تساءل محدِّثي المستثمر الأجنبي بعد حديث طويل... وهل اُستُشرنا قبل أن تقرِّر الحكومة منح العاملين ما يقارب نصف الشهر عطلة لعيد الأضحى؟! وحقّ له أن يسأل وأن يحتج فقد جاء بأمواله إلى بلاد مُتثاقلة يقول مثلها الشعبي «ضُل الضحى يطيل العمر»!! وبدلاً من استنهاض الأمة وإيقاظ قِيم العمل وأخلاقياته في شعب يتندّر العالم بالحق أحياناً وبالباطل في أحايين كثيرة من تعامله مع الوقت تربت الحكومة على كتف شعبها لكي يُطيل النوم ابتغاء إحداث النهضة التي رفعوا شعار استكمالها!! ولكي يستمر في زحزحة العنقريب إلى أن ينقضي ضل الضحى فيدخل صاحبه المتثائب إلى داخل البيت ليكمل نوم الليل الذي لم يكفِ لإزالة النعاس خاصة وأن نوم الليل لا يُطيل العمر!! على كلٍّ أكاد أجزم أنه ما من بلد في الدنيا «استمتعت» بعطلة عيد بطول ما تكرَّمت به علينا الحكومة وعجبي ليس في أن يُمنح العاملون في الحكومة كل هذه الأيام ولكن في أن يُكره القطاع الخاص الميت أصلاً في بلادي على هذه الإجازة الطويلة، والسؤال المنطقي هو: لماذا تقرِّر الحكومة للقطاع الخاص الذي يُعتبر في العالم أجمع المحرِّك الأساسي للنهضة والتطور والتنمية؟! سيشب أحدهم في حلقي ويقول إن القطاع الخاص ليس ملزماً بتطبيق قرار الحكومة لكن هل هذا صحيح؟! أروني بنكًا «خاصاً» واحداً قرر أن يخالف قرار الحكومة!! ثم هل تدفع الحكومة للقطاع الخاص تعويضاً عن أجر اليومين عن كل يوم يعمل فيه القطاع الخاص خلال فترة العطلة الرسمية؟! القضية هي أنه لا يستطيع صاحب عمل خاص أن يقاوم حالة الشلل التي يُحدثها قرار الحكومة فيضطر الجميع إلى الانصياع إلى حالة الخمول التي تكتنف البلاد وتُحيلها إلى موات!! عندما اخترتُ عنوان المقال قصدتُ أن أقول للبلدوزر كمال عبد اللطيف إنك تنفخ في قربة مقدودة فبين الفينة والأخرى أتلقّى من وزارتكم رسائل «استنهاض» عبر الهاتف تحضُّ على إعلاء قِيم وأخلاقيات العمل وتربط بينها وبين الدين بشكل جذّاب وهل جاء الإسلام إلا لعمارة الأرض وفق منهج الشريعة عبادةً لله وتقرباً إليه؟ لكن.. هل يحدث التغيير إلا عبر منظومة متكاملة من القوانين والقِيم والسلوك تقوده الدولة بكاملها بقطاعها العام والخاص وهل تقوم الحكومة إلا بتنظيم تلك المنظومة بشكل دقيق يعضِّد بعضُه بعضاً بحيث لا يخرج عن سياقها العام خارجٌ أويشذ عن ماكينتها «مشاتر»؟! أين وزارة العمل النائمة في العسل؟! تلك الوزارة التي تشرِّع لتوظيف الأجانب من خلال استصدار القوانين التي تجعل صاحب العمل زاهداً في توظيف «العطالة» السودانيين حتى لا يرهقوه بالشكوى في مكتب العمل كلما اتخذ قراراً يضبط به العمل في مرفقه؟! إنها قوانين الاتحاد السوفيتي الهالك لا تزال تُمسك بخناق بلادنا حتى بعد أن تحرّر منها أرباب الشيوعية بعد أن حطّمت بلادهم!!