطق، ويصعد على منابر الخرطوم آخرون ينفون كل كبيرة وصغيرة للحد الذي يجعلني أعتقد أنهم سيزيفون درجة الحرارة يوماً. إن التقارير والأخبار عبر الهاتف الجوال التي ترد إليّ في كل حين، تؤكد أن مسلحين من النقوك مازالوا يحتلون منطقة خط عشرة.. وأن قواتنا المسلحة لا تنفي ذلك بحكم أن المنطقة هي محل حكم جائر أصدرته لاهاي قبل عامين من الآن. لذا نحذِّر من يتحدثون عن أبيي الحاضر وآفاق السلام في قاعات ومنابر الخرطوم المسيسة، من مغبة الخلط بين القوانين التي تقسم الحدود والأطماع التي تحطم هذه الحدود. إن أبيي منطقة سودانية شمالية يسكنها المسيرية وبعض الأنقوك بوصفها مجتمعات محلية متعايشة.. ولكن بسبب من نيفاشا انفصل الجنوب وأصبحت أبيي الشمالية السودانية ذات طابع مسيري بحت، مما يجعلها تحت نيران الحركة دوماً. نعم المسيرية من سكان تلك المنطقة، وهم من يواجهون هذه الفظائع، ولكن هل يمكن أن تقاتل القبيلة بدلاً من الدولة؟