«دخانكم يدخن وجوعكم يمحن» مثل سوداني شهير يطلق لمن ترى الدخان في مطبخه وتشم الرائحة والدار يعمها الجوع بظهور أثره على أجسام افرادها وشكاوى ضيوفها.. تذكرت هذه المقولة الشائعة عند مطالعتي لقضية المحاسبين في منطقة الدويم وهم ينشئون الصندوق الخيري التابع للمحلية ادارياً، وبما ان المحاسبين هم اعرف الناس بإجراءات الضبط الإداري والمالي فإنه يتبادر الى ذهنك من الوهلة الاولى ان هذا الصندوق يمثل النموذج المثالي للاجراءات الصحيحة، ولكن يبدو أن الحال غير ذلك، فقد قام الصندوق ممثلاً في رئيسه وأمين ماله بشراء أجهزة كهربائية من شركة كبرى بالخرطوم بضمان المحلية في عام 2008 2009م وتم بيعها بالأقساط للمواطنين وفشل الصندوق في سداد الأموال الخاصة بالشركة والبالغ قدرها مائة واثنين وعشرين الفاً وتسعمائة وثمانين جنيهاً.. ولجأت الشركة لاتخاذ اجراءات قانونية بفتح بلاغ في مواجهة الرئيس وأمين المال تحت المادة «179» من القانون الجنائي، وتم إصدار أمر القبض عليهما. وفي يوم التنفيذ تدخل المهندس الامير عبد المحمود بوصفه على صلة رحم برئيس الجمعية وعلاقة وطيدة بامين المال، وعمل على تسوية الأمر بضمانه وبماله الخاص، ودفع نقداً ما قيمته عشرون الف جنيه، وقام بتحرير شيكات للشركة الدائنة ببقية المبلغ على أن يقوم الصندوق بسدادها. الى هذه المرحلة والامور تسير على ما يرام، فبعد ثمانية اشهر جاء أمين مال الصندوق للامير وطالبه بتحرير شيك باسمه لأن الشيكات السابقة ارتدت والصندوق لم يوفق في الايفاء بالالتزام المقطوع، كل ذلك تم بشهادة لجنة رفيعة تتكون من شخصيات اعتبارية تضم رئيس المجلس التشريعي بالمحلية، وعدداً من المحاسبين والضابط الاداري للمحلية والضابط الاداري للمجلس البلدي والمراجع الداخلي، وكان الاتفاق ان يقوم امين مال الصندوق بإرجاع عدد الشيكات السابقة (13 ) شيكاً. وتأخر الرجل في رحلة عودة الشيكات فبدأت مخاوف الامير تزداد خاصة بعد انقطاع الاتصال مع امين المال، وعلى الفور توجه الامير الى الشركة وخاطبهم بطلبه الحصول على الشيكات، الا انه تفاجأ بأن الشركة لم تستلم الشيكات اصلاً ورفضتها منذ الوهلة الاولى، بحجة انها لا تعرف الامير وانه ليس طرفاً في البيع والشراء .. ولتعارض القانون مع مثل هذه الحالات فالشيكات امام القانون دون مقابل. ومن هنا انحرفت القضية وتبدل اطراف النزاع وخرجت الشركة من دائرة الصراع بعد استلام حقوقها كاملة، ولم يجد الأمير منفذاً غير التوجه للقانون وساحات العدالة، وتقدم ببلاغ ضد أمين مال الصندوق بتهمة التملك الجنائي والاحتيال لأنه لم يقم باعادة الشيكات، وصدر بوجب هذا البلاغ قرار عن نيابة الدويم موجهاً للسيد مدير بنك الاسرة فرع الدويم بالحجز على الشيكات بالرقم 10446 بقيمة 80 ألف جنيه، باسم الأمير عبد المحمود صاحب الحساب رقم 645. واطمأن الامير إلى سد هذه الثغرة، الا ان امرا غريبا طرأ على مجريات القضية بمواجهة الامير ببلاغ تحت المادة 179 من القانون الجنائي تقدم به أمين مال الصندوق لارتداد شيك الأمير المحجوز بأمر النيابة والمحرر، لغرض الضمان وامام اللجنة الموقرة، مما يؤكد أن أمر النيابة لم يذهب للجهة التي خاطبها. ٭ أفق أخير: للقصة فصول اخرى سنواصل سردها في الحلقات القادمة، وسينكشف المثير والمدهش .. وللأمير: «خيراً تعمل شراً تلقى». وللمحاسبين: دخانكم يدخن وجوعكم يمحن».