يقول المولي عز وجل : وجعلنا من الماء كل شئ حي . ظلت كردفان وخاصة ما يعرف اليوم شمال كردفان تعاني من العطش ويج وما زالت خاصة في زمن الصيف الذي تسيح له النوافيخ، ويجعل الأمخاخ كالفسيخ فإذا كان الماء هو مصدر الحياة وقد فشلت كل الحكومات التي مرت علي السودان من توفير المياه حتى في حاضرة الولاية أي مدينة الأبيض فما بالك بأطرافها النائية التي ضربها الجفاف والتصحر ضرب غرائب الأبل وهجرها أصحابها فأصبحت أثرا بعد عين . في أيام الدراسة الجامعية بكلية الهندسة جامعة الخرطوم كانت تجلس في المقعد الذي بيميني زميلة من أسرة أم درمانية عريقة . وقد كانت الإجازة علي الأبواب والشبابيك. سألتني ببراءه ... أين ستذهب في الإجازة الجايه ؟.. ... سأذهب الى البلد طبعا .. بلدكم وين ؟... قلت لها بلدنا كردفان .. ... ما سمعت المثل البقول ( كردفان الغرة أم خيرا جوه وبره ) ... ولا ما سمعتي الأغنية البتقول ( شوف جمال السودان في بلدنا كردفان ).. ... ما سمعت بيهم لكن سمعت إنو فيها عطش شديد .. لدرجة إنو الواحد لمان يكونو عايزين يحلقو ليهو شعرو يقولو ليه أجري .. يقوم يجري مسافه طويلة جدا لحدي ما يعرق والعرق يبل ليه شعرو ويقومو يحلقو ليه ... ... قلت ليها صاح عندنا الناس بتطبخ بموية البطيخ وبرميل الموية بالشي الفلاني .. لكين ما تخافي لو سافرتي معايا لو مافي موية حنسيقك من دمانا حتى تتكفي. هنا شعرت الزميلة بأنو الموضوع جرا وقرب يدخل في اللحم الحي فقررت أن تحسم أمر هذا القروي .. فقالت مستنكرة : ... هي لكين أنا ما من مصاصي الدماء ... وهنا دخل المحاضر .. أو طلع الصباح فسكتنا عن الكلام المباح .. وتمثل الدوانكي مركز الحياة والإستقرار عند القرويين ويأتي الناس من القرى البعيدة بأسرهم وحيواناتهم ليسكنوا قرب الدونكي ويشيدو لهم مساكن مؤقتة من الشمل أو البروش أو القش ويسكنوا فيها حتي يحين الخريف فيعودو لقراهم الأصليه .. ولذالك يعتبر كاتب الدونكي من الشخصيات الهامة في البلد وكل الفريق الذي يعمل معه من غفراء وميكانيكيه يعتبرون من الشخصيات الهامه . والعلاقات الأسريه بينهم علاقات قويه وضاربه في الجذور. يحكي أن كاتب الدونكي سافر للأبيض لتسليم العهده ومقابلة المسؤلين وعندما عاد من المدينه اشترى بعض الهدايا لأسر العاملين معه وكان التوب من نصيب إبنة الغفير .. ولكن هذه الهدية أثارت الغيرة في قلوب حسان الحي ،وقد إنتهزن أول مناسبة عندما ولعت الصفقة وتجمع الناس حول حلقة الجراري .. وفيها تشكل البنات نصف دائرة والأولاد يكملون النصف التاني والبنات يصدحن بالغناء والصفقة والرقيص بينما يقوم الأولاد بالكرير بصوت يخرج من الحلق بإيقاع منتظم مع الصفقه والغناء . والأغنية تتكون من بيتين والبنات ينقسمن إلى مجموعتين مجموعة تردد البيت الأول ومجموعة تردد البيت التاني وفي معظم الأحيان يتم تأليف الأغنية أثناء الحفل أو قبله بقليل .. صدحت المجموعة الأولي المغيوظة من بت الغفير والهدية المقدمة لها من كاتب الدونكي والذي هو صديق أبوها فقلن : التوب البي نجوما .................. خسارة في البومه فردت بنت الغفير ومجموعتها في الحال ببيت شعر الفنه في نفس اللحظة وبنفس السياق ... لو إنت مظلومه ................. نييي زاتي الحكومه وهكذا أفحمت صويحباتها بهذا البيت الذي ألفته في نفس اللحظة فهي الحكومة لأن الحكومة عندهم هي غفير الدونكي الذي هو أبوها وكاتب الدونكي الذي هو صديق أبيها ...