اتصال هاتفي ورد للعيادة من م،ب،س يقول أعاني من مشكلة تقلقني بشدة وهي أنني إذا صافحت أي أنسان أقوم بغسل يدي بالماء والصابون وأحياناً لعدة مرات ، كما أنني أمتلك «سريرين» أحدهما بالغرفة والآخر بفناء الدار«الحوش» فإذا جلس أي شخص أو استلقى فيهما فلابد من أن أغسل الملاءة بل وحتى السرير ! والاعجب من ذلك اذا زرت اي مريض بالمستشفى فإن أول ما أفعله عند وصولي البيت هو غسل ملابسي التي كنت ارتديها أثناء الزيارة ، حقيقة أعاني من هذه الحالة فهل من علاج؟ يجيب الاختصاصي النفسي عادل محمد بشير .. ما يعاني منه السائل هو الوسواس القهري وهو أحد الأمراض العصابية والتي يكون فيها المريض على دراية تامة بعدم صحة أفكاره وافعاله ولكنه يعجز عن المقاومة ، ويكون المرض في شكل افكار وسواسية مسيطرة واندفاعات تجعل المريض يقوم بأعمال لا يرضى عنها وتكون أحياناً في شكل طقوس حركية مستمرة أو دورية وهي الأفعال القهرية ،وكذلك يكون المريض على دراية تامة بتفاهة تلك الطقوس الحركية ، ومع طول فترة المرض وعدم التدخل العلاجي تقل مقاومة المريض، ويترتب على هذه الوساوس وقوتها القهرية مشاكل اجتماعية وآلام نفسية كما في حالة المتصل . والوساوس كثيرة جداً منها وسواس العد كعد طوابق العمارات أو أعمدة الكهرباء أودرجات السلم أثناء الصعود وهنالك وسواس الوضوء والصلاة ، وبعض الوساوس تجعل الفرد يتأكد مراراً وتكراراً من إغلاق الأبواب وصنابير المياه وأنابيب الغاز .. الخ. ويتضح من خلال السؤال أن السائل يعاني من وسواس النظافة ويفعل ما يفعله قهرياً ولا يستطيع المقاومة ، وهنالك أسباب تؤدي لحدوث الوسواس منها الوراثية وأسباب «فسيولوجية» كوجود بؤرة كهربائية نشطة في لحاء المخ- وهذه تتطلب العلاج الدوائي- ومن الأسباب طبيعة الشخصية التي تتصف بالصلابة وعدم المرونة وصعوبة التكيف ،وكذلك المشاكل الاجتماعية حيث إن الوسواس مرتبط في كثير من الأحيان بالقلق والاكتئاب .وفي بداية الاصابة وبمعاونة اختصاصي علم النفس يمكن تمليك المريض مهارات مقاومة الأفكار الوسواسية والافعال القهرية، ولكن في حالة المتصل نوصيه في البداية بالعلاج الديني فهو أول العلاجات الناجعة، ويتمثل في قراءة القرآن بصورة عامة وخاصة سورة الناس وكثرة الاستغفار،ومن ثمّ فهو يحتاج للعلاج النفسي الدوائي والسلوكي معاً ومن خلال العلاج السلوكي يتم تفسير طبيعة هذه الأعراض للمريض وتقديم الدعم النفسي وكذلك العلاج السلوكي بالتحصين البطيء أو التعرض المباشر أو للعلاج التدعيمي ،وقد يحتاج المريض للعلاج البيئي والاجتماعي بأن يغير مكان السكن ولو لفترة بداية العلاج أو التمتع بإجازة عن العمل حيث ترتبط الوساوس أحياناً بالأمكنة ، وقد تمّ توجيه السائل من خلال المحادثة الى جهة الاختصاص لبداية العلاج خاصة وأنه على استعداد لذلك.