إنه «الضرع».. والعالم «زرع وضرع» تخيل كم شركة عالمية تعمل تحت إمرة «الضرع»؟! وتخيل كم من الأطباء والمختصين والرعاة والمزارعين والمنتجين والمستثمرين، وكم من التجار والمصدرين والمستوردين والشركات والبنوك والآليات والعربات والطائرات والثلاجات و..و.. و... كلها كيفت أوضاعها وربطت نشاطها وأعمالها بفضل ذلك «المصنع الصغير» الذي يسمى «الضرع».. فأية معجزة إلهية هذه؟ ندخله أولاً لنتعرف عليه.. ولكن قبلها نستمع إلى صبية صغار يتسامرون.. ويسأل أحدهم الآخرين ليجيبوه على لغز بلدي قائلاً: «سيفي سليتو.. عرب وعجم ما برجعوه بيتو»!! وحينما يفشل أقرانه في الحل، يجبيهم هو قائلاً: «إنه الحليب، فالحلاَّب حينما يحلب البقرة فإن اللبن يخرج من «الضرع» كهيئة السيف في شكله، من حيث البياض والطول والرقة». لكن طرفة اللغز تكمن في انه ما من كائن على وجه الارض بقادر على اعادته للضرع مرة اخرى!! الضرع هو غدة ذات افراز خارجي يتألف من «18» قسماً لإنتاج اللبن مدفونة في الدهن والانسجة الضامة، وتكثر فيها الاوعية الدموية والقنوات الليمفاوية والاعصاب، وكل قسم يتكون من آلاف الانسجة الكيسية التي تفرز اللبن والمحاطة بخلايا الظهار العضلية التي تصب في القنيات ثم القنوات ثم الجيوب المنتجة للبن التي تنتهي في إحدى مسامات الحلمة. والتي تصب داخل الحلمة الكبرى، والغدد الثديية هي التي تنتج اللبن لكن الكثير من مكوناته يأتي من أنسجة اخرى من الجسم خاصة الدم والأمعاء. الله سبحانه وتعالى يقول: «وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين» النحل «66» صدق الله العظيم. ورسولنا الكريم عليه افضل الصلاة واتم التسليم في حديث الإسراء والمعراج اختار اللبن حينما خُير بين ثلاثة اللبن والماء والخمر. فقال له جبريل عليه السلام: «اصبت الفطرة». وبعض الدول وفي مقدمتها هولندا تعتمد اعتماداً كاملاً في اقتصادياتها على الالبان ومنتجاتها، وحتى في تربية ابقارها، وقد تطورت تطوراً تقنياً مذهلاً في هذا المجال، ونجلس نحن تحت ظل شجرة لشاي العصر، والشايقي يقول لنا: «اذا شاي بي لبن اسكت كب»، وفي تقديرنا الكبير لمن نحبه نكنيه بي :«العشا أبو لبن».. حتى في مناسبات الأعراس كان الفأل الحسن أن «يبخ» العريس العروس باللبن، وفي أهازيجنا: يا طالع الشجرة جيب لي معاك بقرة، حلابة العشرة، تحلب تعشيني ، بي معلقة صيني .. المعلقة انكسرت انا مين بربيني»؟! ويبدو أن ملعقتنا انسكرت حقاً!! ومصانع العالم تجود على شعوبها بألبانها منها الكامل الدسم والخالي، واجبانها بالآلاف منها الرومي والمضفر والاريش، وهنالك في فرنسا فقط «370» نوعاً من الاجبان، ويقال أن شارل ديجول قال مازحاً كيف يمكنه حكم بلد به «370» نوعاً من الجبنة والاذواق؟! وهنالك من الجبن القاسي والمطري ومنها الصلبة و«الشيدار» والايدام» و «الجودا» وتشتهر به سويسرا، و«البارميسان» وهناك نصف الصلبة «الركفور» و«الجور جنزولا» .. الخ الانواع، أما العربية فمنها جبن «قريش» خالية الدسم وجبن «مجدول»، وفي سوريا جبن «براميلي»، وفي مصر «الحلوم» و«الجبن الدمياطي».. والانواع في انحاء العالم لا تحصى، ولو حاولنا ان نعدد ونحصي انواعها في العالم لما استطعنا، وعندما في السودان نعشق فقط الجبن المضفرة والرومي، ولكننا في العموم نكتفي بالجبن العادي. كل ذلك يخرج من خير وعطاء ذلك المصنع المعجزة الصغير الذي يغذي العالم والمسمى «الضرع»!! ثم يستخلص من خيرات «الضرع» اهم الوجبات العالمية واكثرها صحة الا وهو الزبادي، ومنه المشكل بالفراولة وطعم المانقو والكرز فهو عندنا من «الروب» وهو ما نعرفه جيداً في السودان.. بل اننا نموت في «ملاح الروب».. وأما الايسكريم فحدث بما يسيل له اللعاب، فمنه ما لذ وطاب.. ثم تختار اجود انواع القشطة.. فقد تفضلها بالمربة او العسل، واذا اردت ان تطهو طعامك بالسمنة خالصاً فإن المولات تنوء بكثرة أسمائها وانواعها وشركاتها. كل ذلك يوفره لك مصنع صغير غاية في الدقة والاعجاز إنه «الضرع»!! نحن في السودان نملك ملايين الأفدنة بل اننا نملك «الزرع والضرع». واذا اكتفينا فقط بما ينتجه «الضرع» فإننا تكون بذلك قد امتلكنا وجبة غذائية متكاملة. ذلك لما يتفوق به اللبن على سائر الغذاءات في العالم. ورسولنا الحبيب يقول: «من أطعمه الله طعاماً فليقل: اللهم بارك لنا فيه وارزقنا خيراً منه، ومن سقاه لبناً فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، فإني لا اعلم ما يجزي من الطعام والشراب إلا اللبن» صدق الرسول الكريم. اللبن ذو قيمة غذائية عالية، يفي بالاحتياجات الغذائية بصورة متوازنة، ويحتوى على المواد الغذائية الأساسية الضرورية للجسم لكل الأعمار. ومن مزاياه انه: 1/ يجعل البشرة متوهجة. 2/ يقوي العظام والأسنان. 3/ يقلل من التوتر. 4/ يجعل الجسم سليماً. 5/ يعمل على تعزيز المناعة لاحتوائه على فايتمين «B2» مع خالص أمنياتنا لك بدوام الصحة والعافية يا «العشا أبو لبن».