رغم أن مدير مركز الدراسات الإستراتيجية القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الإسلامية المؤسسة والمساندة له الأستاذ سيد الخطيب قد أوضح في الرد على ما أثير بشأن دوره في خطاب الدعوة لما يسمى ب«الوثبة» المزمعة على النحو الذي أدلى به في أواخر يناير الماضي السيد رئيس الجمهورية ورئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم المشير عمر البشير.. حيث ذكر الخطيب في رده المشار إليه أن ما ورد في ذلك الخطاب قد كان بمثابة مقدمة لكتاب «الوثبة» رأى السيد الرئيس أنها صالحة للإدلاء بها في سياق الدعوة للحوارالمفتوح والهادف لإتاحة فرصة للتعبير عن الإرادة الوطنية الحرة والجامعة والرامية لتحقيق الإجماع على معالجات ناجعة لكل القضايا الكبرى الراهنة لهذه المرحلة بما فيها قضايا استكمال مسار السلام، وإرساء الأمن والاستقرار، وتجذير الهوية الوطنية الراسخة، وإنجاز التنمية الشاملة للتخفيف من حدة الفقر الضاغطة، والاتفاق على السبل المثلى لمستقبل نظام الحكم والتنافس على التداول السلمي للسلطة باستمرار في هذا الإطار. على الرغم من ذلك فقد رأيت أنه سيكون من المفيد للحوار الوطني الجاري في الوقت الحالي أن نشير في هذا السياق للتفكير في «صنع» التغيير على النحو الذي تم التعبير عنه في كتيّب صغير أعده الأستاذ سيد الخطيب وصدرت الطبعة الأولى منه في مطلع النصف الثاني من تسعينيات القرن العشرين الميلادي الماضي ضمن سلسلة رسائل البعث الحضاري الصادرة عن المركز القومي للإنتاج الإعلامي في تلك المرحلة من الفترة المستمرة للسلطة الحاكمة القائمة والمتواصلة منذ وصولها إلى الاستيلاء على سدة مقاليد الحكم بانقلاب ثوري مدني وعسكري منذ العام 1989 وحتى الآن.. وقد أصدر المركز القومي للإنتاج الإعلامي في نهاية العام 2012 الماضي طبعة خاصة من هذه الرسالة الموجزة التي أعدها الأستاذ سيد الخطيب تحت عنوان: «صنع التغيير.. مقدمة في نظرية التغيير الاجتماعي وذلك بمناسبة انعقاد المؤتمر الثامني للحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة في تلك الفترة من مراحل التأسيس والمساندة للسلطة الحاكمة القائمة. وكما ذكر الأستاذ سيد الخطيب في تقديم للكتيب الصغير الذي أعده على النحو وبالفهم والهدف المشار إليه أعلاه منذ إصداره في طبعته الأولى في مطلع النصف الثاني من تسعينيات القرن الميلادي العشرين الماضي فإنه: «ليس شيء ثابت في سنن المجتمعات إلاّ التغيير.. حيث يعاد تشكيل المجتمعات جيلاً بعد جيل من تفاعل التغيير الذي تحدثه والتغيير الذي يحدث عليها.. ومن بين جميع المؤثرات النظرية والعملية على السياسة والسياسيين وحركة الشعوب ليس هناك مؤثر واحد أقوى من فكرة متسيدة على عقل وخيال الإنسان منذ عرف الحياة في جماعة، وهي فكرة المجتمع الذي نريد.. فعلى ضوء صورة هذا المجتمع المنشود يقدم أهل النظر نظرياتهم، ويتصدى القادة والساسة لقيادة مجتمعاتنا وسياستها.. وكذلك على ضوئها يخلص الناس العاديون لهذه المدرسة أو تلك، ولهذا الزعيم أو ذاك، ويبذلون الوقت والمال والعرق والدماء وأحياناً المهج في هذا الإخلاص.. فإلى هذا الحد يسيطر هذا التصور النظري للمجتمع الذي نريد على البشر وتاريخهم. ويضيف الأستاذ سيد الخطيب في تقديمه لرسالته الموجزة عن «صنع التغيير» التي أعدها كمقدمة في نظرية التغيير الاجتماعي منذ مطلع النصف الثاني للقرن العشرين الميلادي الماضي.. إن المجتمع الذي يعي أن الفكر المتضمن في تصوره لما يريد والخيال الإنساني الذي يشارك في صنعه بدرجة كبيرة، كلاهما أمور في غاية الأهمية في تقديرها وتمحيصها وإحكام صياغتها وتكميلها يسعى بهذا الوعي إلى أن يأمن من خطر الافتراسالبطئ، وذلك لأن العالم لا يخلو من قائد طامح.. وشعب طامح لأن يتولى هذه المهمة عن الشعوب التي تهملها وتقصر فيها، لكنه عندما يتولاها لا يقدم خبرته وتاريخه هدية للشعب اللاهي المنصرف عنها، بل يتولاها لمصلحته هو..