تطورت صناعة الطيران الحكومي في السودان عندما كانت طائرات الخطوط الجوية السودانية الحديثة تحلق في الأجواء الاوروبية بأكثر من عشرين رحلة اسبوعية وذات الامر ينطبق على شركات الطيران الخاصة التي شهدت ازدهاراً وصل بها الحال لتصل الى اربعين شركة، ولكن كل هذه الارقام باتت صفحة من الماضي والواقع يقول ان صناعة الطيران في السودان تجابه رياحاً عاتية واحوال اقتصادية سيئة ربما ستجبرها على الهبوط وعدم الاقلاع مرة اخرى، ليكون المتضرر هو المواطن والدولة ولم يمض على ذلك وقتاً كثيراً حتى واجه القطاع مشكلة ارتفاع اسعار وقود الطائرات والتكلفة التشغيلة قبل أكثر من ستة اشهر ماضية، ليزداد الوضع تأزماً عقب الاجراءات التي قررتها الدولة لتلافي انهيار الاقتصاد الوطني، فمن بين تلك الإجراءات ارتفاع الضرائب المفروضة على اسعار التذاكر بجانب زيادة اسعار وقود الطائرات بنسبة (25%) وفي غصون ذلك تعتزم اليوم سلطة الطيران المدني دائرة النقل الجوي زيادة اسعار تذاكر الطيران الداخلي بنسبة (10%) وشددت على الزام الشركات العاملة بذلك وفي حالة مخالفة الامر سيترتب عليه سحب الرخصة الاقتصادية وإيقاف التشغيل ولقد حددت الاسعار الجديدة الخرطومالجنينة (1185) والخرطومنيالا (965) والخرطومالفاشر (850) الخرطومبورتسودان (600) ويتوقع أصحاب شركات طيران أن تترتب على القرارات الاقتصادية الاخيرة آثار مباشرة على المواطن وشركات النقل، بجانب الدولة وسلطة الطيران المدني ومن جانبه اعترف مدير شركة تاركو د. سعد بابكر بصعوبات كبيرة تواجه القطاع وقال ان زيادة اسعار التذاكر سوف توقف حركة الطيران تماماً وعزا الامر الى ان الحركة اصبحت متناقصة وهذا مؤشر لايقاف صناعة الطيران في السودان مبيناً ان الرحلات لم تعد تغطي تكلفة التشغيل، واضاف هذا الامر قد يؤدي الى عزوف المواطن البسيط في دارفور عن السفر جواً بالرغم من ان الشركات العاملة عددها يعتبر قليلاً وقال عدم دعم الدولة لهذا القطاع من الاسباب المباشرة لتراجعه وبالتالي الخاسر هو المواطن والوطن، مشيرا الى انه في حالة استمرار الزيادة فان الشركات لن تجد ركاباً، فيما اوضح مدير وكالة إنبسدور احمد السيد ان اسباب زيادة اسعار الطيران الداخلي نتيجة لارتفاع الاسعار عالمياً بجانب ارتفاع المنصرفات منها الوقود وتكلفة التشغيل والضرائب والجمارك وقال ان نسبة الزيادة تمثل (100%) ومقارنة بالتذاكر الخارجية فانها مرتفعة جدا ولن يستطيع المواطن سدادها، وأضاف بالنسبة للوكالات فان السعر ثابت والقرار في يد المواطن اما ان يقرر السفر او يختار وسيلة أخرى، وفي ذات الاتجاة طالب مدير المحطات الخارجية بشركة تاركو موسى محمد علي بتخفيض سعر الوقود او دعم الرحلات الداخلية لتخفيف العبء على المواطن البسيط خاصة طلاب دارفور وقال ان الحديث عن زيادة الاسعار سببه زيادة التكلفة التشغيلة والضرائب مبيناً ان هذا الحديث مستهلك ولا جديد فيه وسيكون المتضرر الاول المواطن وتوقع أن تترتب على القرارات الاقتصادية الاخيرة آثار مباشرة على المواطن وشركات النقل، بجانب الدولة وسلطة الطيران المدني خاصة ولايات دارفور حيث لاتوجد وسيلة تربطهم بالمركز الا عبر الطيران وبالتالي سوف يلجأون الى وسائل اخرى مثل ما حدث في ذلك خلال الزيادة السابقة بيد انه توقف العديد من المواطنين عن السفر بالطيران، فيما أشار مدير مطار الخرطوم الاسبق (يحيى بخريبا) الى ان شركات الطيران كانت حريصة على الغاء الزيادة المفروضة على اسعارالوقود التي قرر لها (25%) وليس زيادة اسعار التذاكر وهذه الزيادة ستكون عبئاً اضافياً على المواطن وبالتالي الشركات ستفقد العديد من المواطنين وقال رفعنا عددة مذكرات الى البرلمان وكنا نتوقع رداً بخصوص الزيادة الاخيرة لوقود الطائرات ولكن لم يأتِ اي رد كاشفاً عن اجتماعات موسعة تجري مع الجهات المختصة وغرفة النقل الجوي واتحاد اصحاب العمل لطرح الزيادة الاخيرة على تذاكر الطيران الداخلي. وأكد خبير فضل حجب اسمه ان صناعة الطيران في السودان تمر بأزمة حقيقية تستوجب من الدولة دراستها والعمل على وضع الحلول لها، وتذليل كل العقبات التي تعتري طريقها، ويشير في حديث الى ان العائد من الاستثمار في مجال الطيران متدني، وذلك لارتفاع كلفة التشغيل واسعار الطائرات، موضحا ان السودان بلد مترامي الاطراف لا بد أن يدعم الطيران حتى نستطيع المحافظة على استقراره الامني والاقتصادي والاجتماعي. وقال إن الدعم الذي تقدمه الدولة يأتي في شكل تسهيلات منها خفض قيمة اسعار الوقود وذلك لخفض كلفة التشغيل، الا انه اعتبر ان تلك التسهيلات غير كافية لخفض كلفة التشغيل. ورهن تدخل سلطات الطيران المدني وتحديدها اسعار التذاكر والشحن بدعم الدولة لشركات الطيران الداخلية.