دائماً ما يكون نجاح الجماعة في الوصول لأهدافها وغاياتها، وخصوصاً عندما تكون الأهداف والغايات هي بناء الأوطان والأمم على أساس العدل بين الناس والذي يحُضُ عليه دِيننا وقرآننا وسُنة رسولنا ونبينا صلوات الله عليه وسلامه، دائماً ما يكون النجاح مرتبطاً بالقيادة القدوة. ولنا فيه صلوات الله عليه وسلامه قدوة وأيُّ قدوة! أيْ أنه كلما كانت القيادة واعية مدركة لأهدافها ومهامها، في كيفية نيل وتحقيق مراميها يكون الوصول للنجاح هين سلسٌ مهما كانت العوائق والمتاريس التي على الطريق. ويكون بذل الجهد والاجتهاد والسهر والعرق والدم متعة لا تضاهيها متعة في سبيل تحقيق الأهداف السامية الجامعة للكل دون محاصصة أو مخصصات وحوافز أو مسميات تُعلِّي البعض على الآخرين وتميزه بمسمى لا معنى له في الواقع! سوى أنه تمييز غير إيجابي قد يتمثل في حُجرة ذات تكييف وأثاث وثير وقلم للتوقيع قد يُوقِعُ بصاحبه في دركٍ سحيق. لذا لا بُد لمنْ يتصدي للقيادة أن يكون ملماً بمتطلباتها إلا والتنحي أفضل وأكرم من تسنُم مواقع ومناصب لا جدارة ولا كفاءة له بإدارتها، ومن قال لا أعلم ولا أعرف فقد أفتى. خيرُ من أن تدُلَّ عليه أفعاله التي هي دون موقعه القيادي، فتكشف ضعف قدراته بل وهوانها إزاء موقعه الذي وجد نفسه فيه دون أن يوجف عليه خيلاً ولا ركاباً سوى الانصياع وإلغاء العقل وإظهار الطاعة وضحكات صفراء تنم عن الخبث وسوء الطوية ! وهي غايات النفس الدنيئة في المحافظة على موقع وميزات مُتخيَّلة عبر محاولة إرضاء المسوؤل الأعلى بكل الطرق بما فيها إدعاء المعرفة وسرقة أفكار وجهود الآخرين حتى هدر الكرامة وعزة النفس! أعود، لمن يتصدى للقيادة ومتطلباتها أن يكون ملماً بكل فنونها ولا أحصرها ودون ترتيب أقول: هي الشجاعة والفراسة ورجاحة العقل وحصافة الرأي والحسم مع إجادة الإدارة وضِمنها الإحساس بمن تصديت لقيادتهم ومشاركتهم، لن أقول في كُل شيء إلا أنه التنوير الذي يعطي العضو أو المنتمي إحساساً بالرضا وأنه فاعل ويعرف ما يجب عليه في الحد الأدنى عن تنظيمه أو جماعته التي ينتمي إليها، وأن تكون الجماعة بكل مسمياتها ووظائفها رحماء بينهم أشداء على غيرهم كالجسد الواحد يتداعى له الآخرون إن أصابه سوء ولا يَتَأتَّي هذا إلا بمعرفة أحوال بعضهم البعض ليس في الظاهر العام وإنما في بيوتهم وعلى امتداد أسرهم الصغيرة والكبيرة وإن غابت مثل هذه الروابط بين أبناء الوطن الواحد أو التنظيم أو الحزب أو الجماعة فلا أظن أنهم يصيبون خيراً!! وعلى الكوادر والقواعد مراقبة القيادة في غير تَصيُّد للأخطاء وذلك حتى لا تَحِيد عن الطريق المرسوم ويدخلها الاستبداد! فالسلطة والجاه وقعهما على النفوس شديد وقد يؤدي بالسلطان أو الآمر إلى الاستبداد، وهو آفة السلطة المستقيمة. وقديماً سُئل فِرعون عما أوصله إلى ما وصل إليه من الاستبداد والصلف والغرور، فقال: لم يجرؤ أحدٌ بأن يقول لا!