سألت ابني الذي يدرس القانون بالمستوى الأول في الجامعة هل القانون في رأيك يحقق العدالة فكان رده عليّ بعد أن أخرج زفرات حرى تشبه زفرات أستاذنا الطيب مصطفى قال لي: (مفروض). مفروض القانون يحقق العدالة ومفروض القانون يكون مثل الميزان الذي تتخذه وزارة العدل شعارًا لها وهو الميزان الذي يكون في يد القاضي وتوضع البينات في كفتي الميزان ويكون الوزن بالقسط والصراط المستقيم حتى لا يظلم أحد ولا يكون الاعتماد على وجهة نظر دون أخرى.. وعندما سأل أحد البدو من قبيلة المسيرية أخاً له عن قضيته في المجلد ماذا فعلت فيها؟ وهو قد رآه في الخرطوم في مجالس الأنس ومؤتمرات المؤتمر الوطني رد عليه بالقول أجرت لي مغلاتي... والمغلاتي المقصود به المحامي وربما كان هذا الرجل مطمئناً عندما ترك مظلمته لرجل قانون يقوم بحفظ حقه له وكذلك الشعب عندما تظهر قضية فساد أو سطو على المال العام كالذي حدث في شركة الأقطان ينظر إلى المحامي العام لوزارة العدل ووزيرها المسمى بالنائب العام لكونه ينوب عن الشعب وليس فقط هو محامي الحكومة كما يقول البعض. إن قضية الأقطان هذه قد تكررت المشاهد حتى أصبحت مثل ألف ليلة وليلة من بين فصولها ما جاء به وزير العدل في خطابه للبرلمان في هذا المشهد كأن وزير العدل يريد أن يقول لنا هذه قضيتكم خذوها وأفعلوا بها ما شئتم.. طيب نحن الشعب صاحب الحق ماذا نفعل في القضية هل نلجأ لمحكمة العدل الدولية مثلاً أم نبحث عن العدل في البرلمان وهو أحوج ما يكون لهذا العدل والنواب يستمعون لوزير العدل الذي زادهم حيرة وزادوه حيرة ولم يجد منهم غير التصفيق وهم يتصورون أنفسهم أنهم قد قصموا ظهر الفساد وقطعوا دابره عندما يستجوبون وزير العدل أو أي وزير آخر فقد كان دوسة بطل تلك الجلسة البرلمانية اليتيمة، ولكن أين العدل يا وزارة العدل هل هو في التحكيم الذي دبره المحامي عبد الباسط سبدرات وزير العدل السابق والمستشار القانوني لشركة ميتكوت وهو الذي دبر أمر التحكيم بليل كما دبر الشيوعيون انقلاب 25 مايو 1969م وأخذوا يدافعون عنه ويتغنون له عشقاً وحباً ومن الحب ما قتل فقد كان وبالاً عليهم. أين العدل والتحكيم الذي قام بتدبيره المحامي عبد الباسط سبدرات كان بعلم وزارة العدل وقد حاولت منعه حسب إفادة الوزير محمد بشارة دوسة ولكن التحكيم مضى بكل حيثياته المخجلة ولم تتصدَ له وزارة العدل إلا بعد أن لحقت ثلاثة مليارات من الجنيهات بسابقاتها من المليارات الدولارية التي ضاعت من شركة الأقطان بعدة طرق من بينها تهرب المزارعين من الشركة بعد إحساسهم بضعفها وبيع هذه الأقطان في الأسواق بعيدًا عن الشركة ولمن لايعلم من القراء فإن الميارات الثلاثة هي الأتعاب التي تقاضاها أعضاء لجنة التحكيم المزعومة وهم المحامي زمراوي والمحامي سبدرات والقاضي عبد الله أحمد عبد الله الرئيس السابق للمحكمة الدستورية. إن الشعب السوداني كان يريد قضية للأقطان يقف في مواجهة المتهمين فيها مستشار قانوني بوزارة العدل ليس له غير راتبه الشهري الذي تدفعه له الدولة وعندما ينتصر يكون قد انتصر للعدالة ومحاربة الفساد واسترداد المال العام هذا المستشار ينتصر للعدالة التي وهبها وقته وجهده وعلمه سواء تخرج في جامعة الخرطوم كما تخرج سبدرات أو تخرج في جامعة أم درمان الإسلامية كما تخرج وزير العدل مولانا دوسة المهم هو تحقيق العدل ولو خسرت شركة الأقطان القضية وربحت ميتكوت القضية فليس هناك ما يمنع طالما هذه هي العدالة وهذا هو حكم المحكمة الذي قضت به من غير مؤثرات خارجية أو ضغوط من أي مكان أتت هذه الضغوط وما علمته أن وزير العدل دوسة أنه لم يذكر كلمة ضغوط في حديثه للبرلمان فمن أين أتت هذه الكلمة التي لاينبغي لوزير العدل أن يذكرها ولو كانت موجودة بحق وحقيقة لكونه ليس هناك ما يجبر وزير عدل أو يضغط عليه. وما يجب أن يضاعف من جرم شركة الأقطان ومديرها لكونهم رضخوا للتحكيم وليس هم في حاجة لهذا التحكيم ولا لعب مباراة غير متكافئة، فالشركة هي شركة الحكومة والحكومة هي من تدافع عنها ممثلة في وزارة العدل التحكيم في أجل ماذا ولماذا ومن أجل من؟ لماذ تدخل الأقطان في هذا التحكيم والقضية هي في الأصل قضية جنائية والجهة التي تبت فيها هي المحاكم وإن كانت هناك محكمة فكيف سمحت المحكمة بخروج هذه القضية للتحكيم وهي قيد النظر.. إن وزير العدل مطالب بأن يضع هذه القضية في مسارها الصحيح وهذا هو مطلب الشعب صاحب الحق الذي يعلو ولا يعلى عليه.