«أجمع الخبراء الاقتصاديون على أن التوصيات التي خرج بها مؤتمر القطاع الاقتصادي للمؤتمر الوطني يمكن أن تسهم في الاستقرار الاقتصادي للبلاد مؤكدين أن الدولة اتجهت لمعالجة القضايا الرئيسية المتعلقة بالإنتاج، وشدد أحد الخبراء على ضرورة زيادة الصادرات للخارج وخفض الإنفاق الحكومي ليتحقق الاستقرار الاقتصادي والمرحلة القادمة تتطلب تنمية العلاقات الدبلوماسية الخارجية..الخ» هذا خلاصة أو مقدمة لما ورد في «الإنتباهة» الخميس 27 أكتوبر 2011م صفحة «3» في مقال بعنوان المؤتمر الاقتصادي خطوة نحو تصحيح المسار والحق يقال إن مشكلتنا الأساسية ليست في التوصيات فمؤتمراتنا دائماً تخرج بتوصيات ثرة وجيدة لو تم تنفيذها لما واجهتنا مشكلات اقتصادية.. فمثال للتوصيات ما تضمنته ورقة الاقتصاد والمجتمع التي قُدمت في أكتوبر/2009م للمؤتمر العام الثالث دورة الانعقاد الأولى والتي بعد استعراضها للتحديات والمشكلات التي واجهت الأداء الاقتصادي والمتضمنة للحصار والمقاطعة الاقتصادية من جانب أمريكا والدول الغربية والتحديات التي تواجه تحقيق النمو والنهضة الاقتصادية في قطاعات الزراعة والإنتاج الحيواني... الخ واستحقاقات التنمية والإعمار في مناطق التمرد ومشكلات البطالة وبناء القدرات ورفع الكفاءة في إدارة الموارد ومن ثم حددت الموجهات ولخصتها في المحافظة على الاستقرار الاقتصادي الذي تم بعد سياسات قاسية وجهود مضنية، والاستقرار الاقتصادي شرط لازم لتحقيق استقرار الأسعار وتشجيع الاستثمار والتعاون الإقليمي والدولي والذي لا يتم إلا في ظل سياسات مستقرة واقتصاد مستقر ولتحقيق هذا الهدف نتخذ كل الوسائل وأهمها تنسيق السياسات المالية العامة التي تنتهجها وزارة المالية والسياسات النقدية التي ينتهجها بنك السودان المركزي ولا بد من حراك اقتصادي يؤدي للمحافظة على مستويات النمو العالية التي تُخرج البلاد من الفقر وتبلغ بها مؤتمرات النهضة الشاملة ولا بد من اتخاذ سياسات تؤدي إلى تكامل وتعاضد القطاعات المختلفة لتحقيق النمو المتوازن قطاعياً وجغرافياً.. وعند وضع السياسات ينبغي أن تكون الأسئلة التالية حاضرة: كيف يمكن للبترول أن يحرك القطاعات الأخرى، زراعة صناعة.. إلخ؟ كيف يمكن للإيرادات البترولية أن تحفز الإيرادات غير البترولية للموازنة؟ كيف يمكن لقطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية أن تدعم الصناعة تنال الدعم من القطاع الصناعي؟؟ كيف يمكن للقطاع المصرفي أن يدعم أولويات التنمية والنمو؟ كيف يمكن لسياسات زيادة الإدخار القومي وترشيد الاستهلاك أن تسهم في نمو القطاعات الأقل منو؟ كيف يمكن للاستثمار أن يشجع ليذهب للمناطق الأقل نموًا؟ وتحقيق نمو عالٍ دون استهداف عدالة توزيع النمو سيؤدي إلى تباطؤ النمو على المدى الطويل لذلك عدالة توزيع النمو ينبغي أن تستهدف سياسات وبرامج مختلفة وأن تتم متابعتها وفقاً لمؤشرات قياس دورية والعدالة مطلوبة جغرافياً وإقليمياً وعلى المستوى الأفقي بين السكان ولا بد من إعلاء قيمة الاعتبارات الاجتماعية في السياسات الاقتصادية مثل تخفيض البطالة وزيادة برامج الحد من الفقر، واستهداف الإنسان تعليماً وتدريباً وتأهيلاً بما يزيد الكفاءة والإنتاج وإستيعاب البطالة الظاهرة والمستترة، فبالرغم مما تحقق من إنجازات من طرق وكباري وسدود لا بد من مضاعفة الجهد والبحث عن التمويل الداخلي والخارجي لتحقيق مشروعات كبيرة وتحريك قطاعات المقاولات والصناعات لأنها تستوعب عمالة واسعة وتحرك صغار المستثمرين أما بالنسبة للنظام المصرفي فقد نادت المؤتمرات بعدة إصلاحات ونادت بأن يتجاوز المعالجات الجزئية إلى نظرات كلية في القطاع المالى «البنك المركزي، المصارف، شركات الوساطة المالية، سوق الأوراق المالية، صناديق الضمان الاجتماعي، المعاشات وشركات التأمين... إلخ». وموجهات هذا الإصلاح الرئيسية هي: المحافظة على الأهداف الكلية للبرنامج الاقتصادي وحماية الاقتصاد من أثر الصدمات الخارجية والحصار الجائر، وتقوية المؤسسات الاقتصادية وحمايتها من التسيب الإداري والفساد المالي واستحداث وسائل وأدوات وحشد موارد لبرنامج النهضة الاقتصادية، بعد ذلك أشارت الورقة لإصلاح: القطاع الزراعي والحيواني والزراعي. وإنتاج الكهرباء والتعدين والتشييد والبترول والخدمات... إلخ، وفي مجال محفزات النهضة الاقتصادية شملت الورقة: الاستقرار السياسي والسلام الشامل، تفجير طاقات القطاع الخاص، والإصلاح المؤسسي والقانوني، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، ورفع الكفاءة وتوفير التمويل.. لذلك نسأل الخبراء الاقتصاديين، فنحن دائماً نخرج بتوصيات كافية ورؤى ثاقبة ولكن تظل هنالك مشكلة فما هو العلاج؟!! هل هو قصور في التنفيذ؟ أم فقر في الكفاءات؟ أم ماذا؟ فهنالك مشكلة حقيقية يجب معالجتها ومواجهتها.. وقبل ذلك بالطبع تحديد ماهيتها.. ولا أدري هل هنالك تقييم لتوضيح مواطن القصور والقوة أم لا؟ وفي مؤتمراتنا الاقتصادية بالذات هل تتم دعوة خبراء اقتصاديين وزراعيين...الخ من خارج عضوية المؤتمر إثراءً للنقاش وتعميماً للفائدة؟ وهل راجعت مؤتمراتنا المشروعات الموجودة على الواقع مثل مشروعات الأمن الغذائي وبحثت نتائجها وطريقة إدارتها وخدمتها في مجال مكافحة الفقر؟. أما بالنسبة لما ذكر في المقال بأن المرحلة القادمة تتطلب تنمية العلاقات الدبلوماسية الخارجية فهذا دور وزارة الخارجية وهو دور أساسي في التبادل التجاري، وجذب الاستثمارات الخارجية، والحصول على المساعدات، والتعاون الفني، فلا بد لإنجاز ذلك من التسلح بالمعرفة والمهارات المهنية والمؤهلات الشخصية والاستيعاب الكامل للنظم والاتفاقيات الدولية التي تعالج موضوع العلاقات الدولية، فالخارجية لم تكن أبداً غائبة عن ساحة العمل الوطني فلها دور في المفاوضات السياسية والاقتصادية فبتحركها في القارة الإفريقية في السبعينيات كرست مفهوم التعاون العربي الإفريقي وتصدرت فكرة أول قمة للتعاون العربي والإفريقي، عُقدت بالقاهرة عام 1977م وكانت نتيجتها إنشاء المصرف العربي للتنمية في إفريقيا ومقره الخرطوم وقبله كان إنشاء بنك التنمية الإفريقي عام 1964م، وأقامت وزارة الخارجية ندوات عالمية عن الدبلوماسية والتنمية عام 1974م وعن مشكلات الغذاء في العام عام 1975م وشاركت في الندوات شخصيات عالمية ومنظمات دولية ورجال أعمال من مختلف أنحاء العالم وكانت النتيجة تحركًا دبلوماسيًا واسعًا بالخارج هدفه خدمة قضية التنمية الداخلية.. وتعريف المستثمر الأجنبي بالمشروعات الإنمائية وقوانين الاستثمار والتمهيد للمفاوضات في هذه المجالات هو دور أساسي لوزارة الخارجية، فدور الخارجية دور أساسي في التنمية وجلب الاستثمار وليس شكليًا ومراسميًا كما يتبادر لذهن بعض الناس، فالخارجية ملمة بمصادر ومؤسسات تمويل المشروعات وكذلك إجراءات وعناصر التمويل ومجالات الأسواق المالية الدولية وملمة بالطريقة التي تشجع بها المستثمر الأجنبي فالخارجية دورها أساسي في التنمية فقط يهيأ لها المناخ الملائم لتقوم بهذا الدور الأساسي ولا ينظر لها بأن دورها مراسمي.. وليس لديّ علم هل دُعيت الخارجية للمشاركة في مؤتمر القطاع الاقتصادي وقدمت ورقة للمؤتمر عن دورها في التنمية أم لا؟