لم يستطع ذاك الشيخ السيطرة على دموعه وهو يرى الفرحة تنساب وسط العديد من الأسر التي لم تسعفها الظروف الاقتصادية لشراء خراف الاضحية هذا العام، وفرحة الشيخ كانت لكثير من الأسباب ولكن في مقدمتها الروح التكافلية التى يعيش بها أهل قرية السليمانية غرب بالريف الجنوبي، هذه القرية التى استطاعت لجنتها الشعبية التي يقودها نفر من الشباب الغيورين المخلصين جمع بعض المال وشراء «أربعة عجول» ووزعت لحومها على الأسر التي لم تحالفها الظروف لشراء اضحية هذا العام، بل ذهبت اللجنة أبعد من ذلك وهي تضحي عن تلك الاسر بكبش أقرن اقتداءً بسنة الرسول الأكرم سيدنا محمد «ص» الذي ضحى عن أمته. وما فعلته اللجنة الشعبية بقرية السليمانية غرب ليس غريباً على أهل تلك الديار، فالريف الجنوبي بأسره وكذلك الشمالي عُرف اهله بالجود والاقدام والشهامة والمروءة وغيرها من الصفات الحميدة التي يتمتع بها أهلنا الجموعية في جميع بقاع السودان، والتاريخ يسجل لهم ذلك منذ الزبير باشا ود رحمة مروراً بفرسانهم الذين كان لهم الضلع الأكبر في نجاح الثورة المهدية وفتح الخرطوم، حيث ساهموا في ذلك بخيلهم وفرسانهم ومالهم وعتادهم، وامتداداً لتلك الصفات كان هذا الجيل من أهلنا الجموعية الذين يسطرون في كل يوم حرفاً جديداً في مفردات الكرم والشهامة والمروءة والاقدام، وما فعلته اللجنة الشعبية بالسليمانية غرب ليس غريباً على أهلهم في القرية وهم الذين يعيشون في تكافل فاق التصور في كل شيء، فحتى مؤسساتهم الخدمية قامت بهذا التكافل بدءاً بمدرسة السليمانية غرب التى خرجت أرتالاً من الرجال منذ زمن بعيد، والمركز الصحي الذي بدأ العمل فيه ولكنه لم يكتمل بعد و.. و.. وكثيرة هي الأشياء التى قامت في هذه القرية الصامدة بتكافل أهلها الطيبين، ونرجو أن يكون للأخ معتمد أم درمان دور مقدر في هذه القرية التى تمثل نموذجاًَ لجميع قرى الريفين الجنوبي والشمالي، حيث هذه القبيلة التى شهدت الكثير من الظلم والإجحاف متمثلاً في عدم توفر الخدمات لإنسانها، وهم الذين فتحوا ديارهم لكل الوافدين لخرطوم الفيل، ولم يبخلوا بأرضهم لتشيَّد عليها الصروح الاتحادية الضخمة، في مقدمتها مطار الخرطوم الجديد، ونرجو أن تلتفت محلية أم درمان لهذا الريف وتوفير الخدمات الضرورية لأهله، وهم كفيلون بإتمام الباقي بتكافلهم كما فعلت اللجنة الشعبية بالسليمانية غرب في هذا العيد المبارك.