سارة إبراهيم عبّاس: كشفت دراسة اجتماعية حديثة، إحصائيات ونسب مزعجة بخصوص المشردين، وحالة التشرد بولاية الخرطوم، وقالت الدراسة التي أصدرها مركز ركائز المعرفة بالخرطوم، أجريت على مشردين بمحليات «الخرطوم، بحري، شرق النيل، أمدرمان، وكرري» بأنّ أبرز أسباب التشرد بالولاية هي حاجة البحث عن طعام وشراب، بجانب وفاة الأم، أو طلاقها. كما أشارت إلى نسبةٍ عاليةٍ في تعاطي المكيفات بأنواعها المختلفة، وصلت حتى «71.5%» منهم، تتفاوت بين تعاطي السجائر والتبغ وحتى المخدرات المنتشرة بكثافةٍ بينهم. وتوصلت الدراسة الى أنّ «الرفاق»، وأندية المشاهدة، من أكثر أسباب تعرف هؤلاء المتشردين على المكيفات. كما خلصت الدراسة الى أهمية الاهتمام الرسمي والمجتمعي بهذه الظاهرة المقلقة، بجانب الاهتمام بدور الإصلاحيات وبرامجها. ذكور وإناث الدراسة أجريت على عينات من المشردين في محلياتٍ خمسٍ بولاية الخرطوم، ووصلت نسبة الذكور من العينات ما نسبته « 79% » من الذكور. وهي أعلى من نسبة الإناث التي تبلغ «21%» ، وتشير الدراسة الى أنّ نسبة الذكور المشردين العالية، بالمقارنة مع الإناث تدلُ على أن المجتمع السوداني ما زال يعمل على الحفاظ على الأنثى بالرغم من التغيرات التي طرأت عليه والظروف المارة به. أما الفئة العمرية من العينات فهي من عمر «11 15» عاماً، باعتبارها النسبة الأعلى بين الفئات الأخرى من المشردين. المشردون المتنقلون وأشارت الدراسة إلى نسبة المشردين المتنقلين ما بين الخرطوم ومدن السودان الاخرى أعلى من المستقرين، وهوالأمر الذي يستنتج منه الباحثون أن المشردين يميلون إلى التنقل والترحال وعدم الاستقرار في مكان واحد لمدة طويلة، فقد بلغت نسبتهم «62%» بالمقارنة مع المستقرين الذين بلغت نسبتهم «38%» ، وقد بلغت نسبة سفر الأطفال مع أسرهم «49.2%» وهي أكبر من نسبة سفر الأطفال لوحدهم التي بلغت «29%» وسفرهم مع أصدقائهم «21.8%»، وقد بلغت النسبة الأكبر للذين سافروا من «1 5» مرات «67.7%». تماسك اجتماعي من المحليات الأعلى وجوداً واستضافة للمشردين بين محليات ولاية الخرطوم، ذكرت الدراسة بأنّ أعلى نسبة لوجود المشردين توجد في محلية بحري فقد بلغت بنسبتهم «27%» ، فيما تعتبر شرق النيل المحلية الأقل استضافةً للمشردين، حيث بلغت نسبتهم «3.5%». وهو الأمر الذي يعزوه الباحثون إلى الطبيعة الريفية عند سكان محلية شرق النيل، والتي تتسم بالتماسك الاجتماعي. ويعزو الباحثون ارتفاع عدد المشردين في محليّة بحري إلى الكثافة السكانية العالية والمتباينة المشارب بالإضافة إلى الحراك الكبير في سوقها الرئيس «سوق بحري»، بالإضافة إلى وجود المجمعات الصناعية. معسكرات ضعيفة الدراسة أكدت أنّ ما نسبته «42.5%» من المشردين يسكنون في الشارع، ويحيون فيه حياتهم كاملةً. وأنّ «32.5%» منهم يسكنون مع أسرهم ويخرجون صباحاً للتشرد. و«5%» منهم يسكنون مع الأصدقاء، و«16.5%» الموجودين منهم في معسكرات. والنسبة الأخيرة تشير إلى ضعف المعسكرات في استيعاب الأطفال المشردين، وعدم فعاليتها في أداء دورها بالصورة المرجوة منها، الأمر الذي يعزوه الباحثون إلى وجود العديد من المعيقات لعمل هذه المعسكرات إبتداءً من عدم تأهيل القائمين على أمرها انتهاءً بعدم توفير المعينات اللازمة للقيام بدورها بصورة فعالة. ترك مقاعد الدراسة كما تشير الدراسة أنّ ما نسبته «51%» من العينة التي أجرت عليها البحث من المشردين تلقوا تعليماً أساسياً، لكنهم تركوا المدارس فيما بعد. بينما «34%» من العينة أميون تماماً وبلغت نسبة الذين وصلوا حتى المرحلة الثانوية منهم «2%» فقط. وهو الأمر الذي يُرجعه الباحثون إلى تشرد الأطفال نتيجة إلى قلة التعليم، الأمر الذي ينعكس على قلة إدراكهم لتبعات التشرد، واختيارهم الحل الأول، وهو ترك الدراسة، عندما تواجههم أية مشكلة مع ذويهم، بالإضافة إلى تدني الدور الإرشادي والتوجيهي في المدارس. وذلك لعدم وجود الباحث الاجتماعي الذي يعالج مشكلات الطفل الاجتماعية مبكراً ويؤهله للتعامل معها هذا بالإضافة إلى ضعف المقررات الدراسية في تعزيز أهمية الترابط الأسري. مهارات المدهش الذي توصلت إليه الدراسة أن غالب هؤلاء المشردين يتمتعون بالعديد من المهارات حيث تأتي الرياضة في مقدمة هذه المهارات التي يتمتعون بها، فقد بلغت نسبة المهاريين الرياضيين «43.5%» ويأتي الخط العربي في آخر هذه المهارات فقد بلغت نسبته «1.5%». وذلك لنُدرة هذه المهارة عندنا في السودان، والتي تحتاج إلى تدريب متخصص قد يكون مكلفاً وبعيد عن متناول المشردين، الأمر الذي يتوفر للرياضة التي لا تحتاج لغير أداة اللعب إنْ كانت «كورة أوغيرها» والتي توجد بأسعار رخيصة يمكن للمشردين شراؤها ومزاولتها، ويأتي الرسم في المرتبة الثانية بعد الرياضة فقد بلغت نسبته «19%» وهو أمر قد لمسه الباحثون بأنفسهم في تحركهم الميداني فقد لاحظوا وجود العديد من الرسوم في مناطق تجمع المشردين في الجدران وبعض الأرضيات بصورة متقنة. أسباب التشرد أبرز أسباب التشرد حسبما قالت الدراسة هي وفاة أحد الأبوين أو كليهما، حيث بلغت نسبة المتوفي أبواهما «47.5%» والمتوفي أبواهما «أحدهم أوكلاهما» يبلغ عددهم «105» بنسبة بلغت «52.5%» وهو الأمر الذي يستنتج منه الباحثون أن وفاة أحد الوالدين قد تكون من الأسباب المساهمة في دفع الطفل إلى التشرد. وقد اختلف حول أيهما أكثر تأثيراً على الطفل وفاة الأب أم وفاة الأم، فقد توصل الباحثون إلى أن وفاة الأم أكثر تأثيراً في تشرد الأطفال فقد بلغت نسبة المتوفيات أمهاتهم «33%» بالمقارنة مع المتوفين آباؤهم من المشردين والذين بلغت نسبتهم «25%»، كما لاحظ الباحثون أن هناك العديد من الأطفال لا يعرفون أماكن تواجد والديهم فبالنسبة للأب بلغت النسبة «10%» وللأم بلغت «17%» وهي نسبة تعتبر كبيرة نسبياً، أما من ناحية السكن فقد وجدوا أن أكبر نسبة من آباء المشردين تتمركز في الدمازين «13.5%» و بحري. مكيفات أظهرت الدراسة نسبةً عالية في تعاطي المكيفات وسط شريحة المشردين، فقد بلغت نسبة المتعاطين للمكيفات بأنواعها المختلفة «71.5%» و«28.5%» غير متعاطين للمكيفات، ويأتي تعاطي السجائر على رأس هذه المكيفات، فقد بلغت المتعاطين للسجائر «30.5%» ويليه المخدرات التي بلغت نسبتها «16.0%» من العينة. والمخدرات حسبما صنفتها الدراسة تضم في قائمتها السلسيون، والذي تبلغ نسبة المتعاطين له «9.5%»، فيما يأتي البنقو بنسبة «5%»، وبعده تأتي الحبوب المخدرة. وهذه الأخيرة يرجع قلة نسبتها إلى غلاء أسعارها وصعوبة الحصول عليها وسط المشردين. ويلي المخدرات التمباك «12.5%» في المتعاطين للمكيفات، ويرجع الباحثون انتشار التعاطي وسط المشردين للتأثير البالغ للرفاق والنوادي على المشردين. توصيات من التوصيات التي خرجت بها الدراسة، ضرورة تفعيل عمل اللجنة القومية للقضاء على ظاهرة الأطفال المشردين، وتوفير الكفاءات في دور الرعاية والإصلاح، وإيجاد فرص عمل للمشردين فوق سن «18» سنة، بجانب وضع ضوابط تمنع سفر الأطفال بمفردهم من الولايات إلى الخرطوم، ونشر الوعي الثقافي والقانوني لحقوق الطفل خاصة قانون 2010، واهتمام الإعلام بسلبيات التشرد وعكسها للمجتمع،وتعيين باحثين اجتماعيين بالمدارس،ووضع برامج تثقيفية حول أهمية الترابط الأسرى، بالاضافة إلى الاهتمام باحتياجات الأطفال في الولايات الأقل نمواً.