على الجهة الغربية من مدينة الدمازين توجد أكبر المشروعات الزراعية في ولاية النيل الأزرق وربما في السودان بصفة عامة، حيث توجد محلية التضامن التى تروى مشروعاتها الزراعية بالري المطري وتدعم سنويا الاقتصاد السوداني بالعديد من المحاصيل الزراعية، وخصوبة أرض محلية التضامن هو الذي أجبر الشركة العربية للاستثمار الزراعي على اختيار «أقدي» مقراً للشركة وأجزاء كبيرة من التضامن للزراعة والاستثمار فيها. وتعتبر أقدي هي أقرب منطقة لمدينة الدمازين عاصمة الولاية حيث لا تتجاوز المسافة بينهما الثلاثين كيلو متراً، ولكن أهل أقدي يعانون كثيراً من رداءة الطريق الذي فشلت الشركة العربية في تعبيده واكتفت وزارة الزراعة الاتحادية في وقت سابق بقطع العهد بسفلتة طريق الدمازين أقدي لأهميته الاقتصادية الكبرى، ولكن الهم الأكبر لأهل أقدي في السابق وكثيراً هذه الأيام ليس الطريق وإنما انعدام مياه الشرب بعد جفاف الحفير الذي يمتلئ بالأوساخ ويحتاج للكثير من العمل قبل حلول فصل الخريف، ورغم سوء الحفير على الأقل حتى الآن إلا أن مواطني أقدي يبحثون عن قطرات المياه للشرب وليس لسقاية ماشيتهم الكثيرة التي تعتبر من أضخم الثروات الحيوانية، وخلال الأيام الماضية تراوح سعر برميل المياه بين خمسة وعشرين إلى ثلاثين ألفاً، ومع ذلك ليس موجوداً رغم تدخل حكومة الولاية والتوجيه بإرسال أربعة تناكر مياه يومياً لأقدي وبيع البرميل بسعر عشرة جنيهات، «الإنتباهة» وقفت على معاناة أهل أقدي في حصولهم على مياه الشرب ووثقت لذلك بالصورة التي لا تكذب ولا تتجمل ورأينا أطفال اليوم وشباب الغد وهم يبحثون عن قطرات المياه.. ورأينا أطفال المدارس وهم يقصدون سبيل أحد الخيرين في سوق أقدي لابتلال عروقهم بعد «نصف يوم دراسي» حافل بالتحصيل. إن محلية التضامن تكتسب أهمية اقتصادية وسياسية وأمنية لكل السودان وليس لولاية النيل الأزرق فقط، باعتبارها المحلية الحدودية مع دولة الجنوب ووجود معظم المشاريع الزراعية فيها إلى جانب خصوبة أرضها وضخامة ثروتها الحيوانية، وكل هذه العوامل تجعل من التضامن مهمة لكل السودان وليس للنيل الأزرق فقط، وانعدام مياه الشرب في هذه المحلية له العديد من المخاطر التي تتمثل في احتمال هجرة المواطنين للمحلية بحثاً عن المياه، هذا إلى جانب احتمال حدوث خلافات بين بعض سكان المحلية من أجل الحصول على المياه وغيرها من المخاطر التي يحتمل حدوثها بسبب انعدام المياه في أقدي وشحها في بقية مناطق المحلية، وطالب عدد من مواطني المحلية الحكومة المركزية بضرورة حل معضلة المياه جذرياً وذلك من خلال إيصال المياه عبر أنبوب من النيل، وقالوا إن عجزت الدولة عن فعل ذلك فعليهم إيجاد مكان آخر لترحيلنا إليه. وفي هذه الحلقة فضلنا أن نجعل الصورة هي التي تتحدث، وفي الحلقة المقبلة سنستعرض الكثير من الحديث مع كل الأطراف لتوضيح الرؤية حول مشكلة المياه في التضامن بصورة عامة وأقدي على وجه الخصوص، خاصة وأنها واحدة من المحليات التي تنعدم فيها المياه الجوفية.