رغم ان الوسواس القهري ضمن الامراض العصابية إلا أنه من أشد الامراض النفسية الماً للمريض ومن حوله ، وهو يربط المريض بالواقع ويعرف معاناته لكنه يأتي للطبيب متأخرا . في البداية لا يعرف المريض ماذا اصابه ؟ ما هذه الافكار الغريبة التي تقتحم ذهنه ؟ ما هذه الرغبات التي تقهره قهرا لتدفعه الى أعمال غريبة يرفض بشدة الانصياع لها ؟ ، لكنه في بعض الأحيان ونظرا للإلحاح الشديد للوسواس فانه يضطر مقهرا للقيام ببعض الأفعال والطقوس التي يرفضها عقله الواعي ويرفضها المنطق ? أفعال وسلوك وطقوس يقاومها ولكنه لا يستطيع أن يهدأ إلا إذا قام بها ? وهذه الطقوس تزعج الذين يعيشون مع المريض فهم يرون تصرفاته غير منطقية ولا مبرر لها ولا يصدقون انه عاجز عن مقاومتها ? ولذا يبدأ الصراع بينه وبين اسرته ويصابون بالملل والإحباط ويضجون بالشكوى، أما الزملاء بالعمل غير مضطرين لتحمل سلوك زميلهم او زميلتهم بالوسواس ، فمريض الوسواس لا يحتمل ولهذا يشعر بالوحدة وهذا يضاعف آلامه . الوساوس التي تسيطر على المريض لا حصر لها وبعضها يسبب هلعا والبعض الآخر يبدو في غاية الغرابة وتثير الدهشة لدى المحيطين به ، فمثلا يداهمه وسواس بعدم وجود الله ، او ان القرآن من تأليف الرسول (صلى الله عليه وسلم) والمريض المتدين ينهار لدى إصابته بهذا الوسواس ، فهناك وساوس اخرى مؤلمة مثل سيدة شاهدت فيلما سينمائيا تدور فكرته حول اختلاط الاطفال بالمستشفيات يوم ولادتهم وبعد مشاهدة الفيلم تسيطر عليها فكرة أن اطفالها الثلاثة ليسوا بابنائها الحقيقيين لانهم اختلطوا بعد ولادتهم بالاطفال الآخرين الذين ولدوا بالمستشفى في نفس الوقت . الغريب ان الفكرة تسيطر على غير المتزوجات وهذا يعني ان المسألة مزاجية ، وهناك الوسواس المتعلق بغشاء البكارة والمتعلق بالحمل تسبب قلقا ومعاناة شديدة للفتيات وقد تتخيل الفتاة انها حاملا لمجرد ان صافحها رجل ، اما وسواس النظافة من اكثر الوساوس ازعاجا للاسرة فالمريض قد يمكث بالحمام ثلاث ساعات. البداية الصحيحة لمساعدة المريض أن تتفهم الاسرة تماما طبيعة المرض وبالتحديد ما يلي :- 1- أن الفكرة تقتحم ذهن المريض ضد ارادته. 2- ان المريض يعرف ان هذه الفكرة خاطئة وغريبة. 3- محاولة المريض طرد الأفكار المسيطرة عليه. 4- يعجز المريض عن المقاومة ويفشل في طرد الفكرة السخيفة مما يسبب له القلق والإكتئاب. اما علاج المرض يأخذ وقتا طويلا .. بتناول عقاقير (الانافرانيل ) وهو من مضادات الاكتئاب وبالملاحظة والتجربة ثبت انه يساعد على علاج الوسواس واحيانا يضاف للعلاج مضادات القلق اذا كان المريض يعاني توترا شديدا .. ولا شك ان تخفيف حدة القلق والاكتئاب يساعدان على مقاومة المرض .. ويبقى المهم في الامر تفادي العوامل السلبية التي تعيق تحسن الحالة واهمها عدم تفهم الأسرة والمجتمع أن هذا الشخص مريض .